القاهرة، الجمعة 16 سبتمبر 2011 (ZENIT.org). – مرة أخرى ، أزعم أن هذه التعبيرات متشعبة وغير دقيقة وتسبب لغطًا كبيرًا. وأنا هنا لست في مجال بحث عن تعريفات سياسية جديدة ، حاشى ، ولكني أنطلق من مبدإٍ كلنا كمصريين نعرفه وهو أن المصري بطبيعته إنسان مؤمن وأن الدين يلعب ، كما لعب في الماضي السحيق إلى يومنا هذا ، دورًا مهمًا في حياة المصري. فالدين بالنسبة للمصري ليس فقط الإيمان ، بل يشمل السلوك اليومي والعادات والتقاليد الاجتماعية. فمن الصعب فصل الدين عن الإنسان المصري ، كما هو صعب فصل الدين عن الدولة بمعناه الفرنسي. ولكن هذا ليس معناه أني أدعو لدولة دينية ، ولكني أدعو “لدولة مؤمنة” أي:
1. لا تفريغ للمجتمع من “الله” الذي يعبده الجميع مسلمين ومسيحيين ويهودًا.
2. بل ترسيخ المبادئ الروحية المشتركة في جميع الأديان ، والتي يؤمن بها الجميع ، حتى ننمو بمجتمعنا نموًّا صحيحًا بعيدًا عن الانغلاق والتعصب وإقصاء الآخر.
وفي الوثيقة “الإيمانية” المشتركة التي أدعو إليها ، علينا أن نؤكد فيها على عدة مبادئ يتوافق الجميع عليها:
1. إن صاحب السلطة في مجتمعنا المصري هو الشعب وليس الحكام من ناحية أو رجال الدين بتفاسيرهم المختلفة من ناحية أخرى. فعلينا أن نحقق هذه السيادة بل نربي المجتمع على ذلك.
2. إن دور الدين هو لتقوية وقيادة ضمير الإنسان مع إعمال العقل وليس الاكتفاء بالنقل أو تبجيل ……….. أو التقليد ، وبالتالي تترسخ في المجتمع القيم الأخلاقية العليا ويعمل الشعب بذاته على تحقيقها واحترامها.
3. إعلاء قيمة الحرية والإيمان بها والوعي بدورها في تحقيق تقدم الإنسان والمجتمع المصري. والحرية الحقيقية هي في احترام حرية الآخر.
4. إعلاء سيادة القانون ، فيكون فوق الجميع ، والتخلص نهائيًّا من المحسوبية والأساليب العرفية (في أحداث فتنة طائفية) فالجميع أمام القانون سواسية.
5. العمل سريعًا على توعية مجتمعنا المصري بعدم التمييز بين مواطنيه بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو أي تمييز آخر ، فالجميع مواطنون مصريون متساوون أمام القانون ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
6. على الخطاب الديني أن يكون خطابًا واعيًا يعمل على احترام عقل المتلقي وواقعه ويواكب المتغيرات الحديثة دون المساس بالعقائد الدينية.
7. ألا تستغل منابر المساجد أو الكنائس أو المنابر الفضائية في إحداث فتنة طائفية أو في هجوم خطباء الدين على دين الآخر ، بل العمل على ترسيخ الوحدة الوطنية بمعناها الحقيقي إذ أن الدين لله والوطن للجميع.
8. العمل على ترسيخ القيم المشتركة والموجودة في جوهر كل دين مثل الحرية الإنسانية – حب الوطن – العدالة الاجتماعية – الضمير المهني – الالتزام الشخصي – وما إلى ذلك من المبادئ الروحية التي يحتاجها مجتمعنا.
9. توجيه الزكاة أو العشور لأعمال خيرية وتنموية مشتركة تخدم الفقراء والفئات المهمشة والمحرومة والعمل على الارتقاء بهم .
إن هذه المبادئ قد يضاف إليها مبادئ أخرى ، ولكن المهم أن الجميع يتوافق عليها. فاذا كانت المبادئ الدستورية هامة وعلى المجتمع أن يتوافق عليها ، أرى أيضًا أن المبادئ الروحية والإيمانية لا تقل أهمية عن المبادئ الدستورية خاصة في هذه المرحلة المفصلية في تاريخ مصر ، فقد نحتاج أن يتوافق عليها ممثلو الأديان والجماعات الدينية المختلفة الموجودة على أرض مصر لتكون ميثاق شرف إيماني (إذا جاز القول) لا يحيد عنه أحد حتى نستطيع أن نصل بمجتمعنا إلى بر الأمان.