زيارة البطريرك الماروني الراعوية الى أبرشية صيدا – اليوم الأول

صيدا، الاثنين 10 سبتمبر 2012 (ZENIT.org). – استهل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر يوم السبت 9 أيلول 2012 جولته الراعوية على عدد من البلدات في منطقة الشوف والتي  تستمر لمدة  يومين، يرافقه المطارنة: راعي ابرشية صيدا المارونية الياس نصار، المطران طانيوس الخوري، المونسنيور جوزف البواري، الآباء: لويس سماحة، نبيه الترس ومدير المكتب الاعلامي في الصرح البطريركي المحامي وليد غياض.

Share this Entry

الكنيسة
وبعد توقف لغبطته عند مدخل قرى المناصف حيث كان في استقباله حشد من أبناء بلدة كفرحيم الذين أعربوا “عن سرورهم بزيارة الاب الروحي لجميع أبناء لبنان الى بلداتهم”،كانت المحطة الأولى في بلدة الكنيسة حيث كان في استقبال غبطته كاهن رعية مار جرجس الاب وليد ناصيف، رئيس البلدية الدكتور منير عشقوتي واعضاء المجلس البلدي، المختار عبود فرح، مدير عام مؤسسة وليد جنبلاط للدراسات الجامعية المقدم شريف فياض، مدير عام التعاونيات انور ضو، رئيس بلدية دير كوشة وليد ضو واعضاء المجلس البلدي، اخوية وطلائع فرسان العذراء، ووفد من أهالي بلدة بشتفين ومن البلدات المجاورة . وعلى وقع موسيقى فرقة المتين توجه البطريرك الراعي إلى كنيسة مار جرجس حيث رفع  صلاة الابانا والسلام، طالبا من السيدة العذراء في يوم عيدها أن تفيض النعم على أبناء البلدة.
وألقى رئيس البلدية الدكتور منير عشقوتي كلمة قال فيها:” فخر لنا ان صاحب الغبطة في منطقتنا زارها بالأمس راهبا مريميا واليوم يزورها بطريركا على انطاكيا وسائر المشرق ، فأنتم يا صاحب الغبطة من طينة مختلفة وهذا ما أثبتته وستؤكده الايام المقبلة. فالكنيسة بحكمة فاعلياتها وبتعاون ابنائها وبركة مطرانها وجيرانها “الاوادم” سوف تقوم بالدور المطلوب منها وعلى الرغم من عدد موجات التعدي والسرقات التي شهدتها البلدة والمنطقة و بتدخل القوى الامنية والجيش اللبناني والنائب وليد جنبلاط، طوينا الصفحة السوداء، وها نحن نتابع المسيرة لنجعل من بلداتنا مثالا يحتذى به”.

وتابع:” على صعيد الوطن نحن قلقون ونحن بأمس الحاجة الى تلك الشركة والمحبة لنرتب امور بيتنا الداخلي قبل ترتيب امور بيت الاخرين. قدّركم الله ان تعيدونا شعبا واحدا لنكون الصوت الصارخ في الشرق ولنشهد للحق بحكمة ومحبة، ملفات كثيرة تهدد مستقبلنا جميعا ونحن بأمس الحاجة الى دعمكم لتفعيل مؤسساتنا الوطنية والكنسية. وكما زيارة البابا ستكون علامة فارقة في تاريخ لبنان هكذا ستبقى زيارتكم علامة مميزة في تايخ منطقتنا وبلدتنا”.
بعدها ألقى البطريرك الراعي كلمة جاء فيها:” نحن سعداء بوجودنا معكم لنقل تهاني العذراء بعيد ميلادها ، فهي سبب خلاص البشرية. وأوجه تحية لاهالي البلدة وللاخوة المشاركين من الموحدين الدروز، زيارتنا تندرج في مسيرة المصالحة التاريخية التي بدأها غبطة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير والنائب وليد جنبلاط منذ 11 سنة واليوم هدفنا تهنئتكم على استعادة الحياة في هذه المنطقة واراضيكم، لملمتم الجراح وطويتم الصفحة معتمدين على ثقافة العيش الواحد ، ثقافة العيش معا فهذه هي حضارتنا ، علينا الحفاظ على وحدتنا الداخلية بروح الشركة والمحبة. من خلال زياراتنا نشعر كم ان الشعب يرغب بالعيش سويا. نحن حريصون على مواصلة رسالتنا المنتظرة منا في لبنان والاسرة الدولية ، جميعنا سنقوم باستقبال قداسة البابا مع ما تحمله زيارته من اهمية ، انه حدث تاريخي فلقد اختار قداسته توقيع ونشر وتوزيع الارشاد الرسولي وهذه هي علامة للعالم ان لبنان هو أرض التلاقي والايمان والحوار. تنوعنا في وحدتنا ميزنا في لبنان، ومجيء قداسة البابا هو الظرف المؤاتي لنا لندرك دورنا لمساعدة بلدان الشرق الاوسط للعبور الى الربيع العربي المنشود”.
وفي الختام تسلم صاحب الغبطة درعا تذكارية.

عميق
المحطة الثانية من الزيارة كانت في بلدة عميق، حيث كان في استقبال صاحب الغبطة رئيس البلدية سمير كرم واعضاء المجلس البلدي ، المختار ميشال يونس وحشد من الاهالي، وبارك صاحب الغبطة بناء كنيسة مار اسطفان الجديد، من ثم توجه الى دير مار ميخائيل الملائكي حيث كان في استقباله النائب الاسقفي العام لابرشية صيدا الارشمندريت انطوان سعد.
وكانت كلمة باسم بلدية عميق ألقاها العضو جوزف ريشا جاء فيها:” انتم تحملون رسالة الشركة والمحبة وتزرعون الحب من خلال زيارتكم لرعاياكم، انتم الروح المتجدد لكنيستنا المشرقية، وانتم العودة الحقيقية لنا الى الجبل، نحن نرى فيكم مجدنا الاتي. بلدتنا متمسكة بأرضها وحريصة على علاقتها بالجوار، ونؤكد لكم التزامنا بنهجكم الانفتاحي على الجميع”.
ثم ألقى  المقدم شريف فياض كلمة قال فيها:” اهلا بكم ترفعون شعار “الشركة والمحبة” ونسعى كلنا معكم لترجمته فعلا وسلوكا ، ونمط عيش في الجبل وفي لبنان كله، اهلا بكم تبنون على المداميك التي رفعها اسلافكم الكبار وتحصنون مصالحة قادها غبطة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير والزعيم الوطني وليد جنبلاط لتقي الجبل ولبنان شر الفتن والدسائس والاطماع التي استهدفته من الغريب والقريب. اهلا بكم في دير مار ميخائيل في عميق، والكنيسة حيث اعتاد شهيدنا الكبير كمال جنلاط ان يأتي للتأمل والمذاكرة بصحبة المفكرين والاخيار فينثرون منها رحيق المحبة والتواضع مقرونة بسمو النفس وبآداب السلوك. اهلا بكم يا صاحب الغبطة في مسعاكم للتواصل مع الناس، فالتواصل جزء من الصلاة وطريق الى بناء الشركة والمحبة ولا يكتمل دور بيوت الله الا عندما تصبح مواقع للتلاقي وللتفاعل بين الناس”.
وختم:” لنا أمل ورغبة في أن تبقى كرسي المطرانية في بيت الدين كما كانت في سابق عهدها الزاهر موقعا جامعا ومقرا للتلاقي والحوار”.

ثم كانت كلمة النائب الاسقفي العام الارشمندريت انطوان سعد رحب فيها بالبطريرك، وقال:” ان البطريرك الراعي شاهد على المحبة ومن هذا الدير الذي يملك املاكا كثيرة في المنطقة نقول
اليوم اننا نحافظ على الارض والرهبانية تعمل كثيرا لاستثمار هذه الارض وتنميتها، فمن يعمل في أرضه يحبها ويحب أن يموت فيها”.

بدوره القى  البطريرك الراعي كلمة قال فيها:” نهنىء الرهبانية الباسيلية المخلصية على اعادة بناء هذا الدير بهدف استمرارية التواصل، ونحن نستعد معا لاستقبال قداسة البابا ، نأمل ان نكون موجودين سويا لاستقباله، وزيارته دلالة على ان لبنان حامل رسالة كبيرة يعول عليها”.
اضاف:” في زيارتنا هذه نجدد ايماننا بالله وبوطننا وبالدولة وبمؤسساتنا ليستعيد لبنان دوره الريادي في الشرق . فهو الجسر التاريخي الذي يصل الشرق بالغرب، ونلتمس من سيدة الخلاص التي نحتفل اليوم بعيدها، ان تباركنا لنتابع التواصل وبناء حياتنا الوطنية لكي تصل المصالحة الى كل ابعادها السياسية والروحية”.

بعدها تسلم غبطته درعا تذكارية . ثم جال على ارجاء دير الملاك ميخائيل  حيث بقايا كنيسة الدير ليدخل بعدها الى الكنيسة الرعائية الجديدة ويرفع صلاة الابانا والسلام.
كفرنبرخ
أما المحطة الثالثة من زيارة غبطته فكانت في بلدة كفرنبرخ الشوفية حيث رفع صلاة داخل كنيسة مار الياس بحضور رئيس البلدية بهيج درغام والمختارين سعيد رعد وفهد المتني، وفد من مشايخ الموحدين الدروز من البلدة ومن بتلون.

بداية رحب كاهن الرعية الاب الياس صليبا بغبطة البطريرك طالبا منه منح أهالي البلدة والمنطقة بركته الرسولية ، ثم كانت  كلمة رئيس البلدية بهيج درغام قال فيها: “يشرفنا ان نستقبلكم زائرا كبيرا داعيا للسلام، محرضا على التعاون ، آملين ان تتكرر زيارتكم الى بلدتنا الشوفية الوادعة التي اصابها رذاذ السحابة السوداء كما غيرها من قرى لبنان. فلقد عانت من آثار الحرب وشهداء وعانت التهجير ولكن رغبة العيش الواحد كانت اقوى فيها، وبالقرار السياسي الذي اتخذ كان قرار سياسي للوزير جنبلاط وكان القرار واضحا ان الشوف للجميع، وقد شارك في هذا القرار فخامة الرئيس الراحل الياس الهراوي، وبدأت المصالحات وقد ترافقت مع الزيارة التاريخية للكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الى الشوف. ورغم العودة الناجزة الى كفرنبرخ ورغم عودة الشراكة فان ثمة امور بسيطة ما زال اهلنا يرون فيها عائقا لاقفال ملف المصالحة. نأمل بزيارتكم الميمونة ان تساعدونا على تذليل الصعوبات وازالة الاعتراضات التي تعيق طريق العودة”.

ثم القى الاب عبدو رعد كلمة قال فيها:” لن نفشي سرا ان قلنا ان المصالحات ما زالت تحتاح الى جهود ونأمل من ابناء البلدة دروزا ومسيحيين أن يعمدوا للتضحيات لكي نعيد المعانقة الاخوية فلا تمتد يد الا للمصالحة والسلام على بعضنا البعض. وبناء هذه البلدة كنموذج للمصالحة والاتفاق”.

وألقى البطريرك الراعي كلمة قال فيها:” باسم المصالحة الوطنية يسعدني ان نكون في ارض الشركة والمحبة في الشوف، كلماتكم حملت مضمون ما نحن من اجله اليوم في الشوف، وفيها الكثير من مسيرة المصالحة ، وكل قيمة حياتنا اللبنانية تكمن في ان ما تحملناه من صعوبات ، لقد عدنا على أثره لنعيش معا وهذا دليل على نضج ثقافتنا وحضارتنا ، وها نحن اليوم نعيش معا يد الله العلية زرعتنا في لبنان لكي على تنوعنا والحريات التي نعيشها تشكل رسالة ونموذجا تجاه الشرق والغرب. البلدان العربية تبحث عن حياة جديدة اسمتها “الربيع العربي” ولكن يجب ان نلعب دورنا كلبنانيين وندعو الى العيش معا والتفاهم بالحوار وعيش روح السلام. وفي هذا الشرق لا يجب ان يذوب احد بأحد، وألا تضيع قيمة اي مكون منه، وهذا ما سيساعده على الخروج من احاديثه ومن همومه ، ونقول للغرب يمكننا بناء دولة مدنية تفصل الدين عن الدولة ولكن الدولة تستلهم قيامها من السماء. هذه المصالحة التي بدأت تاريخيا منذ 11 عاما تكتمل اليوم بعيشنا للشركة والمحبة ولكن نأسف اليوم لان الاعلام يوصل الى دول العالم كل ما هو سلبي عن لبنان. البابا بنديكتوس سيزور لبنان ليقول ان لبنان هو ارض السلام والتلاقي والتنوع في الوحدة وليدحض كل ما تنقله وسائل الاعلام من امور سلبية عن هذا البلد الغني بتنوعه ووحدة ابنائه. نأمل ان يكون الارشاد الرسولي هو الربيع اللبناني لنا لنساعد كل شعوب الدول العربية على تخطي مشاكلها والصعوبات التي تعيشها”.

الفريديس
المحطة الرابعة من زيارة البطريرك الى منطقة الشوف كانت في بلدة الفريديس حيث كان في استقباله كاهن رعية مار الياس الحي جان مطانيوس ، رئيس بلدية الباروك الفريديس ايلي نخله، مختار الفريديس شعيا كيوان، الفنان طوني كيوان ، الابوان ايلي ومارون كيوان، وفد من مشايخ الفريديس،ورؤساء بلديات ومخاتير. وتوجه غبطته الى صالون كنيسة مار الياس حيث كانت كلمات ترحيبية ومنها كلمة لكاهن الرعية جان مطانيوس قال فيها:” انتم يا صاحب الغبطة على مثال شفيع الرعية الذي حمل سيف الغيرة. انتم تحملون بشعاركم الشركة والمحبة سيف المحبة، ونحن نحمل لكم في قلوبنا كل المحبة والتقدير”.
اضاف: “نشكر لكم زيارتكم وبركتكم الرسولية باسمي وباسم ابناء الرعية والمشايخ الكرام ونحن مع شركائنا في هذه البلدة نبني منذ العودة هذه الرعية مدماكا ومدماكا لكي نعطي ليس للبنان فقط، وانما للعالم اجمع نموذجا عن وحدة العيش المشترك”.

بعدها كانت كلمة المختار شعيا كيوان فقال:” لاول مرة في تاريخ وجودنا المسيحي في هذه المنطقة يزورنا بطريرك متواضع بعظمته ويزرع فينا الامل والرجاء ، شعاركم يا غبطة البطريرك “شركة ومحبة” نعيشه اليوم مع اهلنا بني معروف الكرام رغم
الكبوة التي مضت والتي من بعدها تسامحنا وتصالحنا الى الابد لاننا ادركنا جميعا ان العيش المشترك ارادة إلهية وحجارة مداميك كنيستنا، هذه شاهدة على عطائك وسخائك عندما قصدناك لمساعدتنا وكنت انذاك مطرانا على بلاد جبيل فكنت صخرة بطرس التي بنينا عليها كنيستنا”.

بعدها كانت كلمة الشيخ سالم سيد احمد ألقاها باسم اهالي الفريديس شكر فيها البطريرك على هذه الزيارة، واصفا اياه ب”المبشر بغد أفضل والداعي للوفاق والعيش المشترك”.
وبعد ان تسلم البطريرك مفتاح بلدة الفريديس، ألقى كلمة حيّا فيها اهالي البلدة والمشايخ من طائفة الموحدين الدروز، وقال:” نهنئكم على الشركة والمحبة التي ترجمتموها باعادة بناء البلدة والكنيسة ومن خلال محبتكم للفريديس ولبعضكم البعض. لبنان مشروع يبنى كل يوم حجرا حجرا، والجميل اننا سنستقبل البابا قريبا وسنكون بحسب توقعاته ونقول له ان لبنان لا يزال ارض الرسالة والعيش معا والحضارة. وجودكم هنا يؤكد ان العيش في لبنان جميل بفسيفسائه الملونة ومن هنا كان “الهام” النشيد الوطني اللبناني بأرزته الخضراء”.
بعدها غرس غبطة البطريرك أرزة في باحة كنيسة مار الياس.

الباروك

واصل البطريرك الراعي، جولته الراعوية على عدد من البلدات الشوفية، وكانت المحطة الخامسة من هذه الجولة في بلدة الباروك، حيث استقبله عند مدخلها كاهن رعية مارجريس الأب ايلي عبسي وكاهن رعية مار انطونيوس للروم الكاثوليك الأب جان قاضي، رئيس بلدة الباروك الفريديس ايلي نخلة ومخاتير البلدة وحشد من أهالي البلدة والبلدات المجاورة ومشايخ الباروك من الموحدين الدروز.

وبعد رفعه الصلاة داخل كنيسة مار انطونيوس، أكد غبطته أنه من الباروك “نعلن جمال إيماننا بلبناننا وحياتنا المشتركة والقيم والسياسة، فوحده الجمال يخلص العالم. فأول جمالات الله هو الانسان ويجب أن نعمل سويا لينجلي جمال لبنان الى كل العالم”.

بعدها بارك البطريرك الراعي أرزة يتم زرعها في غابة الباروك. ثم ألقى المربي جوزيف حداد كلمة ترحيبية قال فيها: “قمتم في الأمس القريب ببعض الزيارات الى أقطار العالم والمناطق اللبنانية وكانت ثقة الجميع بكم كبيرة جدا، واليوم نرحب ونهلل بزيارتكم لأنكم بزيارتكم التاريخية لبلدتنا الباروك والفريديس تباركونها أنتم رسول المحبة اليوم وغدا قداسة البابا رسول السلام”.
ثم كانت محطة في ساحة الباروك ألقيت في خلالها الكلمات الترحيبية المرحبة بصاحب الغبطة والوفد المرافق وكانت كلمة لرئيس بلدية الباروك ايلي نخلة قال فيها: “معكم يا صاحب الغبطة لا يعرف اليأس سبيلا الى قلوبنا ولن يعرف لبنان قطيعة بين أبنائه ولا انقطاع بين مناطق، لأنكم بطريرك العيش الواحد والحياة المشتركة، أنتم ضمير يسعى على قدميه وحق يجري على الانسان وقلب يخفق على إيقاع نبض الناس، لا تغادرون قناعاتكم الى مسايرات عابرة ولا تهادنون باطلا ان تكن المتغيرات ولا أخطىء إذا قلت أنكم تمثلون الوجه الأنقى للبنان، الذي يعاند الأقدار ويواجه من الأثقال ما تنوء به رواسي الجبال”.

أضاف: “وها نحن اليوم وقد غمرنا فرح اللقاء نؤكد محبتنا الى جانب رجالات بني معروف الروحيين والزمنيين، الذين يجمعنا بهم تاريخ مشترك في هذا الجبل الشوفي الأشم الذي قام على الأخاء والتراحم والتعاون الدائم، ونعاهدكم بأن مياه المودة لم تعتكر بيننا بدعائكم ودعاء المشايخ الأجلاء ذوي القلوب الناصعة كعمائمهم البيضاء. معا وباعتزاز كبير نسألكم يا صاحب الغبطة أن تتقبلوا منا مفتاح بلدة الباروك الفريديس الذهبي عربون تقدير لزيارتكم التاريخية هذه”.

ثم كانت كلمة للشيخ محمد اسماعيل حلاوي رحب فيها بزيارة الراعي والوفد المرافق قائلا: “نرحب بكم شاكرين زيارتكم وسائلين الله أن يرأف بحالنا ووطننا، إذ تقع على عاتق كل منا مسؤولية الحفاظ على مكونات بلدنا وأن ننظر دائما بعين الانتباه لسنين مضت دمرت لبنان وشتت أبناءه، فما علينا إلا الرجوع الى الله بكل حاجة لأنه مهما تعددت السبل فمردها الى سبحانه، ولنترفع عن المذهبية والطائفية لأننا كلنا إخوة في الايمان وفي طاعة الواحد المنان”.

وبعدها كانت كلمة البطريرك الراعي للراعي ألقاها بعد تسلمه مفتاح البلدة ودرعا تقديريا جاء فيها: “تحية من المؤتمنين على مسيرة المصالحة، صاحب النيافة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير والنائب وليد جنبلاط، الصدفة أرادت أنه بعد 11 سنة من العودة وبعد عشر سنوات من مأساة 1860 زاركم البطريرك الكبير بولس بطرس مسعد وها نحن اليوم نزوركم بعد 11 سنة على عودتكم الى هذه الأرض الطيبة والتي بسلامتها من سلامة لبنان. هذه المصالحة إذا ترجمت بكل أبعادها في الشوف والجبل فمن المؤكد أنها ستعم لبنان. سلامة لبنان معروفة تاريخيا بسلامة الجبل، التاريخ عبرة إذا تذكرناه ولا يجب العودة اليه، وفي صيف 1840 وإثر الحوادث الأليمة التي عصفت بلبنان وعلم البطريرك يوسف بطرس حبيش ان الأحداث وقعت في الجبل فما كان منه إلا أن قال: “لقد انقطع ظهرنا”، وهذا خير دليل على أهمية الجبل بالنسبة الى لبنان. فهذه المصالحة ليست عابرة وإنما عشتموها بطي صفحة الماضي”.
تابع: “أن مسيرتنا الطويلة بمصالحتنا هذه هي رسالة لبنان ككل، فنبارك من الباروكن مصدر البركة بركة المصالحة التي تنطلق من هنا. الدول العربية تعيش آلاما صعبة ولكن علينا أن نكون عنصر مصالحة وسلام وهذا ما عشتموه ببطولة، فليس من السهل أن ينسى الانسان جراحه. ومن هذه الأرض المباركة نحمل بركة الله الى العالم أجمع
ونأمل أن تكون مصالحة بين السياسيين في لبنان، لكي نخرج من الانقسام الذي يعطل حياتنا الوطنية ويعثر حياة الدولة ومؤسساتها. ومن أرض رشيد بك نخلة نقول: كلنا للوطن الواحد وللدولة الواحدة ومؤسساتها”.
بعدها توجه غبطته والوفد المرافق لزيارة مقام الشيخ أبو حسن عارف حلاوي وكان في استقباله مشايخ البلدة. وداخل المقام رفع صلاة الأبانا والسلام، وكان لقاء مع مشايخ الباروك. عقب اللقاء ألقى الشيخ عماد حلاوي كلمة ترحيبية قائلا: “قدومكم اليوم هو تجديد وتثبيت للعيش المشترك وبث الحمية بين كل أبناء الوطن الواحد. نحييكم على مواقفكم الوطنية الكريمة، التي كانت على مسافة واحدة بين كل اللبنانيين، وما خطابكم إلا لبث السلام والمحبة للبنان. نرحب بكم في الباروك، التي أعطت الأرز في العلن والنشيد الوطني وأروت من مياهها العذبة لبنان”.
ورد غبطته بكلمة قال فيها: “بتأثر كبير دخلنا الى هذا المقام حيث شعرنا بالخشوع، فنطلب ونلتمس شفاعة صاحب المقام وكل من سبقه من الأبرار ليحل الاستقرار والسلام على ربوع هذا الوطن. الوفاق إعمار والخلاف دمار كلمة سنحفرها في عقولنا لكي ننقي ذاكرتنا من ظلام الماضي. كل تاريخنا اللبناني يعلمنا كيف ننطلق دائما الى الأمام وعلى الانسان أن ينسى الماضي ويبني على مستقبل مشرق. زيارة تقوى هذه الزيارة الى مقام الشيخ أبو حسن، إنها زيارة التزام بحياتنا المتجددة ولبنان الذي يعطي ولا يأخذ، وعطاءات الباروك بارزة، شعار شموخنا والنشيد الوطني الذي نعيشه بكل أبعاده هي خير دليل على عطاءات هذا البلد وإذا كان هناك من ولاء يجب أن يكون ولاءنا لوطننا فقط دون غيره. لنكن معطائين كالينبوع الذي لا يسأل العطشان ما دينه ولونه وثقافته، ولنخرج من كل ما هو مذهبي وطائفي وحزبي ونقول ان مياه الباروك لا تسأل العطشان عن دينه ولونه ونعطي مثل هذا النبع من دون حساب”.

بعدها توجه الى داخل كنيسة مار جريس ورفع الصلاة (التبشير الملائكي)، ثم كانت كلمة بإسم لجنة أسقف مار جريوس وأبناء البلدة ألقاها عفيف نخلة رحب فيها بالبطريرك الراعي، شاكرا له اهتمامه بهذه الرعية وأبنائها. وقال: “أبناء الباروك ومشايخها الكرام وأرزها يتمنون لهذه الزيارة المباركة ولرأس الكنيسة الجامعة والراعي الأمين على الخراف أيام طيبة”.

