عظات البابا … نبوية

بقلم الأب رفعـــــت بدر

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأردن، الثلاثاء 30 أكتوبر 2012 (ZENIT.org).- أحب الاستماع الى عظات البابا بندكتس، وبعد ذلك أحب قراءتها والتأمل بها. واني لأعتقد جازماً بأنه هو من يحضرّها جميعها، لكن طبعاً مع مستشارين ومراجعين ويبهرني البابا في الربط بين انجيل الأحد وبين المناسبات العديدة التي يترأسها. وهي تأتي على غير التوقعات بل مرتفعة أكثر من أفكارنا وتحليلاتنا. وأسوق على ذلك مثالين :

الأول: تشرّفت بحضور حفل توقيع الارشاد الرسولي في كاتدرائية القديس بولس في حريصا – لبنان. كان ذلك اليوم عيد ارتفاع الصليب ( 14 أيلول ). والإرشاد الرسولي خاص بالمسيحيين في الشرق. وقد كان التوقع أن يتحدث البابا عن ” صليب الرب ” وعن ” صليب المسيحيين” في الشرق، الذين يتألمون، وأحياناً كثيرة يُقتلون، كما يحدث في بعض البلدان.

الا أن كلمة البابا قد أخذت من ” تاريخ العيد ” أي وجدان الصليب المقدس في حقبة الام هيلانة والابن قسطنطين، وهذا الامبراطور الذي فتح بمرسوم ميلانو عام 313 الابواب واسعة أمام الحرية الدينية للديانة الناشئة: أي المسيحية.

وقال البابا اننا في الشرق الاوسط ندعو الى ذات الشيء، أي الى أبواب واسعة من الحرية الدينية، وهي مرحلة متقدمة، يزخر بها الارشاد الرسولي، وتتخطى ما هو موجود حالياً فيه من حرية العبادة وهي ليست حرية دينية ، أو كذلك من التسامح الديني الذي ليس حرية دينية كذلك. يا للربط المدهش الذي جاء به زائر لبنان والشرق ، بين فتح قسطنطين ابواب امبراطوريته للديانة المسيحية، وبين ما تدعو اليه الكنيسة اليوم في الشرق الاوسط.

أما المثال الثاني فهو قداس اختتام السينودس الخاص بالبشارة الجديدة. وكان انجيل الاحد الثلاثين يتحدث عن شفاء الاعمى برطيماوس مع خروج السيد المسيح من اريحا. ولمّا كنا نظن بأنه سيعلق على الانجيل من كلمة السيد المسيح: ” ايمانك خلصك “، ليتحدث عن سنة الايمان… اقتبس البابا من القديس اغسطين بقوله: ان ذكر القديس مرقس ليس فقط لاسم الاعمى برتيماوس، بل وكذلك لاسم ابيه ، طيماوس، يدل على انه انزلق وتدحرج من حالة الثروة والجاه ، الى حالة من الذل والهوان وفقدان الكرامة وزوال الارث الطيب، فهو لم يصبح أعمى فقط، بل صار شحادا ، لذلك صار يبحث عمن ينقذه من هذا الظلال .

وهكذا من فقدان الكرامة الانسانية والكرامة المسيحية، تحدث البابا عن الجماعات المسيحية التي فقدت كرامتها المسيحية، وباتت بحاجة الى من يعيد اليها البهاء والنقاء …إلى من يبشرّها من جديد، وهذا هو جوهر السينودس الجديد، أي اعادة نقل البشرى الى من فقد البوصلة والكرامة المسيحية والرجاء والارث المسيحي الكبير. ما أجل هذا الربط وما أجزله بين انجيل شفاء الاعمى، وسينودس البشارة الجديدة.

ومن ثم تحدث البابا عن المراحل الثلاثة، أو الميادين الثلاثة التي تحتاجها الكنيسة في عملها الارسالي الجديد نحو الفاترين بالإيمان: وهي أولاً التنشئة على أسرار التأسيس المسيحية. وثانياً  واجب الكنيسة اعلان رسالتها الى الامم ، وثالثا الدعوة الى الاهتمام بالمعمدين والبعيدين عن الكنيسة. وسنتحدث عن هذه الميادين الثلاثة بالتفصيل لاحقا، ان شاء الله .

ان كلاً من المثالين الذين سُقتهما عن عظات البابا ، تجعلنا نقول بانها كلمات نبوية يبثها بندكتس السادس عشر لعالم اليوم : وهما يتحدثان عن الجرأة في أن يكون الانسان مسيحياً اليوم وألا يخاف ابدا أو يخجل من المجاهرة بذلك، سواء في العالم العربي أو في العالم الواسع… حتى لو طغت عليه رياح العلمنة والعولمة… وغيرها من أعاصير هذا الزمان. 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير