يقدم لنا القسم الأول من كتاب الرؤيا (1، 4 – 3، 22) ثلاث مراحل متتالية في موقف الجماعة المصلية. الأولى (رؤيا 1، 4- 8) وتتكون من حوار بين الجماعة والقارئ الذي يوجه لها هذا الدعاء:”علَيكمُ النّعمَةُ والسَّلامُ” (رؤيا 1، 4)، ويتابع القارئ موضحا مصدر هذا الدعاء: إنه يأتي من الثالوث: من الآب والروح القدس ويسوع المسيح. فالجماعة تسمع وعند ذكر اسم يسوع المسيح تهتزّ فرحا وتجيب باندفاع رافعة صلاة تمجيد:”لِذاكَ الَّذي أَحَبَّنا فحَلَّنا مِن خَطايانا بِدَمِه، وجَعَلَ مِنَّا مَملَكَةً مِنَ الكَهَنَةِ لإِِلهِه وأَبيه، لَه المَجدُ والعِزَّةُ أَبَدَ الدُّهور. آمين” (رؤيا 1، 5- 6). أضاف البابا تعلمنا هذه الآيات أن تكون صلاتنا إصغاء لله الذي يكلمنا، وتمجيدا له لمحبته، ولنعمة يسوع المسيح الذي حمل إلينا القوة، الرجاء والخلاص.
أما المرحلة الثانية من صلاة الجماعة، تابع الأب الأقدس يقول فهي تعمق العلاقة مع يسوع المسيح: فالرب يتكلم ويعمل والجماعة تُصغي وتتجاوب. في الرسالة التي يقدمها القارئ، يخبرنا القديس يوحنا عن خبرته الشخصية في اللقاء مع المسيح: فبينما كان في جزيرة بطمس “لأَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ وشَهادَةِ يَسوع” (رؤيا 1، 9)، وكان “يوم الرب” (رؤيا 1، 10). لقد اختطفه الروح وجدده منميا فيه القدرة لقبول يسوع الذي يدعوه ليكتب. عندها تصبح صلاة الجماعة المصغية تأملا.
في المرحلة الثالثة والأخيرة للقسم الأول من كتاب الرؤيا، يقدم القارئ للجماعة رسالة يتكلم فيها يسوع لسبع كنائس في آسيا الصغرى، وينطلق حديثه من الوضع الخاص لكل كنيسة ليمتد إلى كنائس كل زمن. يدخل يسوع في واقع كل كنيسة موجها لها دعوة: “تُبْ ” (رؤيا 2، 5. 16، 3، 19)، “تَمَسَّكْ بِما عِندَكَ” (رؤيا 3، 11)، “واعمَلْ أَعْمالَكَ السَّالِفة” (رؤيا 2، 5)، “فكُنْ حَمِيًّا وتُبْ” (رؤيا 3، 19)… أضاف البابا إذا أصغينا لكلمة يسوع بإيمان تصبح عندها فعالة، لذا على الكنائس أن تصغي للرب وتنفتح على الروح كما يطلب منا يسوع مرددا:” مَن كانَ لَه أُذُنان، فلْيَسمَعْ ما يَقولُ الرُّوحُ لِلكَنائس”.
وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول إن كتاب الرؤيا يقدم لنا جماعة مصلية، لأننا بالصلاة نشعر بحضور يسوع معنا، وكلما صلينا بحرارة ومثابرة تشبهنا به أكثر فأكثر، فيدخل في حياتنا ويقودها ويمنحنا الفرح والسلام.