ثم كانت كلمة كاهن الرعية ايلي عبسي الذي قال فيها: “نحن في الباروك عائلة واحدة كالأرز الشامخ، نؤمن أنه بعد الجلجلة هناك صليب سيرفع، وأنتم يا صاحب الغبطة ان ما اخترتموه صليب الشركة والمحبة فنحن معكم على الصليب لكي نقول ان لبنان قام وسيقوم شاؤوا أو أبوا. أغصان أرز لبنان هم شهداؤنا قطعوا عن هذه الأرزة ولكنهم لم يلينوا، وإنما قطعوا ليبنوا هيكل الحب وعندما ضربنا لم نرشح إلا ببخور وغفران لنرفع ذبائح تقدمة”.

ثم رد غبطته بكلمة قال فيها: “نختم زيارة الباروك بهذه المحطة في كنيسة مار جريس الأثرية وسنعود مفعمين بالقوة لما لمسناه من عيش معا مفعما بالمحبة واكتشفنا كنوزا لم نكن نعرفها. نعرف أن شهداءكم ينعمون مع الشهيد الأول يسوع المسيح حول مذبح الرب وكل مرة تدخلون الكنيسة تتذكرون شهداءكم ولكنكم تدركون أن دماءهم مضمومة الى دم الفادي. محطتنا في كنيسة مار انطونيوس لاخوتنا الكاثوليك علمتنا نعمة أن نقول أن كلام الانجيل رسالة شخصية موجهة لكل فرد منا. ومار جريوس اليوم الذي كسر تنين الوثنيين يعلمنا أن هناك إلها واحدا هو الله ويعلمنا كيف ندك أسوار كل الوثنيات لكي نعيش أحرارا أبناء الله”.

بعدها زرع أرزة في ساحة الكنيسة وكتب كلمة على سجل الكنيسة.

بمهريه

وكانت المحطة السادسة للبطريرك الراعي والوفد المرافق في بلدة بمهريه، حيث كان في إستقباله كاهن الرعية الأب إيلي كيوان ورئيس البلدية جوزف ملكون، المختار نبيل أبو ملهب وحشد من أهالي البلدة والبلدات المجاورة، بداية دخل غبطة البطريرك الى كنيسة مار جرجس حيث رفع الصلاة، وتوجه بعدها الى صالون الكنيسة حيث ألقيت كلمات ترحيبية، من بينها كلمة ممثل الطائفة الدرزية في البلدة الشيخ كامل ربح، قال فيها: “تسعون ونيف طويت ولم أقف يوما خطيبا مرحبا، لكن مباركتكم يا صاحب الغبطة لبلدتنا بمهريه التي لم تطأها قدم أسمى، حملتني على ملاقاتكم في المحبة”.

وكانت كلمة بإسم شباب البلدة ألقاها طارق أبو ملهب، رحب فيها بالراعي والوفد المرافق، طالبا “منح البلدة البركة الرسولية”.

ثم ألقى رئيس البلدية ملكون كلمة، قال فيها: “إن هذه البلدة هي رمز للعيش المشترك، وأهلها متشبثون بأرضهم حتى العبادة، إلا أن المركزية الإدارية جعلت هذه المنطقة خالية من سكانها، سعيا وراء لقمة عيشهم في بيروت”. وشكر للراعي هذه الزيارة، قائلا: “لا نريد أن نزيد على قلبكم الهموم، ولكننا نأمل من قدومكم أن يكون فاتحة خير على بلدتنا ووطننا لبنان”.

ثم كانت كلمة للبطريرك الماروني قال فيها: “أهنئكم بالعودة وبإعادة بناء بلدكم وطي صفحة الماضي، وأتمنى أن تكتمل العودة التي تعترض مقتضياتها التربوية والإجتماعية والإنمائية والإنسانية أمورا كثيرة”. ودعاهم للحفاظ على أرضهم، “كي يحافظوا على ذواتهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، كما طالبهم بعدم التفكير ببيع شبر من الأرض، لأن الأرض ثمينه وهي درة ثمينة من عند الله”. بعدها غرس أرزة وباركها.

عين زحلتا

ثم توجّه البطريرك الراعي والوفد المرافق الى بلدة عين زحلتا، حيث كان في إستقباله كاهن الرعية إيلي كيوان ورئيس البلدية إدوار مغبغب، وبعد رفع الصلاة داخل كني
سة مارون، ألقيت كلمات ترحيبة، من بينها كلمة رئيس البلدية، الذي قال فيها: “بإنتخابكم بطريركا تغير شيىء في الإنسان وفي لبنان، فصار الوطن أحن وأشهى، وسيصبح الآمر والناهي ضد عناصر الهزم وقاهري الحاضر والمستقبل، ونحن أبناء عين زحلتا نمثل صورة مصغرة عن هذا الواقع الشوفي، وهكذا يجب أن نكون في الولادة معا، في الحزن معا، في العيش معا، وفي البناء معا، في الشراكة معا، وبالتجدد معا”.

ورد غبطته قائلا: “نحن بمسيرة حج الى عين زحلتا الغنية بمكوناتها وطوائفها، وقد عرفتم كيف تحافظون على هذه الطبيعة الخلابة التي أعطاكم إياها الرب، وعرفتم كيف تبنون عائلات أعطت رجالا عظماء للبنان، وقدرتم عطية الله هذه، بإعطائكم أشخاص مميزين، نحملكم دوما بصلاتنا وفكرنا ونحن معكم بإستمرار، من خلال كل من يمثلون كنيستنا”

وختم مؤكدا “ميزة لبنان أن يعيش أبناؤه مع بعضهم البعض، تماما كحجر في فسيفساء جميلة”، مشيرا الى أن “اللبناني أيا كانت تطلعاته أو دينه أوثقافته، فهو أخ لأخيه اللبناني، ومعه يبني الوطن”.

بعدها أزاح الستارة عن لوحة تخلد ذكرى الزيارة.

قداس في بيت الدين

واختتم البطريرك الراعي اليوم الأول من زيارته الراعوية إلى منطقة الشوف، بترؤسه قداسا إحتفاليا لمناسبة عيد ميلاد السيدة العذراء، في ساحة الكرسي الأسقفي في بيت الدين، المركز الصيفي لراعي أبرشية صيدا المارونية، بمعاونة: راعي أبرشية صيدا المطران إلياس نصار، المطران طانيوس الخوري ولفيف من الكهنة، في حضور ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي العميد الركن ريشار الحلوة، ممثل النائب وليد جنبلاط النائب نعمة طعمة، وزراء ونواب حاليين وسابقين، فاعليات سياسية إجتماعية وحزبية ووفود شعبية من مختلف المناطق الشوفية.

خدمت القداس جوقة دير القمر والفنان طوني كيوان إنشادا، بقيادة ليليان شلهوب، وبعد قراءة نص الإنجيل، ألقى الراعي عظة “إن أمي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها” (لو 8:21)، قال فيها إن “أمومة مريم العذراء لابن الله المتجسد، قبل أن تكون أمومة جسدية هي أمومة روحية، لكونها قبلت، دوما، كلمة الله في حياتها، ما جعلها تعيش باتحاد دائم مع الله ومن دون أي خطيئة شخصية. هذه الكلمة الإلهية التي قبلتها في قلبها بالإيمان وحفظتها بالرجاء وعاشتها بالمحبة، أصبحت جنينا في حشاها، وهي “الكلمة الذي صار بشرا” (يو1:14). هذا يعني أن العلاقة بالمسيح، من خلال قبول كلمة الله، شبيهة برباط الأمومة والأخوة. ولذلك أجاب يسوع الذين قالوا له: “إن أمك وإخوتك في الخارج يريدون ان يكلموك”، فقال: “إن أمي وأخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها” (لو 8: 21).

أضاف: “يسعدنا أن نحتفل معا بعيد ميلاد أمنا وسيدتنا مريم العذراء، سيدة الخلاص، شفيعة هذا الكرسي الأسقفي. فأقدم لسيادة راعي الأبرشية المطران الياس نصار أطيب التهاني والتمنيات، التي نود نقلها أيضا إلى كل أبرشية صيدا، إكليروسا وعلمانيين. وأود أيضا أن أشكر سيادته على هذا النهار الذي قمنا فيه بزيارة راعوية إلى عدد من رعايا الأبرشية وتحديدا: عميق، كفرقطرة، معاصر بيت الدين، كفرنبرخ، الباروك، الفريديس، بمهريه، عين زحلتا وبيت الدين. إننا نحيي مجددا كهنة هذه الرعايا، الأبرشيين والرهبان، وأبناء الرعايا وبناتها، ولجان أوقافها وأخوياتها ومنظماتها الرسولية، وجوقاتها، وسائر هيئاتها ولجانها الراعوية الفاعلة فيها. كما نحيي رؤساء البلديات والمخاتير ومجالسهم. نشكرهم جميعا على حفاوة الإستقبال وعلى الهدايا التذكارية. ونسأل لهم جميعا، من لدن الله، فيض الخير والنعم. ويطيب لنا أن نواصل، نهار غد، زيارتنا الراعوية في المنطقة. ولا بد من تحية خاصة لرعية وبلدة بيت الدين التي تفخر بتاريخها المجيد، وتتشرف بوجود قصر الأمير شهاب الكبير كقصر جمهوري على أرضها حيث فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قضى فترة من هذا الصيف في ربوعكم، مثل الرؤساء الذين سبقوه. كما تفاخر بوجود الكرسي الأسقفي وبحضور مطران الأبرشية بين أهلها طيلة الصيف، على مثال أسلافه العظام”.

وتابع: “إن مريم، عذراء الناصرة، بقبولها كلمة الله في بشارة الملاك، أصبحت أم يسوع التاريخي، وبوقوفها على أقدام الصليب ومشاركتها في آلام ابنها وذبيحته، فداء عن الجنس البشري، أصبحت أم المسيح السري، أي الكنيسة، وشريكة الفداء. ولهذا سميت “سيدة الخلاص”، لأنها، وهي إبنة ذرية آدم، أضحت أم أعضاء جسد المسيح، وساهمت في ولادتهم الجديدة وخلاصهم، وهم ينظرون إليها كمثال وقدوة في الإيمان والرجاء والمحبة، ويكرمونها أما محبة، ووسيطة، بوساطة إبنها يسوع، لخلاصهم. لكن مريم، إبنة يواكيم وحنه، نالت، ككل كائن بشري، نعمة الخلاص، في اللحظة الأولى لتكوينها في حشا أمها. والله، بسر تصميمه الخلاصي، واستباقا لاستحقاقات الفداء بطاعة وآلام وموت من سيكون ابنها، يسوع المسيح ابن الله المتجسد، عصمها من خطيئة آدم، المعروفة بالخطيئة الأصلية. هذه عقيدة إيمانية أعلنتها الكنيسة بلسان الطوباوي البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854 أن “مريم تكونت في حشا أمها بريئة من دنس الخطيئة الأصلية”. وبعد أربع سنوات، في ظهوراتها في مغارة لورد، أي سنة 1858، قالت مريم لبرناديت التي سألتها عن اسمها: “أنا البريئة من دنس الخطيئة الأصلية”. وبفضل هذه النعمة انتصرت مريم انتصارا كاملا على أي خطيئة شخصية وعلى نتائجها، طوال حياتها الأرضية، حسب تعليم المجمع التريدنتيني (13 كانون الأول 1545-4 كانون الأول 1563، ال
دورة 6، ق 223) (راجع التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 411). إن مريم “سيدة الخلاص” أضحت مثالا للمخلصين بنعمة المسيح، ورجاء لكل إنسان، بسبب ظهور نعمة الخلاص فيها قبل حدوثه. وتسمى أيضا “سيدة النجاة”، لأنها نجت من خطيئة آدم، وصانت نفسها، بنعمة خاصة من الله، من كل خطيئة فعلية شخصية. ولهذا تسهر على أبنائها المسافرين في بحر هذا العالم، فتنجي اللاجئين إلى حمايتها من الهلاك الذي تسببه الخطيئة”.

وقال: “في تذكار ميلاد السيدة العذراء، وعصمة الله لها من الخطيئة الأصلية منذ اللحظة الأولى لتكوينها في حشا الأم، ندرك أولا أن كل كائن بشري يتكون في حشا أمه، معروف من الله ومراد، وأن لله عليه تصميما، فيخصه بدور في تاريخ الخلاص، مثلما عرف مريم إبنة يواكيم وحنة، وأرادها أما لابنه الإله، فادي الإنسان ومخلص العالم. ما يقتضي من كل واحد منا أن يعيش الشركة مع الله، بالصلاة وممارسة الأسرار والإتحاد به، لكي يتمكن من اكتشاف دعوته الخاصة ودوره في تصميم الله الخلاصي، في رحاب حياة الكنيسة ورسالتها. وندرك ثانيا قدسية الحياة البشرية، المتكونة في حشا الأم من اللحظة الأولى حتى آخر نسمة من عمرها. لأنها تفترض، منذ البدء، عمل الله الخالق، وتظل أبدا في علاقة خاصة مع الله، هدفها الوحيد. ما يعني أن الله وحده سيد الحياة البشرية، من بدايتها حتى نهايتها، وأنه لا يحق لأحد، أيا كانت الظروف، أن يدعي لنفسه حق الإعتداء أو القضاء مباشرة على أي كائن بشري بريء (البابا يوحنا بولس الثاني، إنجيل الحياة، 53)”.

وختم البطريرك الراعي قائلا: “هذه هي ثقافتنا المسيحية، التي طبعنا بها ثقافة لبنان وثقافة بلدان الشرق الأوسط، وينبغي علينا أن نواصل نشرها والدعوة إلى احترامها، بوجه العنف والحرب، وبوجه الإجهاض وسائر الممارسات التي تعتدي على الحياة البشرية، وهي جنين في حشا الأم. لا نستطيع كمسيحيين أن نقبل أو ندعو أو نتساهل مع أي اعتداء على الشخص البشري، على جسده أو نفسه أو حياته. ولهذا نقول أننا نرفض الإعتداء بالإجهاض أو بالعنف أو بالقتل أو بالتعذيب أو بالضرب أو بالحط من كرامة الشخص بسلب الصيت أو بأي شر روحي ومعنوي يؤثر على مصيره التاريخي والأدبي. هذا الرفض يتبرر من كون الله الذي أوجد الحياة، هو وحده سيدها، وبالتالي من كون كل اعتداء على الحياة البشرية هو اعتداء على الله وإرادته وتصميمه. فيا أمنا مريم العذراء، سيدة الخلاص والنجاة، لك نكل حياتنا، لتحميها من كل شر، ولتنال بواسطة ابنك الفادي الإلهي وبشفاعتك، الخلاص الأبدي. فنرفع معك للثالوث القدوس الذي اختارك، كل مجد وإكرام الآن وإلى الأبد، آمين”.

وفي ختام القداس، حمل الراعي صورة القديسة مريم، وأنشد المؤمنون “طلبة يا أم الله”.

بعدها شكر غبطته أبرشية صيدا على هذه الزيارة الراعوية الى بلدات الشوف، ومنحه البركة الرسولية لأبنائها “وهي التي أعطتهم ثباتا في أرضهم”، وحثهم على “مسيرة العودة ليلتقي أبناء الوطن الواحد، تحت قبة سمائه برعاية وحماية راعيه الأمين”.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير