روحانية فصحية للعمل الرعائي اليوم (7)

4. خاتمة: أعطني هذا الغريب

Share this Entry

بقلم الأب د. سميح رعد

        روما، الثلاثاء 11 سبتمبر 2012 (ZENIT.org). – “لسنا من هذا العالم” ومغموسون حتى أخمص أطرافنا في هذا العالم، هذا هو المنطق المسيحي… هذا هو الراعي الفصحي، هذه هي الرّعيّة الفصحية. في بعض صور الحياة نرى الموت، وفي بعض صور الموت نرى الحياة. منطق القيامة هو المنطق الغريب. هو الذي يشفي نظرتنا إلى واقعنا وواقع خدمتنا المشوب بكثير من النقص.

        حياتنا ليست تضادًا أبدًا، بل هي نَفَسٌ قيامي مسيحي، رؤية من خلال عيني السيّد القائم، الذي هو مدارها ومحورها.

        في الرجاء المسيحي نتعلم أن الإنسان يكبر رغم كلّ الجروح والآلام… من الموت تنبع الحياة عندنا… الإنسان يعبر من الحياة إلى الموت، ومن الموت يصفح إلى الحياة، هي سيرورة الفصح.

        الرجاء الذي في المسيحي هو الذي يعيِّشه بأمل أن يحوِّل القحط إلى واحات.

        إذا كانت حياتنا تاريخ، مدعوون أن نتلاقى مع واقعنا اليوم، نقابله، فيه من صفحات “العهد القديم” الكثير، من صوره الكثير. مدعوون إلى العبور برجاء إلى”العهد الجديد”. هذا هو “العهد الجديد”، عهد الفصح والقيامة.

        إذا كانت الرّعيّة في اللغة هي كلّ من شَمِلَه حِفْظُ الراعي ونَظَرهُ، نؤمن أن راعينا هو المسيح القائم يرعانا، يشملنا، يحفظنا. يقينٌ نابعٌ من وعد السيد أنه حاضر في قلب كنيسته… وهو محييها في كلّ الأزمان… حاضر في وسطها فلا تتزعزع.

        في الختام الختام، يطيب لي أن أدندن مع أبينا الجليل في القديسين إبيفانيوس رئيس أساقفة قسطندية في قبرص، نشيد السبت العظيم: “أعطني هذا الغريب“: “شيئاً واحداً أطلب منك يا سيّدي، غرضاً صغيراً جئت من أجله: أعطني أن أدفن جسد ذلك المائت، الذي حكمت عليه بالموت، جسد يسوع الناصري، يسوع الغريب، (…) الغريب المجهول بين الغرباء، المعلّق والمزدرى به بالحقيقة. أعطني هذا الغريب لأنه جاء من كورة بعيدة من أجل أن يخلّص الإنسان المتغرّب عن وطنه السماوي. أعطني هذا الغريب الذي نزل إلى الأرض المظلمة من أجل أن يرفع الغريب. أعطني هذا الغريب لأنه وحده غريب بالحقيقة. أعطني هذا الغريب الذي لا نعرف بلده نحن المغتربين. أعطني هذا الغريب الذي نجهل طريقه ومكانه نحن الغرباء. أعطني هذا الغريب الذي عاش حياة المغترب بين المغتربين. أعطني هذا الغريب الذي ليس له هنا ما يسند إليه رأسه. أعطني هذا الغريب الذي لا سقفَ له، ووُلد في مغارة كغريب بين الغرباء. أعطني هذا الغريب الذي، وهو بعد طفل خارج من المزود، هرب لكي ينجو من هيرودوس. أعطني هذا الغريب الذي تغرّب في مصر وهو بعد في الأقماط. أعطني ذاك الذي لم يكن له لا مدينة، ولا قرية، ولا بيت، ولا مسكن ثابت، ولا أي قريب من جنسه، لكن سكن مع أمه في كورة غريبة مع أنه يحوي كلّ شيء. سيّدي! اسمح لي أن أستر جسد المعلّق عرياناً على خشبة الصليب الذي ستر عري طبيعتي الخاصّة. أعطني أن أدفِنَ ذاك المائت الذي دفن خطيئتي في مياه الأردن. أتوسّل إليك من أجل مائتٍ حُكم عليه من الجميع، سُلّم على يد تلميذه، تركه أصدقاؤه، طرده اخوته وضربه عبده! أتوسل إليك من أجل حكم عليه من قبل هؤلاء الذين حررهم من العبودية، جُرّح من قبل الذين شفاهم، تركه تلاميذه وحُرم حتى من أمّه. أطلب إليك يا بيلاطس، من أجل مائتٍ معلّق على الصليب، ليس له أحد يخدمه، لا أب على الأرض، لا صديق، لا أقارب، لا أحد يدفنه. هو وحده الابن الوحيد للآب الوحيد، الإله في هذا العالم، الذي لا إله سواه.”

المراجع:

-Arnaud JOIN – LAMBERT : « Une spiritualité pascale pour la pastorale d’aujourd’hui », in : Prêtres diocésains, janvier 2007, pp 15 – 25.

-Janine Hourcade : La Femme Dans L’Eglise: Étude Anthropologique et théologique des ministères féminins, Institut catholique de Toulouse, 1986.

-Domingos Paiva Terra : Devenir chrétien aujourd’hui. Un discernement avec Karl Rahner. Editions l’Harmattan, 2006.

– كريستين متري: زوجة الكاهن، صعوبات ورجاء، مقال غير منشور.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير