الفاتيكان، الاثنين 3 ديسمبر 2012 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان نهار الأحد 2 ديسمبر 2012.
* * *
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
اليوم تبدأ الكنيسة سنة طقسية جديدة ، وهي درب تزيدها غنى سنة الإيمان، بمناسبة ذكرى مرور 50 عاماً على افتتاح المجمع الفاتيكاني الثاني. أما الزمن الأول من هذه هذه السنة الطقسية فهو زمن المجيء، الذي يتشكل في الطقس اللاتيني من الأسابيع الأربعة التي تسبق ميلاد الرب، أي سر التجسد. وتعني كلمة “مجيء” “القدوم” أو “الحضور”. كانت تشير هذه الكلمة في العالم القديم إلى زيارة الملك أو الإمبراطور إحدى المقاطعات؛ أما بالمعنى المسيحي، فهي تشير إلى قدوم الله، إلى حضوره في العالم؛ وهو سر يغلف كلياً الكون والتاريخ، ولكنه يبلغ أوجه في حدثين مهمين: المجيء الأول والمجيء الثاني للمسيح يسوع. الأول هو التجسد، والثاني هو المجيء الثاني بالمجد في نهاية الأزمنة. في الواقع، يتواصل هذان الزمنان، البعيدان من ناحية الوقت، وليس لنا أن نعرف التوقيت الفعلي لهما، بعمق، لأنه بموت يسوع وقيامته، تحقق هذا التغيير في الإنسان والكون، وهو الغاية الأخيرة للخلق. ولكن لا بدّ من قبل، أن يكرز بالإنجيل في جميع الأمم، كما قال يسوع بحسب إنجيل مرقس (مر 13، 10) . ويكون مجيء الرب مستمراً ودائماً، فيجب أن يشبّع العالم بحضوره. ويتطلب مجيء الرب الدائم هذا في إعلان الإنجيل تعاوننا باستمرار: والكنيسة، التي تشبه الخطيبة، العروس الموعودة لحمل الله الذي صلب وقام من بين الأموات (رؤ 21، 9)، بالمشاركة مع ربها، تساعد في حدث المجيء هذا، الذي به يبدأ مجيئه الثاني بالمجد.
هذا ما تذكرنا به اليوم كلمة الله، واضعةً قواعد سلوك يجب اتباعها لنكون مستعدين لمجيء الرب. يقول يسوع إلى تلاميذه في إنجيل لوقا : ” فكونوا على حذر لئلا تثقل قلوبكم في الخلاعة والسكر وهموم الحياة… فاسهروا إذاً، وصلوا في كل حين” (لو 21، 34-36). إذاً، السهر والصلاة. ويضيف القديس بولس الرسول إلى هذه الدعوة قائلاً : “وليجعلكم الرب تنمون وتفيضون في المحبة بعضكم لبعض وللجميع، كما نحن نحبكم؛ وليثبت هكذا قلوبكم، بغير لومٍ في القداسة” (1تسا 3، 12- 13).
يستقبل المسيحيون الخلاص في وسط اضطرابات هذا العالم، أو صحارى اللامبالاة أو المادية، ويشهدون لهذا الخلاص بطريقة عيش مختلفة ، كالمدينة الموضوعة على جبل. ” في تلك الأيام، يقول النبي إرميا، يخلّص يهوذا وتسكن أورشليم في الطمأنينة ستدعى به “الرب برّنا” ” (إر 33، 16). فجماعة المؤمنين هي علامة على حب الله وعدالته الحاضرة التي تعمل في التاريخ ولكنها لم تتحقق كلياً بعد، وبالتالي، يجب أن ننتظرها ونتضرع لتحقيقها ونبحث عنها بصبر وشجاعة. وفي هذا الإطار، تُجسِد العذراء مريم بشكلٍ كامل روح المجيء من خلال الإصغاء إلى الله والرغبة العميقة بالعمل بحسب مشيئته وخدمة القريب بفرح. فلندعها تقودنا، حتى لا يجدنا الله الآتي منغلقين على أنفسنا أو غير مضغين له، ولكن يتمكن قليلاً من توسيع ملكه المتصف بالمحبة والعدالة والسلام في كل واحد منا.
* * *
نقلته إلى العربية ديانا حايك – وكالة زينيت العالمية
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية