كيف يرى الشتات اللبناني زيارة قداسة البابا الى لبنان؟

لقاء مع الخوراسقف أنطوان جبران، خوري الرعية المارونية في روما

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

حاوره روبير شعيب

روما، السبت 15 سبتمبر 2012 (ZENIT.org)- إن المسيحيين اللبنانيين المغتربين “فخورون” بأن البابا سيزور البلد الذي يحبه “محبة متفانية ومخلصة” ألا وهو لبنان، هذا ما صرّح به الخوراسقف أنطوان جبران، خوري الرعية المارونية في روما.

عشية زيارة البابا بندكتس السادس عشر الى “بلاد الأرز”، يتحدث راعي كنيسة القديس مارون وعميد المعهد الحبري الماروني في روما، عن تطلعات المسيحيين الموارنة في لبنان.  

إنها المرة الثانية في تاريخ لبنان التي يزور فيها بابا بالتحديد بلاد الأرز. لا تزال ذكريات زيارة البابا يوحنا بولس الثاني حية في أذهان اللبنانيين. ما الأهمية التي تأخذها زيارة البابا بندكتس السادس عشر إزاء الوجود المسيحي في لبنان، مع العلم بأنه في العقود الأخيرة، فقد المسيحيون المنقسمون والذين قل عددهم الكثير من قوتهم السياسية والمعنوية في البلاد؟

إنها الزيارة الرسولية الثانية التي تحدث في لبنان، ولكن في الحقيقة إنها المرة الثالثة التي يمر فيها بابا في لبنان. أراد البابا بولس السادس أن يتوقف في لبنان، في الثاني من ديسمبر 1964، خلال زيارته الى بومباي، وأعلن البابا مونتيني في تلك المرحلة القصيرة: “نحن لا نستطيع أن ننسى، على نحو خاص، ما يمثله إيمان الشعب المسيحي اللبناني للكنيسة، المميز بتناغم طقوسه المتعددة، وبوفرة الجماعات الدينية والرهبانية، وبالأنشطة الرسولية والتعليمية والثقافية والخيرية المتعددة”. إن التناغم بين هذا التنوع الذي تحدث عنه البابا، هو أساسي وهو المحور الذي يدور حوله كل المجتمع اللبناني. إن هذا التناغم هو الأمل الذي يشكله قداسة البابا بندكتس السادس عشر بمناسبة هذه الرحلة الرسولية. يجب على هذا التناغم أن يستمر، وعلى الرغم من كل شيء، حتى وإن تفاوتت النسب بين الإختلافات ولم تعد كالسابق. على لبنان أن يكون مثالا للشرق الأوسط، وأتجرأ أن أقول، للعالم أجمع حيث يخلق أكثر فأكثر، وبخاصة في الدول الغربية، مزيج مهم من الثقافات والأديان. هذا التوازن في المنطقة يضمن السلام واستقرار البلد.

في الوقت الذي يأخذ فيه “الربيع العربي” منحى “شتائيًّا”، ما هي المؤشرات الملموسة للولادة الجديدة التي يمكن ان تجلبها زيارة البابا بندكتس السادس عشر؟ وهل تشارك رجاء الأساقفة الموارنة الذين، وفي بيانهم الأخير، تمنوا بأن تكون هذه الزيارة “ربيعًا حقيقيًّا للمسيحيين وللمنطقة؟”

إن الربيع كفصل انتقالي، يمر بأوقات برد وحر، ولكنه لا يملك مناخًا مستقرًّا وآمنًا. إن قداسة البابا، وكما في كل رحلاته الرسولية، لا يقوم بإيحاءات ظاهرة للولادة الجديدة. إن خليفة بطرس، يتكلم، ويلتقي، وينقل أفكاره بطريقة رمزية. لا يتوق الأب الاقدس الى ربيع عادي فحسب، بل الى تجديد كلي لمجتمع الشرق الأوسط، تجديد من شأنه تبني طريق الحوار والإحترام المتبادل.

لقد التقيتم بالبطريرك الماروني في بكركي، خلال فصل الصيف، واستطعتم أن تلاحظوا شخصيًّا عن كثب مناخ التحضيرات لزيارة البابا. ما هي النشاطات التحضيرية للكنيسة بشكل عام، والكنيسة المارونية بشكل خاص، التي نظمت تحسبًا لزيارة البابا بندكتس السادس عشر؟

لبنان بأكمله يتحضر لاستقبال الأب الأقدس. أما الكنيسة المارونية بشكل خاص، فقد بدأت منذ أشهر بحملة إعلامية كبيرة لتوعية الرأي العام على هذا الموضوع: على لبنان أن يكون مطّلعًا وواعيًا حيال من سيأتي ولماذا هو آت خصيصًا الى لبنان. مع تجهيز المكان للأب الأقدس، تقدم الكنيسة المارونية الى مؤمنيها ، بالإضافة الى الدعم اللوجستي المنتظر، التحضير الروحي اللازم. إن زيارة الأب الأقدس هي فرح، بالطبع، ولكن علينا أن ننظر إليها في المقام الأول على المستوى الروحي: يتحضر المؤمنون بتساعية صلاة، ليفهموا بأن البابا آت لأجلهم، كراعٍ لهم، ليبقى معهم ويصغي إليهم ويكلمهم ويدافع عنهم ويحميهم، على مثال المسيح الراعي الصالح.

بصفتكم موارنة يعيشون في الخارج، وكرعية مارونية لروما، بأي شكل من الأشكال تشعرون بأنكم معنيون بهذه الزيارة؟ وماذا تتمنون للمغتربين اللبنانيين المسيحيين حتى لا يشعروا بأنهم منسيين؟

علينا ألا ننسى بأن المارونيين المغتربين هم بالأساس مسيحيون، ومن هذا المنطلق، مع أنهم بعيدون، هم يظهرون تعلّقًا حميمًا بوطنهم الأم. من ناحية أولى، هم ينظرون الى هذه الزيارة من منظور الحنين: فالبابا ذاهب إليهم، ولكنهم لا يمكنهم أن يكونوا حاضرين لاستقباله والترحيب به. أما من ناحية ثانية، فهم يشعرون بالفخر لأن البابا ذاهب على وجه التحديد الى لبنان وأنه يكنّ لبلدهم محبة متفانية ومخلصة. على وجه خاص، تشعر جماعتنا المارونية في روما، التي تأسست في أبرشية البابا، بأنها جسر، وسيط، صلة وصل ما بين لبنان والبابا. أعتقد أن أي مهاجر لن يشعر بأنه منفصل عن لبنان، ما دام سيترك في قلبه شوقًا لبلده، وما دام يتنشق رائحة الأرز، وما دام سيشعر بالحنين بمجرد التفكير بأفق بحر لبنان: لا يمكن لأحد أن يشعر بأنه بعيد مع أنّه يعيش في بلاد غريبة، إلّا أنّه لبناني في بلاد غريبة!

* * *

نقلته من الفرنسية إلى العربية نانسي لحود

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير