يقسم كتاب الصلاة لمدار السنة الطقسية ( حوذرا ) السنة الطقسية الى مجموعة من الأقسام يطلق عليها سابوعات ( شاووعي ) حسب تسلسل الأحداث والتواريخ بدءاً بموسم البشارة وأنتهاءً بسابوع تقديس البيعة ، ومن بين هذه السابوعات ، سابوع أيليا وهو كمعظم سابوعات الطقس الكلداني يتكون من سبعة أسابيع غير أنه يتداخل معه سابوع الصليب لذلك فيطلق عليه عادة أسم موحد هو سابوع أيليا – الصليب ، ويحصل هذا التداخل في الأحد التالي لعيد الصليب حيث يكون الأحد الرابع من سابوع أيليا والأول من الصليب ، وينتهي هذا السابوع المشترك بالأحد الرابع صليب والأحد السابع أيليا ، ليبدأ بعده سابوع موسى .ولهذه السابوعات ( أيليا والصليب المتداخلان وسابوع موسى ) رمز في طقسنا الكلداني حيث يمثل سابوع أيليا تمهيداً لمجيئ المخلّص كما جاء في نبوءة ملاخي ( 4 : 5 هئنذا أرسل أليكم أيليا النبي قبل مجيئ يوم الرب العظيم والمخيف ) وسابوع الصليب يرمز الى مجيئ المسيح لذلك يسبقه سابوع أيليا سابوع الصليب تذكاراً للصليب المقدس الذي به سوف يدين العالم الدينونة العامة. ليأتي بعده سابوع موسى .
ولدى النبي أيليا والنبي موسى مكانة عظيمة في الكتاب المقدس حينما خصّهما بالظهور لبطرس ويوحنا وأخاه يعقوب في حادثة تجلّي الرب على جبل طابور وأظهار مجده الألهي أمام تلاميذه الثلاث بحضور النبي أيليا والنبي موسى معتبراً النبي أيليا ممثلاً لأنبياء العهد القديم , والنبي موسى ممثلاً للشريعة ( الناموس ).ومن الجدير بالذكر أنه هناك صوم لمدة أربعين يوما يبدأ في الأسبوع الأول من سابوع أيلياً .
ظروف ظهور النبي أيليا ؟
ظهر النبي أيليا في فترة أنقسام مملكة اسرائيل الى مملكتين ، مملكة الشمال التي كانت تشمل عشرة أسباط من أسباط اسرائيل وكانت أكبر مساحةً وأكثر نفوساً وأكثر غنى من مملكة الجنوب التي كانت تشمل سبطَين فقط من أسباط أسرائيل هما سبط يهودا وسبط بنيامين ، ولكن مملكة الشمال أحتاجت الى عاصمة لأن العاصمة التقليدية ( أورشليم ) كانت عاصمة مملكة الجنوب وكذلك هيكل سليمان كان من ضمن أراضي مملكة الجنوب ، وسوف نركّز على مملكة الجنوب التي كانت مسرحاً لأيليا النبي الذي سوف يدور حديثنا هذا عنه .
في خلال الفترة ( 886 ق م – 747 ق م ) ظهر النبي أيليا وتحديداً في فترة حكم الملك آخاب ( 875 ق م – 853 ق م ) وكانت هذه المملكة في حاجة الى عاصمة ( لأنه كما ذكرنا فأن عاصمة أسرائيل التقليدية – أورشليم كانت بيد دولة الجنوب ) لذلك أشترى الملك عمري ( وهو والد الملك آخاب ) هضبة في قلب مملكته وتقع على مفترق الطرق وبنى عليها مدينة مسوّرة ومحصنة سماها السامرة ونمت نموّاً سريعاً لأنها كانت قريبة من الدولة الكنعانية المتقدمة في ذلك الحين في النواحي التجارية والأقتصادية وظلّت مركزاً رئيسيا وهاماً حتى بعد زوال مملكة اسرائيل سنة ( 721 ق م ) السبي الآشوري .
أما البنية الدينية فكان أن أحتاجت مملكة الشمال الى هيكل عام ومذبح للشعب ، فأرادت أن تزاحم هيكل أورشليم فأختارت معبدين مشهورين ( دان ) في الشمال و ( أيل ) في الجنوب وجعلت فيهما ” عجلَين ذهبيين ” تعبيراً عن عبادة الله الخفي.وكانت بذلك قد خاطرت في أدخال الصور والتماثيل الكنعانية الى شعائر عبادتهم ، فخلط الشعب بين الرب والآلهة (التماثيل) وبمرور الوقت أصبح الأمر خطيراً بزواج الملك آخاب من أبنة ملك صور الوثني ( أيزابيل ) التي شجّعت ديانة البعل الكنعانية , وبواسطتها أدخلت ديانة البعل , وفي هذا الوسط بعث الله نبي عجيب هو أيليا التشبي ومنحه الله الجرأة ليتم عمله .
كان آخاب ضعيف الشخصية تجاه زوجته أيزابيل , وتغاضى عما فعلته زوجته بأضطهادها الكهنة وأنبياء الله حيث قتلت منهم من قتلت وشرّدت الآخرين الى الجبال والكهوف هرباً من سطوتها يعاونها في ذلك كهنة البعل الذين كانوا طوع أمرتها , وبذلك أستطاعت أن تجعل الشعب جميعه يتوجه الى عبادة البعل وترك الله بعد أن بنت مذبحاً للبعل في السامرة ، ثم بنت الهياكل الوثنية في كافة أرجاء المملكة، وهكذا بدت وكأن الأرض كلها أرتدت عن عبادة الله الحي، ولم يبقَ سوى سبعة آلاف شخص لم يسجد للبعل رغم الخوف والأضطهاد الذي كانوا يتعرضون له وكانوا مختبئين بصورة دائمة لدرجة أن النبي أيليا لم يشعر بوجودهم .
من هو إيليا ؟
أيليا كلمة عبرية معناها ” الهي هو يهوه ” شجاع غيور من أجل الله عاش في مملكة الشمال في النصف الأول من القرن التاسع قبل الميلاد ، ظهر فجأة ولا يعرف شيئاً عن عائلته ، نشأ صبياً كأفراد جيله ، يقال أنه عمل راعياً للغنم في صباه على الجبال، وعندما أصبح رجلاً أمتاز بقوة عضلاته وطول قامته وأستقامتها وعضلاته المفتولة وقوته البدنية ولقبه التشبي قد يكون أنه ولد في تشبي ( الذي معناها الغريب ) .يرد ذكره في الكتاب المقدس ، سفر ملاخي ( 4 : 5 ) “ [هَئَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ[كما يرد ذكره في لوقا ( 1 : 17 ) ] وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً[.