العراق: الجماعة المسيحية مفجوعة بسبب القتل "اللاإنساني"

سبعة وثمانون، عدد المسيحيين العراقيين المقتولين عام 2010 بحسب المجلس الآشوري في أوروبا

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

روما، الخميس 26 مايو 2011 (ZENIT.org).- عثرت دورية للشرطة العراقية، يوم الاثنين 16 مايو في كركوك، على جسدٍ بلا حياة لشابٍ مسيحي، أشور عيسى يعقوب. وكانت جثة الشاب، الذي يبلغ من العمر 29 عامًا ومتزوج ولديه ثلاثة أولاد، مشوّهة بصورةٍ فظيعة.

وأفاد قائدُ شرطة كركوك، الرائد جمال طاهر باكر، لوكالة الأنباء الفرنسية (16 مايو)، بأنّ مرتكبي الجريمة انتزعوا رأس الضحيّة كلّه تقريبًا. وأكّد مديرُ قسم الصحّة في المحافظة، صادق عمر رسول، هذا الحدث المُظلم وأضافَ بأنّ جسد يعقوب كان يحتوي “علامات تعذيب وعضّات كلاب”. ونشرت وكالةُ الأخبار الآشورية العالمية مزيدًا من التفاصيل (16 مايو)، وبحسب قولها تمّ اقتلاعُ عيني يعقوب وقُطِعت أذناه. وكما لو لم يكفيهم كلّ ذلك، قام المختطفون بسلخ جثّة الضحية.

وتمّ اختطاف يعقوب، الذي كان يعمل في شركة بناء، قبل العثور عليه بثلاثة أيام، أي السبت 14 مايو في كركوك، المحافظة المشهورة بالنفط والواقعة ضمن اقليم كردستان على مسافة 250 كلم شمال العاصمة العراقية بغداد. وكان المختطفون، والذين ينتمون بحسب الشرطة إلى شبكةٍ إرهابية تنتمي إلى القاعدة، قد طلبوا من عائلة الضحية فدية مقدارها 100.000 دولار، إلاّ أنّ مصدرًا لوكالة آسيا نيوز (16 مايو) قال إنّ المفاوضات “لم تنتهي بصورةٍ مرضية”. وفي الحقيقة، فإنّ 100.000 دولار مبلغٌ ضخم جدًا في بلادٍ، بحسب وكالة الأخبار الفرنسية، لا يتجاوز فيه معدل الوارد اليومي لعاملٍ في شركة بناء أكثر من 21 دولارًا.

وحسب ما قاله راع إنجيلي لوكالة كومباس دايركت نيوز (18 مايو) ، فإن مجهولين توجّهوا قبل الخطف إلى مدير عمل يعقوب، وأجبروه بالتخويف لكي يقيل يعقوب عن العمل “لأنّه مسيحي، لكنّه رفض”. وبما أنّه مستثمرٌ غني ويصعبُ الوصولُ إليه – كما روى الراعي الإنجيلي الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسبابٍ أمنيّة – قاموا بخطف يعقوب وقتله.

من جهته وصف الأمين العام لوحدة الطلبة والشباب الآشوريين الكلدان، كلدو أوغانا، عملية القتل بأنّها “وحشية” و”جريمة ضدّ الدين والبلاد والإنسانية”، وأنّها هزّت الجماعة المسيحيّة. وأضاف: “إنّه وضعٌ خطيرٌ جدًا، فجميعُ الشباب يشعرون بفقدان الأمل”. رئيسُ أساقفة كركوك، المونسنيور لويس ساكو، استنكر بدوره حادث القتل في بيانٍ قام به كأولّ ردّة فعل له، قائلاً: “لا يمكنُ لأيّ إنسان يؤمنُ بالله ويحترمُ الحياة أن يرتكب جريمةً مثل هذه”، ووصفها بأنّها “عملٌ لاإنساني” حسب ما افادن به وكالة آسيا نيوز .

وعبّر رئيس الأساقفة عن قناعته بأنّ يعقوب أُختُطِفَ من أجل المال، كما شرح في حوارٍ على الهاتف مع وكالة كومباس دايركت نيوز، قائلاً: “تمّ اختطافه من أجل الحصول على المال. وهذا يحدث، ولكن عادةً ما لا يعذّبُ المختطفون أو يقتلون بهذه الطريقة”. وأضاف: “وكأنّهم حيوانات قتلوه فورًا لإرعاب ناس كركوك ولإبلاغهم رسالة بأنّهم إذا خُطفوا فعليهم أن يدفعوا المال”.

أمّا بالنسبة للنائب المسيحي عماد يوحنا من كركوك، فإنّ اختطاف يعقوب جاء بسبب انتمائه إلى الجماعة المسيحية. وبحسب يوحنا، كما أشار لوكالة اسوشييتد بريس (14 مايو)، يشكّلُ المسيحيون هدفًا “سهلاً” لأنّهم يدفعون الفدية دون اعتراض، على عكس القبائل العربية التي لا تتردد في استخدام السلاح لتحرير المختطفين.

وإن كان المونسنيور ساكو يشكّ في عمليّةٍ ضدّ المسيحيين، فإنّه يخشى مع ذلك أن يدفعَ هذا القتلُ الفظيع لأبِ، عائلة المسيحيين على ترك المدينة.  وقال رئيسُ الأساقفة لوكالة كومباس: “في كركوك قليلٌ من العوائل تركت البلاد، ولكنّي أعتقد بعد ما حدث أنّهم سيذهبون، لأنّه يبدو أمرًا جادًّا”.

ويهددُ حادثُ الاغتيال بازدياد تدفق هجرة المسيحيين غير المنقطع من العراق. وأكد تقريرٌ قام به المجلس الآشوري في أوروبا (1) – هيئة مستقلة تهدفُ إلى نقل أوضاع المسيحيين العراقيين إلى الاتحاد الاوربي – التقلّصَ الحادّ في عدد المسيحيين في البلاد.

فمنذ عام 2004 وحتّى عام 2010، أكثر من 60% من الآشوريين تركوا العراق بسبب الإرهاب والاعتداءات المستمرّة ضدّ أهدافٍ مسيحيّة. ومن بين ما يقدّر بمليونين، كان الآشوريون السريان الكلدان لا زالوا يشكّلون عام 2004 (أي بعد سنة من سقوط نظام صدّام حسين) ثالث جماعة في العراق من ناحية العدد. أمّا اليوم، كما يؤكدُ التقرير، فيتراوحُ عددهم بين 400.000 و 600.000.

وبحسب معطيات لجنة الأمم المتحدة للاجئين (ACNUR أو UNHCR)، فإنّ 13% من كلّ اللاجئين العراقيين المتواجدين حاليًا في سوريا، الأردن، لبنان، تركيا ومصر هم من المسيحيين. أما وكالة آينا فتقول إنّ أكثرَ من 40% من اللاجئين العراقيين في سوريا والأردن هم من المسيحيين. بالإضافة إلى ذلك، يبلغُ عدد المشرّدين في العراق 2,8 مليون، ويشكّلُ المسيحيون من بينهم نسبة 5%.

وكشف التقرير بأنّ (ما لا يقلّ) عن 87 مسيحي قُتِلوا في الفترة الممتدة من يناير إلى ديسمبر من العام الماضي، وهو معطى يجعل من 2010 العام الأكثر دمويًا بعد عام 2004 (115 ضحيّة). وسجّلت الموصل، ثالث مدينة في العراق، أكبر عددٍ من حوادث القتل الفردية، بينما سجّلت العاصمة بغداد أكبر عدد من المسيحيين المقتولين بسبب الهجوم الإرهابي الذي استهدف كاتدرائية سيدة النجاة للسريان الكاثوليك  في 31 اكتوبر الماضي.

ويستهدفُ جوّ عدم الاستقرار والتطرّف بصورةٍ خاصّة نساء وأطفال الأقليّات، والذين، بحسب منظمة الأقليّات العالميّة، يمثّلون “الشريحة الأكثر ضعفًا في المجتمع العراقي”. فعدم ارتداء الحجاب الإ
سلامي يعني مصيبة للنساء. وحسب ما يشيرُ تقرير المجلس الآشوري في أوروبا، لا يشعر النساء والشابات المسيحيّات حتّى في مخيمات اللاجئين بالأمان، فهنّ معرضات لتجارة البشر والاستغلال الجنسي أو يُجبرنَ على ممارسة الزنى.

وقال أوغانا “إنّ وضع المسيحيين في العراق معقدٌ اليوم” (كومباس دايركت نيوز)، وأضاف: “نخشى أن تكون الأيام القادمة صعبة بالنسبة لنا نحن المسيحيين”. ولكن هناك ما يدعونا للأمل على الرغم من ذلك.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير