البابا: وجودنا على الأرض هدفه الملكوت لا الموت!

كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في عيد جميع القديسين

Share this Entry

أيها الاخوة والأخوات الأعزاء، صباح الخير!

نحتفل اليوم بعيد جميع القديسين وهو يذكّرنا بأنّ هدف وجودنا ليس الموت بل الملكوت. يكتب يوحنا الرسول عن ذلك: “أيّها الأحبّاء نحن منذ الآن أبناء الله ولم يظهر حتّى الآن ما سنصير اليه. نحن نعلم أنّنا نصبح عند ظهوره أشباهه لأنّنا سنراه كما هو” (1 يو 3 ، 2). القدّيسون هم أصدقاء الله، وهم يؤكّدون لنا بأنّ هذا الوعد لا يخيب. عاش القدّيسون اتّحادا عميقا بالله خلال وجودهم على الأرض، رأوا وجه الله في وجوه الاخوة الصغار والمهمّشين، والآن يتأمّلون جمال مجده وجها لوجه.

ليس القدّيسون أناسا خارقين كما أنّهم ليسوا كاملين. بل هم، مثلنا ومثل أيّ واحد منّا، عاشوا حياة طبيعيّة بأفراحها وآلامها وأتعابها وآمالها. ما الذي غيّر حياتهم؟ لقد عرفوا حبّ الله وتبعوه بكلّيتهم بدون شروط أو نفاق؛ صرفوا حياتهم في خدمة الآخرين، احتملوا الآلام والمحن بدون أن يبغضوا وبادلوا الشرّ بالخير ناشرين الفرح والسلام. هذه هي حياة القدّيسين: هم أشخاص أحبّوا الله حبّا غير مشروط، بلا نفاق، صرفوا حياتهم في خدمة الآخرين، في خدمة القريب. احتملوا عدّة اعتداءات بدون أن يكرهوا. لم يعرف القدّيسون البغض. افهموا هذا جيّدا: إن كان الله هو مصدر المحبّة. فمن أين يأتي البغض اذا؟ لا يأتي البغض من الله بل من الشيطان! وقد ابتعد القدّيسون عن الشيطان؛ هم رجال ونساء يحملون الفرح في قلوبهم وينقلونه للآخرين. هذا هو طريق القداسة: رفض البغض وخدمة الأكثر عوزًا، والصلاة والعيش بفرح.

ليست القداسة امتيازًا يحظى به البعض، كمن حصل على ميراث كبير؛ بالعماد حصلنا على ميراث أن نغدو قدّيسين. القداسة هي دعوة للجميع. جميعنا مدعوّون للسير في طريق القداسة، ولهذا الطريق اسم ووجه: وجه يسوع المسيح. هو يعلّمنا أن نكون قدّيسين. هو يظهر لنا الطريق في الانجيل: طريق التطويبات (متّى 5 ، 1 – 12). ملكوت السموات هو للذين يثقون بمحبّة الله لا بالأشياء الدنيوية؛ هو لأصحاب القلوب البسيطة والمتواضعة، الّذين لا يتظاهرون بأنهم أبرار ولا يحكمون على الآخرين، يتألّمون مع المتألّم ويفرحون مع الفرح. ليسوا عنيفين بل هم رحماء، يسعون ليمسوا صانعي مصالحة وسلام. القدّيس والقدّيسة هما صانعا المصالحة والسلام؛ يساعدن الناس في احلال المصالحة والسلام. كم هي جميلة القداسة، إنها طريق رائع!.

اليوم، في هذا العيد، يدعونا القدّيسون قائلين: ثقوا بالربّ لأنّ الربّ لا يخيّب! هو الصديق الّذي يبقى دائما بقربنا. يشجّعنا القدّيسون بشهادتهم كي لا نخاف من المضيّ بعكس التيّار أو من ألاّ يفهمنا الآخرون أو أن نكون محط سخرية عندما نتحدّث عن الله وعن الانجيل، يبرهنون لنا، من خلال حياتهم الأمينة لله ولكلمته، هذه الحياة التي تختبر منذ الآن راحة محبّته، وأضعافها في الأبديّة. هذا هو رجاؤنا وطلبنا من الربّ لاخوتنا وأخواتنا الموتى. وقد وضعت الكنيسة، وبكلّ حكمة، يوم عيد جميع القدّيسيون يوم تذكار الموتى المؤمنين في يومين متتاليين. تتّحد صلاتنا بصلوات من سبقنا بالانتقال من هذا العالم الى الحياة الأبديّة.

نرفع صلاتنا بشفاعة مريم ملكة جميع القدّيسين.

***

نقله من الإيطالية الى العربية بول غصن- وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية

Share this Entry

Francesco NULL

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير