روما، الثلاثاء 24مايو 2011 (ZENIT.org).- لكي تستطيع البلدان الأقلّ نموًّا أن تسيرَ نحوّ التطوّر، لابدّ من مساعدتها بروح التضامن والمجانيّة. هذا ما أكّده رئيسُ الأساقفة سلفانو ماريا توماسي، رئيس وفد الكرسي الرسولي، بمناسبة انعقاد المؤتمر الرابع للأمم المتحدة الذي يدور حول وضع هذه البلدان، والذي أقيمَ في أسطنبول (تركيا) من 9 إلى 13 مايو.
وقال الأسقف إن البلدان الأقلّ نموًّا “لا زالت تواجهُ تحدّياتٍ كبيرة بينما تبحثُ عن الموارد وتحاول السير نحو التطوّر من أجل مواطنيها”.
وأشار بالقول: “لا توجدُ صيغة بسيطة لتحقيق هذا المبتغى، بل يمكنُ لوعد التضامن أن يكون قاعدة لتجديد التزام أولئك الذين كرّسوا ذواتهم لمواجهة هذه التحديات منذ عشرات السنين، ومرشدًا للعاملين الجدد في هذا المجال”.
في هذا السياق، أضافَ رئيسُ الأساقفة، يتوقعُ الكرسي الرسولي خطّة جديدة للعمل من أجل البلدان الأقلّ نموًا في العقود القادمة. واشار بأنّ “مستقبل رفاهية هذه البلدان يعتمدُ بدرجةٍ كبيرة على روح المجانيّة التي تدفعنا على تحقيق جهودٍ مشتركة”.
نموّ إنساني متكامل
وركّز المونسنيور توماسي في مداخلته على ثلاثة جوانب، الأول “يتعلق بأعمدة النموّ الإنساني المتكامل”.
“إذا أردنا الحصول على نتائج تدومُ طويلاً، فلابدّ من وجود بنية متكاملة للنموّ العالمي”، حيث تحدّدُ العقيدة الاجتماعية الكاثوليكية أعمدتها في “احترام الكرامة الإنسانية؛ رعاية حقوق الإنسان؛ المحافظة على الخليقة؛ المشاركة الجماعية؛ التعاون والتضامن”، ويُضاف إلى كلّ ذلك “التعليم، استغلال الموارد الطبيعية، الزراعة، الصناعة، التجارة، الخدمات المالية، البنى التحتية والتكنولوجية”.
وصرّحَ الأسقف: “إنّه أمرٌ إلزامي أن تقود هذه الأعمدة جهودنا من أجل الوصول إلى نموٍّ يكونُ متكاملاً وإنسانيًا في عمقه”.
ويتناول الموضوع الثاني نوع النموّ اللازم لتحقيق “نموّ إنساني متكامل”.
في أغلب الأحيان، أشار رئيس الأساقفة، “استخدامُ المقاييس الكميّة والمعايير الاقتصادية لقياس الواقع كالانتاج الداخلي الإجمالي أو تبني أفق ضيّق لنموّ الأسواق الماليّة، لا يستطيعُ أن يفسّر تمامًا معنى أن نكون بشرًا، ولا يأخذ بالأعتبار البُعد المتسامي للشخص البشري ولا ما يستلزم لنموّه الكامل”.
إنّ النموّ الذي يعزز “النموّ الإنساني المتكامل” إنما “ذلك الذي يتضمّن الأعمدة الآنفة الذكر والتي تُقيَّمُ على أساس ترقية النموّ والجماعات. إنّه أيضًا ذلك الذي يوفّرُ فرص عمل كريمة ويخفف من وطأة الفقر لعديد من البشر ويرعى البيئة”.
وقال: “إنّ نموذجَ نموّ يحتوي هذه الأهداف الثلاثة سيؤسس نظامًا اقتصاديًا وتجاريًا داخليًّا يحترمُ البيئة ويكونُ قادرًا على تحقيق النموّ”.
ومن بين العناصر الرئيسية لهذا النموذج، وخاصّةً في البلدان الأقلّ نموًّا، ذكر المونسنيور توماسي “إحياء القطّاع الزراعي وتوفير فرص عمل في مختلف القطّاعات القادرة على توظيف عدد كبير من الأشخاص القادرين على العمل”.
وشدد بقوله: “أيّ نموذج ملائم للنموّ لابدّ له أن يعترف ويقوّي الدور الأساسي للزراعة في النشاطات الاقتصادية، مخفضًا بذلك نسبة سوء التغذية في المناطق الريفية ويرفعُ نسبة انتاج الفرد بهدف تحقيق الاستقلال الغذائي، على الصعيدين المحلّي والدولي”.
أمّا الموضوع الثالث فتطرّق إلى دور الدولة في تحقيق “نموّ إنساني متكامل”، كما واصل الأسقف مشيرًا إلى تعددية العاملين في هذا المجال، حيث بإمكانهم “تقديم أبعادٍ مستقبلية وطرقٍ مختلفة للعمل، فيساهمون بهذه الطريقة وبصورةٍ فريدة في نموّ البلدان الأقلّ نموًّا”.
كما ظهر في الأزمة الماليّة لعام 2008، “لا يحتوي السوق بحدّ ذاته على العناصر التي تساعدُ على التصحيح الذاتي للأخطاء، إذ كان سيؤدي إلى إنهيار النظام المالي والاقتصادي لو لم تتدخّل الدول”.
“ولذلك جاء تصحيحُ نزوات السوق في اللحظة الأخيرة لصالح الشعوب”، وأضاف مع ذلك بأنّ “على الدول يقعُ واجبُ التدخّل لتجنّب هذه الأشكال من المعاناة”.
وختم المونسنيور توماسي بالقول: “بالعمل سويةً بطريقة منسّقة ومنظّمة، يستطيعُ العاملون في المؤسسات والقطّاعات، لا بل عليهم، أن يسندوا جهود جميع الدول الأقلّ نموًّا للوصول إلى أهدافها كأعضاء في عائلة بشريّة واحدة”.