عندما اتأمل بما يجري في العالم، وفي الكنيسة التي هي ضمير العالم، وبذاتي التي هي شريط هوائي صغير مربوط بالعالم وبالكنيسة، احسب أننا داخلون في عاصفة.
امام الريح الهوجاء، ارى ارضي التي هي رمز الاستقرار كأنها غير قادرة على استيعابي واطعامي.
امام هذه الريح، ارى الكنيسة، مرساة الخلاص والحصن الحصين، كما لو كانت عاجزة عن ان تنقل الطمأنينة والاستقرار للفقراء والمحتاجين.
الخوف يسكن مدينتي حلب.
الخوف يسكن الكنيسة.
انني لا اتعجب اذا كانت المدينة خائفة: هذه ظاهرة طبيعية امام انتشار الرعب والارهاب.
لكن خوف الكنيسة يوجعني لانها العلامة المزعجة لنقص ايماننا بالمسيح القائم من الموت، بالمسيح الملك المنتصر.
هذا هو الغريب! تماماً في هذا الوقت الذي لا يحق لها أن تكون خائفة لانها وجدت دعم الروح القدس الخارق المجدد.
لكن الخوف بلغ اقصاه عند انهيار الضمانات: السوسيولوجية والسياسية والثقافية والمؤسسية. ان سقوط البناء التاريخي في مدينتي جعل الكثيرين من المسيحين يشكون بوجود الله، وصاروا يتكلمون عن الاشياء المنظورة اكثر منها على الاشياء غير المنظورة، وصاروا يؤمنون بمؤسسة الحضارة المسيحية والجمالية والتاريخية الحلبية اكثر من الله نفسه.
نعم، انه الانجيل يقرع ابوابنا.
لم يترك الله شعبه.
والروح ينادي الكنيسة عروسته، وعلى العروسة الا تخاف.
الخوف هو علامة قلة ايمانها وقلة الثقة بالذي هو اله المستحيل.
هذا هو رجائي الحقيقي، ليس الرجاء المبني على التفاؤل البشري، ولكن الرجاء المولود من متناقضاتي ومن ضعفي، من متناقضات واوهان الكنيسة، من رؤية الفوضى في عالم اليوم وفي عالم كل يوم.
عندي ثقة، ليست مبنية على قواي الشخصية ولا على قوى الكنيسة المنظمة ولكن على الاله الحي فقط، على حبه للانسان، على عمله في التاريخ، على ارادته المخلصة.
اثق بالله الذي أقام المسيح من بين الاموات، والذي باستطاعته أن يجدد كل شيء.