افتتاح دورة مجلس والأساقفة الكاثوليك في لبنان – بكركي – الاثنين 11 تشرين الثاني 2013

ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الإثنين 11 تشرين الثاني 2013، في الصرح البطريركي في بكركي، الدورة العادية السابعة والاربعين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، بمشاركة بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك نرسيس بدروس التاسع عشر، بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، البطريرك مار نصرالله بطرس صفير وحضور السفير البابوي غابرييل كاتشا الذي شارك في الجلسة الإفتتاحية، لفيف من الأساقفة و الرؤساء العامين والرئيسات العامات.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بعد رفع الصلاة افتتح البطريرك الراعي الدورة بكلمة اكد فيها ان الواجب الوطني يقتضي من الجميع العمل الدؤوب على ايجاد مخرج للأزمة السياسية والإقتصادية في لبنان، بدءا بتأليف حكومة قادرة ووضع قانون جديد للإنتخابات واجرائها باسرع ما يمكن. وقال:”

1. يسعدني في البداية أن أحييكم وأرحّب بكم مع أطيب الدعاء. ومعكم نرحّب بالأعضاء الجدد الذين واللواتي ينضمّون إلى مجلسنا، وهم:

–  عن الابرشيات: المطران ادوار ضاهر، رئيس أساقفة طرابلس للروم الملكيين الكاثوليك الجديد، خلفًا للمثلث الرحمة المطران جورج رياشي، الذي نلتمس له من الله الراحة السعيدة في السماء، ولخلفه العمر الطويل والنجاح؛ المونسنيور غبريـال موراديان، المدبر البطريركي على الأبرشية البطريركية للأرمن الكاثوليك في بيروت، خلفًا للمطران جان تيروز الذي نُقل إلى أبرشية باريس.

– عن مجلس رؤساء الرهبانيات في لبنان: قدس الأب مالك بو طانوس، الرئيس العام لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، خلفًا لقدس الأب إيلي ماضي؛ الأرشمندريت أنطوان ديب، الرئيس العام للرهبانية الباسيلية المخلّصية، خلفًا للأرشمندريت جان فرج؛ الأرشمندريت إيليمعلوف، الرئيس العام للرهبانية الباسيلية الشويرية، خلفًا للأرشمندريت سمعان عبد الأحد؛ قدس الأب جورج خوّام، الرئيس العام لجمعية الآباء البولسيّين، خلفًا لقدس الأب الياس أغيا؛ الأب طانيوس رزق، رئيس شبه أقليم الشرق الأوسط للرهبانية الكبوشية، خلفًا للأب طوني حداد.

– عن مكتب رئيسات الرهبانيات في لبنانالأم جوديت هارون، الرئيسة العامة للراهبات الانطونيات المارونيات، رئيسة المكتب؛ الأم غبريـال بو موسى، الرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات، نائبة الرئيسة؛ الأم منى وازن، الرئيسة العامة لرهبانية الراهبات الباسيليات المخلصيات؛ الأم ماري كلود ندّاف، الرئيسة الأقليمية لأخوات الراعي الصالح؛ الأخت سيلفستر العلم، النائبة العامة والرئيسة الإقليمية لرهبانية الوردية في لبنان.

إننا نشكركم جميعًا على الشركة والموآزرة في هذا المجلس، مع الدعاء لكم بدوام الخير والنجاح. ونعرب عن تقديرنا للخدمة الرفيعة التي قدّمها الذين واللواتي غادرونا، متمنّين لهم فيض النعم الإلهية.

2. “الشهادة في حياة الكنيسة ورسالتها في لبنان”. هذا هو الموضوع العام لدورة مجلسنا. نقتبسه من الإرشاد الرسولي للبابا بندكتوس السادس عشر: “الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة“، ومن الإرشاد الرسولي للطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني: “رجاء جديد للبنان“. نودّ الإعراب، منذ الآن، عن شكرنا للمحاضرين الذين سيتناولون الموضوع من جوانب مختلفة ومتكاملة: بيبلية ولاهوتية، روحية وراعوية، حياتية واجتماعية، كنسية ومدنية.

وتشمل أعمال دورة المجلس شؤونًا إدراية، وانتخابية، ومناقشة تقارير اللجان الأسقفية، واتّخاذ قرارات وتوصيات، وإصدار بيان ختامي شامل. وتجدر الإشارة إلى الاحتفال بإعلان الكتاب المصوّر والموثّق الذي أعدّته ونشرته اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام والمركز الكاثوليكي للإعلام عن زيارة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر إلى لبنان (14-16 أيلول 2012). يجري هذا الاحتفال هنا، في الكرسي البطريركي بحضور فخامة رئيس الجمهورية، ظهر يوم الجمعة 15 الجاري.

3. من صميم جوهر الكنيسة وحياتها ورسالتها، الشهادة ليسوع المسيح، لشخصه، لمحبته العظمى، لسرّ موته وقيامته، لفداء الجنس البشري وخلاص العالم. فللمسيحيين الأُوَل الذين نواصل نحن حضورهم في هذا الشرق، كانت الوصية والارسال الدائمان: “وتكونون لي شهودًا في أورشليم وكل اليهودية والسّامرة، حتى أقاصي الأرض”(رسل1: 8). ذكّرنا قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في الإرشاد الرسولي: “الكنيسة في الشرق الأوسط” بغاية الحضور المسيحي في بلدان الشرق الأوسط، الذي “يتخطّى بكثير الانتماء السوسيولوجي إليها، أو النجاح الاقتصادي والثقافي فيها، ليتّخذ دفعًا جديدًا من ماوية البدايات، من الإرسال الإلهي للكرازة بالإنجيل، فتكون كلمة الله روح حياتنا المسيحية وأساسها”(فقرة 71). واكّد الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني في ارشاده “رجاء جديد للبنان” ان رسالة الكنيسة في العالم ان تشهد للمسيح ولمحبة الله بالاعتناء باليتامى والفقراء، وتعزيز الاخوّة بين الناس، وتحرير الاشخاص من كل ما يعوق نموهم الانساني والروحي، ذلك ان “مجد الله الانسان الحي” (فقرة 100و101).

4. والشهادة الحقيقية الفاعلة هي تلك التي تنبع من الإيمان المسيحي “العامل بالمحبة”، على ما يقول بولس الرسول(غل5: 6). ولكي تكون شهادة إيماننا كذلك، ينبغي أن نتعمّق، نحن وشعبنا، في كلام الله المنقول إلينا في الكتب المقدسة، وعبر تقليد الكنيسة الحي وتعليمها؛ وأننُنضّجه بالصلاة والمشاركة في الليتورجيّة الإلهية والحياة الأسراريّة؛ وأن نجسّده بأفعال المحبة الاجتماعية الظاهرة في إنماء الشخص البشري ماديًّا وإنسانيًّا وروحيًّا وثقافيًّا، وإنماء المجتمع على مستوى الاقتصاد والعدالة الاجتماعية والحداثة، في إطار دولة مدنية منظمة وقوية بمؤسساتها الدستورية، تُعطي لله ما لله، وللوطن ما للوطن.

5. برسالته الأولى “نور الإيمان“(29 حزيران 2013)، أراد قداسة البابا فرنسيس أن يُشير إلى حاجة العالم، المتخبّط في ظلمات الإلحاد والحروب والفقر والعنف واللاأخلاقيّة والنزاعات، إلى نور المسيح هو الذي قال عن نفسه: “أنا النور، أتيت إلى العالم، لكي كل مَن يؤمن بي لا يمكث في الظلام”(يو12: 46؛ الفقرة، 1).

كم لبنان بحاجة إلى نور المسيح! لكي يخرج من ظلمة النزاع السياسي – المذهبي المعطِّل لقيام المؤسسات الدستورية ولدورها، ومن ظلمة الفقر والأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، ومن ظلمة الحقد والتباغض والتقاتل، ومن ظلمة فتور المحبة في القلوب وانحطاط الأخلاق!

وكم بلدان الشرق الأوسط بحاجة إلى نور المسيح! لكي تخرج من ظلمة الحرب والعنف والإرهاب، ومن ظلمة القتل والتدمير، ومن ظلمة العمى الروحي والتعصّب الديني والأصوليات.

6. لا بدّ من التذكير بأنّ وجودنا في لبنان وفي بلدان هذا الشرق يرقى إلى ألفَي سنة. وقد غذَّى المسيحيون تاريخها وثقافاتها بالقيَم الإنجيلية جيلاً بعد جيل. وكانوا في أساس النهضة العربية، ولعبوا دورًا فاعلاً في تكوين الحضارة المسيحية – الإسلامية. فلا يمكن أن نقف نحن اليوم موقف المتفرّج، المكتوف الأيدي، أمام هذا السعي إلى تدمير ما بنينا معًا، مسيحيين ومسلمين، على مدى ألف وأربعماية عام من العيش معًا، مع ما تخلّله من مصاعب وتجاوزات لها، بحكم ثقافة العيش معًا. ان الواجب الوطني يقتضي منهم العمل الدؤوب والمسؤول على ايجاد المخرج للازمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وللخلافات الداخلية، وللاخطار الامنية، بدءًا بتأليف حكومة قادرة، ووضع قانون جديد للانتخابات، يؤمّن المناصفة وحسن التمثيل ويحفظ المساواة والممارسة الديمقراطية العادلة، وباجراء الانتخابات النيابية في اسرع ما يمكن.

إنَّ الحضور المسيحي في لبنان وبلدان الشرق الأوسط، إنّما هو للشهادة والخدمة والرسالة. فلا هجرة ولا خوف، وبخاصة لا تقوقع ولا ذوبان. فالتقوقع يلغي رسالتنا، والذوبان يقضي على هويتنا. هذا هو خيارنا الشخصي والجماعي، لأنّه ينبثق من إيماننا المسيحي.

7. يعلّم قداسة البابا فرنسيس في إرشاده الرّسولي “، أنّ إيماننا المسيحي الذي تربّينا عليه ينبغي ان يصبح نورًا ينير كلَّ العلاقات الاجتماعية، ويجعلها علاقات أخوّة أساسها الله أبو الجميع. فأتعلّم من هذا الإيمان أن أرى في كلّ إنسان بركة لي من الله، وأن نور وجه الله يضيء عليّ من خلال وجه أخي الإنسان. ويضيف البابا فرنسيس: “في صميم الإيمان البيبلي توجد محبة الله، وعنايته الواقعية تجاه كلّ شخص، وتصميمه الخلاصيّ الذي يشمل البشرية بأسرها والخلق كلّه، والذي بلغ ذروته في تجسّد يسوع المسيح وموته وقيامته (راجع فقرة 54). أجل، من هذا الإيمان تولد الشهادة التي تجمّل حياة الكنيسة، وتعطي الدفع المتزايد لرسالتها. مَن لا يؤمن لا يشهد! والذي لا يشهد هو ضعيفُ الإيمان! هذا ما حمل بولس الرسول، صاحب الإيمان الكبير بالمسيح، والغيور جدًّا على الشهادة له، على ان يهتف: “الويل لي إن لم أكرز بالإنجيل“(1كور9: 16).

في ختام سنة الإيمان نسأل الله أن يُذكي في القلوب هبة الإيمان، فنضع في صميم حياتنا الشخصية والكنسية أولوية الله بالمسيح. فالكنيسة لا تفترض أبدا الإيمان كأنه أمر مُكتسب وجامد، بل تدعو إلى تغذيته وتقويته، لكي يتمكّن من أن يقود مسيرتنا نحو الشهادة (راجع: نور الإيمان، 6).

8. في طليعة الشهادة المسيحية صنع السلام ونشر ثقافته، من خلال تعزيز العدالة لأن “السلام هو ثمرتها”(أش 32: 7)، والعمل من أجل إنماء الشخص البشري والمجتمع، لأنّ “الإنماء هو الاسم الجديد للسلام”(المكرّم البابا بولس السادس: رسالة عامة “في ترقي الشعوب”، (1967)، 76). صنع السلام هو ثقافة المسيحيين، “فالمسيح سلامنا” (2 أفسس 14-22)، وقد ربط تحقيق بنوتنا لله بقضية السلام: “طوبى لفاعلي السلام، فانهم ابناء الله يدعون” (متى 9:5).

نأمل، بنتيجة اعمال مجلسنا، ونحن نستلهم انوار الوح القدس، ان نساعد شعبنا والمسؤولين عندنا على حسن اداء الشهادة للمسيحولقيمه الانجيلية في الحياة العائلية والاجتماعية والوطنية، وعلى جعل روح السلام منعشًا لكل عمل روحي وكنسي، ومخيّمًا على كل نشاط اقتصادي وسياسي، وملهمًا لكل ممارسة للسلطة في الكنيسة والمجتمع والدولة. ونوكل أعمال دورتنا لعناية امنا مريم العذراء، سيدة لبنان وسلطانة السلام وأم الكنيسة، لمجد الله وخير كل انسان.                         

بعدها القى السفير البابوي غابرييل كاتشا كلمة رحب فيها بالمشاركين الجدد في الجلسة وعدد لأبرز الاحداث التي عرفتها الكنيسة الجامعة في هذا العام والتطلعات المستقبلية للكنيسة الشرقية المتميزة بخصائصها والتي تعيش في وحدة كاملة مع الكنيسة الجامعة. ولفت كاتشا الى اقتراب موعد اختتام سنة الإيمان التي كانت بمثابة بداية جديدة للكنيسة المرتكزة على الإيمان بالآب والإبن والروح القدس، مشيرا الى زيارة قداسة البابا بنديكتوس الى لبنان العام الماضي حيث سلم الإرشاد الرسولي الذي هو بمثابة دليل للسنوات القا
دمة. واشار كاتشا الى هدية الروح القدس المتمثلة بانتخاب قداسة البابا فرنسيس الذي وعلى طريقته يحمل روح التخلي عن كل شيء والتواضع والخدمة لقيادة الكنيسة لتكون اكثر بساطة وقربا من الناس واكثر شفافية.

وختم كاتشا شاكرا الكنيسة في لبنان على الكم الكبير من شهادتها للإيمان والمحبة واالاهتمام الذي وجده عند رعاتها ورهبانياتها وكهنتها وايضا عند العلمانيين فيها والعائلات الذين لا يزالون يحتفظون في داخلهم بنعمة الإيمان التي اورثهم اياها اجدادهم.

اشارة الى ان اعمال المجلس تستمر لغاية يوم السبت المقبل.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Bechara Boutros El-Rai

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير