أنكونا، الاثنين 12 سبتمبر 2011 (ZENIT.org). – زار البابا بندكتس السادس عشر أمس الأحد مدينة أنكونا الإيطالية ليختتم المؤتمر الافخارستي الوطني الخامس والعشرين، والذي امتد من 3 وحتى 11 من الجاري.
كان موضوع هذه السنة "الافخارستيا في الحياة اليومية"، وقد جاء هذا اللقاء على مسافة ستة أعوام من اللقاء الأخير الذي عُقد في مدينة باري في جنوب إيطاليا بعنوان: "من دون الأحد لا نستطيع العيش".
وقد ترأس بندكتس السادس عشر القداس الختامي فاسترجع إلى الذاكرة زيارته الرسولية الأولى في إيطاليا إلى مدينة باري، حيث ترأس هناك أيضًا ختام الاحتفال بالمؤتمر الافخارستي الوطني.
تمحورت عظة البابا على الكلمات التي يقولها بعض تلاميذ يسوع لدى سماعهم الرب يتكلم عن ذاته أنه خبز الحياة الذي يجب تناوله لكي يحيا الإنسان، وأن من يأكل جسده ويشرب دمه يقيم فيه (راجع يو 6). وكانت ردة فعل بعض التلاميذ: "هذا كلام صعب! من يطيق سماعه؟" (يو 6، 60). ويقول لنا الإنجيلي أن الكثير من التلاميذ تخلوا عن يسوع في ذلك الوقت، لدرجة أنه قال لمن تبقى منهم: "ألا تريدون أن ترحلوا أنتم أيضًا؟ فما كان من بطرس إلا أن قال: "إلى من نذهب وعندك كلام الحياة الأبدية؟".
لفت بندكتس السادس عشر إلى أن حالة الشك وصعوبة الإيمان التي عاشها معاصرو يسوع لا تختلف كثيرًا عن الصعوبة التي نعيشها اليوم في قبول حقيقة محبة الله لنا ومبادلة هذا الحب بالحب.
وأشار إلى أن صعوبة هذا الكلام تعود إلى الخلط "بين الحرية وغياب الارتباطات". فنحن مقتنعون بأننا نستطيع أن ندير أمورنا لوحدنا، دون الله، الذي نعتبره حدًا لحريتنا.
وعلق الأب الأقدس على هذا الموقف واصفًا إياه بـ "الوهم الذي لا يطيل الوقت قبل أن يضحي خيبة أمل، مولدًا شعورًا بالقلق والخوف، فيحمل – ويا للمفارقة – إلى البكاء على قيود الماضي".
وتابع بندكتس السادس عشر التعليق فقال: ""هذا كلام صعب!"؛ صعب لأن الإنسان يسقط غالبًا في وهم يجعله يظن أنه يستطيع "تحويل الحجارة إلى خبز". بعد تهميش الله، أو القبول به كخيار خصوصي لا يجب أن يتدخل في الحياة العامة، قامت بعض الإيديولوجيات بتنظيم المجتمع بقوة السلطان الاقتصادي. يبين لنا التاريخ، بشكل مأساوي، كيف أن السعي لتأمين النمو، الرخاء المادي والسلم للجميع بمعزل عن الله وعن وحيه قد أدى إلى منح الناس الحجارة بدل الخبز".
وأضاف: "الخبز أيها الإخوة الأحباء هو "ثمر عمل الإنسان". تتضمن هذه الحقيقة كل المسؤولية الموكلة إلى أيدينا وإلى إبداعنا؛ ولكن الخبز أيضًا هو قبل كل شيء "ثمر الأرض"، التي تتلقى من العلاء الشمس والمطر: إنها هبة يجب طلبها، ولذا تنزع منا كل كبرياء وتجعلنا نطلب بثقة الوضعاء: "أبانا... أعطنا خبزنا كفاف يومنا"".
وشرح البابا أن الإنسان لا يستطيع أن يهب نفسه الحياة، بل هي العلاقة مع الله التي تهب ثباتًا لبشريتنا وتجعل حياتنا صالحة وعادلة. ولذا يجب علينا أن نعيد إقرار أولية الله في حياتنا.
هذا الأمر يمكن القيام به من خلال الافخارستيا التي فيها يضحي الله قريبًا منا لدرجة أن يضحي طعامنا، يضحي قوة لمسيرتنا التي تتصف غالبًا بالصعوبة، يضحي حضورًا صديقًا يحولنا.