بحسب رأي البروفيسور جوزيبي نويا، إن ردّة الفعل على خبر انتظار طفل قد شخّص له بتشويه معيّن يعتمد على استشارة الطبيب المناسب ومواجهة صحيحة لخوف الوالدين

 إن البروفيسور نويا، خبير في طبّ ما قبل الولادة ومسؤول في مستشفى جيميللّي في روما، حدّثنا عن مدى أهميّة الدور الذي تلعبه الاستشارة الدقيقة والصحيحة، أمام والدين لحظة معرفتهما بأن الجنين المنتظر بحبّ كبير يحمل تشويهًا معيّنًا. يعتبر البروفيسور نويا بأن خيار الأهل باستقبال أو التخلي عن الجنين المنتظر يعتمد على الطريقة الصحيحة بنقل الموضوع حتى لا يتملك الخوف والذعر على عقل الوالدين.

  أغلبيّة الأزواج  يصلون إلى جمعيّة ’كوريشا ميلليناريا’ بعد تلقيهم التشخيص المشؤوم، الذي هو بحدّ ذاته أمر مؤلم. ولكنك لاحظت بأن الجرح الأكثر ألماً يتأتى من الطريقة اللاإنسانيّة التي تعلن بها نتائج التشخيص. هنا تكمن أهمية الاستشارة... لماذا تبدو مهمّة لهذا الحد معرفة إعطاء نتيجة التشخيص؟

على ضوء الاستشارة يرتكز مصير العديد من الأطفال. أهميّة الاستشارة تكمن في كيفيّة تقديم شرح علمي وجدي للواقع، حول وضع الجنين في الرحم، غالباً، ان الخوف والجهل لدى العاملين في المجال اللذين  لا يفقهون حقّاً التشخيص الطبيعي لأمراض الأجنّة، يولّد لديهم نوع من الشكّ التشخيصيّ، وطريقة عرض هذا التشخيص يصبح ضروريّ للمرأة والعائلة لتحاشي خيار الإجهاض المدمّر.

هل برأيك أن موضوع ’الاستشارة’ يحظى بتقدير عادل في الأوساط الطبيّة؟

ان هذا السؤال بغاية الأهميّة، العديد من الأطباء والتقنيّن والممرضين يعتبرون أن لحظة الاستشارة لا تعني فقط الوضع الطبيّ ولكن أيضاً الوضع القانوني الطبيّ. وللأسف ان في بعض الأحيان تفهم الاستشارة كأنها عامل ضغط لحضّ النساء على أخذ خيارات بعيدة عن أهميّة الاستشارة وواقعها الطبيّ. هناك كتاب جميل تحت عنوان "ولادات متمرّدة"، لكاتبة أمريكيّة، تظهر كيف أن في المجتمع الأمريكي، كأن الأطباء يدفعون بالنساء لخيار الإجهاض متناسين بذلك بأن الاستشارة يجب أن تكون موقف طبيّ ’حياديّ’ بالمطلق. وبعد ذلك يبدأ التعرّض لمصير الطفل... في تلك اللحظة يتوجّب علينا، نحن الأطباء اللا نكون حياديين فيما يتعلق بمصير الطفل، انما يتوجّب علينا أن نكون ’موضوعيين’ ونتمتّع ’بجديّة علميّة’ حول ما يتعلّق فعليّاً بما هي الطبيعة الحقيقيّة لهذا المرض. وبهذه الطريقة يمكننا اعطاء الطفل الاعتبار الكامل.

وبالتالي، أن القدرة على تقديم استشارة دقيقة يجب أن تتماشى مع معرفة استعمال هذه التقنيّة. إذ أننا عندما ننقل بشكل موضوعيّ حالة الجنين علينا مرافقتها ببعض الأحاسيس. لا يجب علينا التصرّف بلامبالاة تجاه مصير ذلك الطفل. واجبنا القول، على سبيل المثال: "أنظري، هناك وادٍ وإذا ذهبت إليه ستصابين بالأذى"... هذا بالشكل الموضوعيّ. وإذا كان جواب المرأة بأنها تريد الذهاب بكل الأحوال، هنا يجب أن ندخل القليل من الأحاسيس، مع الشرح المطوّل والدقيق حتى نتمكن من إفهامها بكل الأمور. هذا قسم من الإستشارة: ليس فقط معرفة المشكلة، بل معرفة التعامل مع الخوف والصعوبات التي ستواجههما المرأة والزوجين.

لماذا، برأيك، اللجوء إلى الإجهاض اليوم أصبح أمرًا معتادًا؟

لأننا نحيا في مجتمع حيث الألم والتضحية لا يجب أن يتواجدا. في أيامنا هذه، عيش مفهوم تخفيف الألم مقبول بشكل جزئيّ فقط. الميل اليوم هو باتجاه محو الألم، وهنا يأتي الخطأ المزدوج، أولاً لأنه لا يجوز "محو الألم، بمحي المتألّم" وثانياً لأنّه قد يتمّ تهدئة الألم ولكن لا يمكن محوه من حياة الإنسان. يجب اعطاء العلم القدرات التي لم يتم منحها حتى اليوم. ومع قدرات القلب، يمكن مشاركة الآخرين بآلامهم، ومساعدتهم على تهدئة وفي بعض الأوقات شفاء الآلام.

ما هو التزامك مع جمعيّة ’كوريشا ميلليناريا’؟

أكثر من التزام يمكن تسميته هبة، قادمة من الله. لا يمكننا إلّا أن نشكر، لأن هذه الحقيقة تجعلنا ننضج فنجعل المعرفة بخدمة الإنسان، وتصبح عندها العلوم بخدمة الإنسان. لا أعتقد بأن أحد غير الله قد يتمكن من خلق طريقة لمساعدتنا نحن الأطباء أمام معاناة وبطولة هذه العائلات. نحن عطاء لهم وهم بدورهم عطاء لنا... وجمعيّة ’كوريشا ميلليناريا’ هي عطاء للجميع! (إنها جمعيّة الأطفال الذين عادوا إلى السماء).

تحدثت في كتابك الذي تشاركك بكتابته سابرينا بيترانجيلي بالوتزي عن مرافقتك للأزواج الذين علموا بأن ابنهم سيموت قريباً. ماذا تمثّل ومثّلت هذه العائلات لك؟

يمثلون ما يسميه العهد القديم "تذكر يا إسرائيل". هم شهادة حيّة تاريخيّة لكم أن مهنة ممارسة بصدق وجهد تتحوّل ليصبح خدمة. ويجب مواجهة الفقر الشديد بالحب الكبير.

أين تجد هذه العائلات القوّة لاستقبال طفل مصيره الموت المؤكّد؟

يجب عليّ القول بأنّ "الموت المؤكّد" و"الجنين المنازع"، عباراتان تمثّلان الوضع الخطير للجنين. لدينا مجموعة من "حقائق لا يمكن شرحها" قد غيّرت تاريخ طفل، لنتمكن من التأكيد على ذلك. ولذلك فإن جمعيتنا بدأت مع قصّة طفل ذات "أمور لا يمكن شرحها" قد كتب على ملفّه الطبيّ "حلّ طبيعي" ولكن لا يمكن شرحه "عجائبي". غير أن الأطفال الذين قد تشخّص لهم عدم النجاة خارج أحشاء والدتهم هم هبة رائعة للوالدين. وطريقة مرافقتهم لهذا الطفل مليئة بالمعاناة ولكن ليس بفقدان الأمل أبداً. إن القبول بالطفل ال مريض، ومرافقته، حتى الموت بذاته، يصبح ممكناً لأنه ممزوج بالحبّ والقبول، مع الإقتناع بأن خلف هذه الحياة الفارغة ودون مستقبل، يختبئ مشروع حب سيظهر مع الوقت. وغالباً ما يعطي الوقت الحقّ لهذه العائلات.