لماذا لا يوقف البابا الأعاصير؟

ولماذا لا يحرك جيوشه الجبارة لغلبة المساكين؟

Share this Entry

من مفاعيل صفحات التواصل الاجتماعي الإيجابية أنها تمكنك من التواصل بشكل مباشر مع ما يفكر به القراء. وهناك أسئلة تتردد مرارًا وتكرارًا على صفحتنا… كلا، لم يسأل أحدًا السؤال الذي يشكل عنوان هذه المقالة، ولكن أردنا وضعه من باب الفكاهة لأن بعض الأسئلة، رغم أنها تبدو أقل استحالة، إلا أنها على الصعيد البشري أشبه بهذا السؤال.

وقد استوقفني أمس على صفحة زينيت على الفايسبوك (Zenit Arabic) سؤال صادق ولم أشأ أن أهمله دون إجابة من باب توضيح المحبة “عالطاير”. كان السؤال، بعد الخبر عن المأساة المليون في سوريا: “لماذا البابا ساكت وهو عنده سلطه مطلقة لوقف هذا الشيء لماذا الصمت على هذه الافعال؟”.

يظن البعض، خصوصًا في الشرق الأوسط، أن للبابا سلطة مطلقة على العالم “المسيحي”. ويقولون انطلاقًا من هذا المبدأ: “لماذا لا يتدخل البابا؟ لماذا لا يفرض على الزعماء حلوله، لماذا يقبل بمذابح المسيحيين في العالم؟

ولذا، من باب المحبة، لزم التوضيح. من يكتب يعيش في أوروبا، ويضحك متحسرًا كل مرة يظن أحد أن البابا “يذبح بضفره”.

أولاً أوروبا ليست مسيحية، والولايات المتحدة ليست مسيحية. لا توجد بلاد مسيحية، وآخر الملوك الذين كانوا ينصاعون إلى كلمة البابا ويسيرون إلى الأمام ولّوا منذ دهور. هناك بالحري ظاهرة تعرف بالـ كريستيانوفوبيا في أوروبا أي “رهاب المسيحيين” وتقوم على نوع من اضطهاد ضمني لكل رموز المسيحية آخر الأمثلة المذيعة الأسوجية التي انتقدت ومُنعت من حمل رمز الصليب الصغير على صدرها بعد أن تلقت انتقادات من بعض المشاهدين. وكم من العاملين في مؤسسات هامة، مثل مضيفة طيران البريتش إيروايز التي خسرت عملها لأنها رفضت إزالة أيقونة الصليب الصغير من حول عنقها. هذا الاضطهاد الضمني والرفض الضمني للمبادئ المسيحية نشهده كل يوم. فلنذكر أنه منذ بضعة سنوات قام بعض التلاميذ برفض زيارة البابا بندكتس إلى جامعة السابينسا في روما وتظاهروا في حرم الجامعة مانعين البابا من إلقاء خطبته (علمًا بأن الجامعة قام بتأسيسها في الماضي حبر أعظم!).

ما هذه إلا قلة من كثرة من الأخبار والحوادث التي تبين أن كلمة البابا ليست مسموعة.

لو كانت كلمة البابا مسموعة لما كانت هناك حرب أمريكية على العراق. لا بل لما كانت هناك أية حرب في العالم، لأن البابوات يدعون دومًا لعدم حل الصراعات بالحروب: السلام لا يولد من رحم الحرب الدامي.

لو كانت كلمة البابا مسموعة، لما كانت هناك زيجات مثلية تخوّل هؤلاء الأشخاص التبني.

لو كانت كلمة البابا مسموعة، لكان الاتحاد الأوروبي قبل إصرار يوحنا بولس الثاني أن تدرج “الجذور المسيحية” في أصل أوروبا…

كلا، كلمة البابا ليست مسموعة، والبابا ليس حاكمًا بأمره. هو سلطة دينية، يسمعه فقط من يريد أن يسمعه، والويل ثم الويل لرأس أمة أوروبية يحتكم بتعليم البابا بشكل علني!! سيكون عليه أن يواجه نوعًا من استشهاد أو انتحار سياسي!! وللأسف!

فلنسأل أنفسنا: أية دولة في العالم، وأي رئيس دولة في العالم يطبق ما يقوله البابا بحذافيره؟ – ما من أحد! قطعًا! وأتحدى من يستطيع أن يجيب إيجابًا أن يقدم البراهين!

ثانيًا: بعد أن بينا بقلة من الأمثلة الكثيرة جدًا أن البابا ليس نابوليون، هل يمكننا أن نقول أن البابا لا يفعل شيئًا؟ أدعو لتصفح المقالات التي يقوم من خلالها البابا مرارًا وتكرارًا بالمناشدة العلنية بوقف العنف والحرب إلخ. ناهيك عن لقاءاته بالمسؤولين العالمين وجهده الملموس لوقف نزيف العالم، لا المسيحي فقط، بل كل العالم!

ولنذكر التحريك العالمي الذي قام به البابا للصلاة من أجل عدم القيام بحملة عسكرية كانت بكل تأكيد ستحمل عواقب وخيمة على الشرق، وربما على العالم بأسره لأن كل بوادرها كانت تؤشر أننا بصدد حرب عالمية.

ثالثًا: البابا يقدم يدًا ملموسة، ليس فقط من خلال دعوة المسيحيين والمؤمنين إلى مساعدة المنكوبين من الطبيعة ومن البشر، بل أيضًا يقدم إسهامه المادي لمساعدة المظلومين والمنكوبين.

ولكن، أخيرًا، فلنذكر أن البابا ليس عفريت “علي بابا”، وليس تنين “دراغون بول”، وليس بطل أحد أفلام أرنولد شفارزنغر أو سيلفستر ستالون أو جايمس بوند (أعتذر لروح الفكاهة، التي جل ما تبغيه هو إيصال الفكرة، ولو من خلال كاريكاتور)…

البابا هو رأس كنيسة أدرك لاهوتيون منوّرون في القرن الماضي أنها باتت “قطيعًا صغيرًا”. وكراعي قطيع صغير يصرخ البابا، باسم الإنجيل، في وجه الشر والظلم والعنف، ويردد كنه إنجيل المحبة. هذا ضعفه وهذه قوته! هذه رسالته، هذه رسالتنا، في عالم “بردت فيه المحبة”… 

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير