القيــامة رجــاءٌ جــديد

رسالة الفصح للمطران كريكور أوغسطينوس كوسا

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الاسكندرية، الأحد 8 أبريل 2012 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي رسالة الفصح للمطران كريكور أوغسطينوس كوسا أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك
* * *

المطران كريكور أوغسطينوس كوسا
بنعمة الله
أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك
القيــامة رجــاءٌ جــديد
إلى إخوتي الكهنة الأحباء والراهبات الفاضلات،
وأبناء الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية في أبرشية الإسكندرية،
وإلى المؤمنين بالمسيح أبناء الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية،
“… فقال الملاك للنسوة: لا ترتعبن! أنتُنَّ تطلبن يسوع الناصريّ المصلوب. إنه قام وليس هَهُنا، هذا هو المكان الذي كانوا قد وضعوه فيه. فاذهَبنَ وقلنَ لتلاميذهِ ولبطرس: إنه يتقدّمكم إلى الجليل، وهناك ترونه كما قال لكم”. (مرقس 6:16-7)
البشرى بولادة المسيح تكتمل اليوم بالبشرى بقيامته من بين الأموات.

فعيد الفصح هو عيد الأعياد في المسيحية وهو أساس كل عيد فيها لأنها منه إنطلقت. يقول لنا القدّيس بولس ان القيامة هي محور إيماننا، مؤكداً أنه لولا قيامة يسوع، لكان إيماننا باطلاً، وتبشيرنا باطلاً أيضاً وما زلنا مقيمين بخطايانا. (1قورنتوس 14-17:15) والعظة الأولى للقدّيس بطرس التي أطلقها في يوم العنصرة، بعد حلول الرّوح القدس على التلاميذ، تختصر بقوله ان المسيح الرّب الذي أسلمه الرؤساء والكتبة والفريسيون إلى اليهود قد قام من بين الأموات، وأن رسله جميعاً شهودٌ على ذلك. (أعمال الرسل 14:2-36)

إن هذا الإيمان يوحي بأن المسيحية ليست مجرد تعليم ينقله يسوع إلينا، بل هي أيضاً فِعل خلاص.

إن قيامة المسيح فتحت أمام العالم فجْوةً بين اليأس والرجاء، ومشروع تغيير التاريخ  برمته والخليقة بأجمعها. ولقد ظهر لنا ذلك بالمواجهة التي تمّت بين المسيح، الخير المطلق، وبين الأشرار الذين ساقوه إلى الموت، والتي إنتهت بقيامته منتصراً ليس على الأشرار وحسب بل على الموت أيضاً.

الفصح هو بداية خليقة جديدة وإنسانية جديدة تتسم بالرّوح الذي حلّ فينا يوم معموديتنا، وهو روح الخير والمحبّة والسلام، روح الله الذي يرشدنا إلى كل حق كما علّمنا السيّد المسيح.

القيامة دعوة مفتوحة إلى كل واحدِ منّا لكي نتخلّق بأخلاق المسيح.

القيامة دعوة لنخلع عنّا الإنسان القديم ونلبس المسيح الذي باسمه اعتمدنا وعليه وضعنا رجاءنا في هذا الدهر وفي الدهر الآتي.

القيامة دعوة لنكون في الكنيسة والمجتمع شهود للخلاص الآتي إلى العالم بالرّب يسوع المسيح.

ففي حياتنا الشخصية نحن شهودٌ لحبّه وأمانته، ومسؤولون عن الرجاء الحيّ الموضوع في قلوبنا.

أما في الحياة العامة فنحن في الكنيسة خميرة العالم الجديد. وهذه الخميرة الجديدة رسالةٌ توضع في خدمة العالم ليكتمل بناؤه الحيّ على أساس التضامن بين أغنيائه وفقرائه، بين شماله وجنوبه، وبين قاراته الخمس فتصبح كلّها مسكنا لعائلة واحدة هي الإنسانية الواحدة المتكاملة. وإذا تنكّرت المسيحية لهذه الرسالة أو تخلّت عنها فإنها تنكُر ذاتها وتحرُم الخلاص للذين ينتظرونه من يسوع المسيح.
قام المسيح ليجدّد الإنسان:

المسيح القائم من بين الأموات يعمل في المؤمنين بواسطة روحه القدّوس. وهكذا استطاع التلاميذ أن يختبروا في حياتهم قوة هذا الرّوح المقوّي، والمعزّي والمُرشد والمنوِّر … وقد أظهر القدّيس باسيليوس عمل الرّوح في جميع مراحل حياة السيّد المسيح على الأرض، وخاصةً لدى قيامته من بين الأموات، فقال: إن الرّوح القدس لم يترك تلاميذ المسيح بعد القيامة، بل نفخ في وجههم قائلاً: “خذوا الرّوح القدس. من غفرتم لهم خطاياهم تُغفر لهم، ومن أمسكتم عليهم الغفران يُمسَك عليهم.” (يوحنا 22:20) وعمله هذا لكي يجدّد الإنسان ويعيد إليه نعمة الله التي أضاعها بابتعاده عنه. والقدّيس غريغوريوس الكبير الذي دخل إلى أعماق سرّ القيامة، يطلب منّا أن نبادل السيّد المسيح، ولو بشيءٍ ضئيل، ما خصّنا به من تضحية، قائلاً: “لقد أخذ يسوع الأسوأ ليعطينا الأفضل والأحسن، وصار فقيراً ليغنينا بفقرِه، وأخذ صورة العبد ليمنحنا الحرّية، وجُرِّبَ ليُعلِّمنا الانتصار، واحتُقِر ليفتح لنا باب المجد، ومات ليخلّصنا، وصعد إلى السماء ليجذبنا إليه نحن الذين انحدرنا إلى الخطيئة، لنعطي ونقدِّم كل شيء إلى ذلك الذي بذل نفسه ثمناً عنّا وضحية. ولن نعطي شيئاً يكون أكبر منّا، إذا فهمنا هذه الأسرار، وأصبحنا بالنسبة إليه، ما أصبح بالنسبة إلينا.”

أيها الأخوة الأحباء

حياة المسيح هي أكبر مثال لنا. لقد لقي من العذاب ما لم يلقه بشر، لكي يمكّننا أن نتحمّل ما نلقاه في حياتنا من عذاب. وإذا عرفنا كيف نقرن عذابنا بعذابه، عاد إلينا بما عاد عليه من مجد. ولا يمكِننا في هذا العيد إلاَّ أن نفكِّر بالذين يتعذّبون ويتألمون، وقد حُرموا بهجة العيد: من أُمهات فُجِعْن بفلذّات أكبادهن، ومن أبناء ينتظرون أباء أو أشقاء غابوا عن الوجود ولا يعرفون عنهم شيئاً، ويتساءلون: هل هم لا يزالون على قيد الحياة أًم أصبحوا في عالم الأموات؟ ومن أرباب بيوت سُدّت في وجوههم سُبل الرزق الحلال لعائلاتهم، ومن مرضى أُغلقت في وجوههم المستشفيات، ومن فتيان وفتيات يرغمون على العمل وهم في سنّ الدراسة لعدم تمكّنهم دفع الرسوم والأقساط المدرسية والجامعية. فضلاً عن الأزمة الإقتصادية التي تشدّ الخناق على غالبية المواطنين وقد نفذت أياديهم من السيولة، فأصبح متعذّراً عليهم القيام بواجباتهم، وهذا ما يسبب إرتباكات وصعوبات في العلاقات الاجتماعية.

< p>الإيمان بالقيامة هو ينبوع رجاء لا يتزعزع. والرجاء يقهِر اليأس ويشدّ العزائم ويقوّيها ويحمل على ترقُّب غدٍ أفضل على الرغم من كل العقبات والصعوبات.

نهنئكم جميعاً بهذا العيد،عيد الظفر والنصر الذي أتانا عن يد ربّنا يسوع المسيح، (1قورنتس 57:15)، ونسأل، بشفاعة العذراء مريم، القائم نِن بين الأموات، أن يعيد علينا وعلى العالم أجمع أياماً حافلة بالرجاء الوطيد، والخير الوفير، والسلام الشامل.

هذا هو اليوم الذي صنعه الرّب، تعالوا نسرُّ ونفرح به، ونتبادل بشارة القيامة مع بعضنا  قائلين:
المسيح قام… حقاً قام
وكل عام وأنتم بخير

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير