عظة سيادة المطران عصام يوحنا درويش في ذكرى المرحوم جوزف سكاف

3 تشرين الثاني 2013

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أشكر معالي ايلي بك لدعوته الكريمة لنكون معه في الذكرى الثانية والعشرين لرحيل والده جوزف بك سكاف، هذا الرجلٌ العظيم من رجالات لبنان ومن كبار زحلة، والسنوات التي غيبته عنّا، زادتنا قناعة بأننا نفتقد في هذه الأيام لأمثاله، نفتقد صفات القيادة التي كان يتمتع بها، ونفتقد فيه الزعامة الحقة المبنية على سيادة الموقف وحرية الرأي وشجاعة القيادة.

كثيرون في السنوات الماضية، تحدّثوا عنه وذكروا فضائلَهُ وعدّدوا مناقبيته، وكلُّ الذين عرفوه أحبوه وتعلّقوا به، ورأوا فيه قائدًا ومناضلاً من أجل شعبه.

نقولُ عنهُ أنّهُ كانَ إنسانا نادرًا، لأنَّهُ كانَ رجلاً فتحَ قلبَهُ وعقلَهُ وعبَرَ بزعامته الطوائفَ والإيديولوجيات، إختارَ أن يرتفعَ فوقَ كلِّ انتماءٍ وأن يجعلَ خدمة الزحليين والبقاعيين محور حياتهِ وهمّه الوحيد.

هذا النموذج الذي قدَّمَهُ المرجوم جوزف سكاف، بتعاطيه ورؤيتهِ إلى الأمور هو أهم ما نفتقدَهُ هذه الأيام، فاختبارُهُ المواقِفَ الصحيحة بما فيها موقفه من الطائف أظهرت حسنَ رؤيَتِهِ لقضايا الوطن.

نفتقده في هذه الأيام التي تشهدُ فراغًا سياسيًّا وتنازعًا واقتتالاً، نفتقدُ استعلاءَهُ عنِ الصغائر، ونفتقدُ شجاعته في الدفاعِ عن كرامةِ الوطن.

صنَعَ مجدَهُ بشجاعةِ مواقِفِهِ وصدقِ أفعالِهِ وسيرَتِهِ. لم نرَ في شخصهِ إلاّ صفاتِ القائدِ المحبوب، ولم نرَ في تصرّفاتِهِ إلاّ الشهامة ولم نعرفْهُ إلاّ غيورًا على مصالحِ الناس ومصالِحِ الوطنِ والأمّة. وبإمكاننا أن نجزم بأن جوزف سكاف لم يعِش من أجل نفسِهِ بل من أجل الآخرين.

نحن واثقون أنَّ ذكراه ستبقى أنشودةً نتمنّى أن تتكرّر فيما بيننا. ذكراه أمانة في قلب ايلي بك فيذكرنا بدوره بأن الذين يريدون أن يتعاطوا السياسة في زحلة ولبنان عليهم أن ينهلوا من مدرسة جوزف سكاف، هذه المدرسة المبنية على الخدمة والانفتاح والمحبة.

لقد سمعنا في رسالة اليوم أن المسيح هو سلامنا وهو الذي جعل الاثنين واحدا، وصالحنا معا وهدم حائط العداوة بيننا. لذا أناشدكم اليوم في هذه المناسبة أن نعمل معا يدا بيد ونُسقطَ الحواجز الموجودة بيننا ونترفَّعَ عن الخصومات والحساسيات التي نبنيها بيننا بسبب انتماءات سياسية ضيقة بينما مصيرنا واحد ومشترك والحوادث التي تجري حولنا تطال جميع مكونات مجتمعنا.

أما إنجيل الغني ولعازر الذي قرأناه على مسامع محبتكم فهي حادثة جميلة تعزي الفقير لأنه يفوز بالجائزة النهائية، أي السماء بينما الآخر وهو غني يذهب الى العالم السفلي فارغ اليدين. إنها قصة تروي لنا عالم “الأنا” وعالم ال “نحن”.

إن خطيئة الرجل الغني لا تكمن في غناه لكنها تكمن في أنه كان غارقا في عالمه الخاص حتى نسي الشريعة التي توصيه بالرحمة والعدل (أشعيا58/6-7).

وخطيئته تتلاقى مع خطيئتنا عندما نصممُ على العيش وفق رغباتنا الشخصية وإرادتنا، أو حسب إرادة مجتمعنا العلماني، بينما نحن مدعوّون أن نقود حياتنا وفق إرادة الله. والرب يدعونا أن نحطم عالم “الأنا” وننتقل إلى عالم ال “نحن”. هذا العالم سلكه قبلنا كثيرون من آبائنا وأجدادنا ومنهم المرحوم جوزف سكاف، الذي نذكره اليوم في صلواتنا، والذي يدعونا اليوم من السماء “لنولد من جديد” أي أن نولد من الروح ونكون أبناء النور.

باسم أخوتي أصحاب السيادة وباسمكم جميعا نجدد شكرنا لإيلي بك على دعوته ونشد على يده ونقول له نحن معك وليبارك الرب جميع خطواتك، نسأل العذراء سيدة النجاة أن تباركك وتوفقك وتمدك بالحكمة والفطنة وأن تحافظ على تراث وتاريخ عائلة سكاف التي خدمت ومازالت تخدم هذه المدينة.

نعمة ومحبة الله الآب والابن والروح القدس تكون معكم أجمعين. آمين

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير