بل (الحقيقة) كالروح الحيّة والنبع الدفّاق من روح الإنسان التي تتفاعل مع روح الله (الحق ذاته) كي تحملَ رجاءً أبديا ورجاءً زمنيّا كذلك.. فالرجاء (رجاءنا المسيحي) ليس هواءً فارغا من الآمال الزائفة، التي علينا إنتظارها .. فإمّا تأتي او لا تأتي.. بل رجاءنا المسيحي هو حاضرٌ أبدي (أصلٌ دائم مستديم) وذا أستمراريّة في كلّ نقطة من نقاط تأريخنا …
الحقيقة ليست مونولوجًا (الفكر المتوحّد مع الذات) بل هي حوار “الأنا والأنت” ..
فالرجاء هو شخصٌ حيّ، وليس تركيبٌ معيّنٌ في بالنا نرجو تحقيقه… والشخص الحيّ هذا، فقط، من يقدرُ أن يجعل وهــمُ التأريخ، حقيقةً حيّة من خلال (العلاقة الفعّالة الخالقة) ؛وأن كياننا الإنساني ليس منّا نحنُ ولسنا سبب وجودنا، كما تقول الماركسيّة (ان الإنسان أو الإنسانية هو خالق نفسه ولا يدين بكيانه إلا لذاته) وأيضا تُقصي وتُبعِدُ الماركسية مفهوم (الوسيط) .. أصل الانسان هو الانسان ذاته.
اما نيتشه، يرى أن الحياة الحقيقيّة هي في (الشهوانيّة – اللحظة الحاضرة) ما يبقى من الحياة خداعٌ وخداع ويقول كذلك “ان الله هو وهمٌ هو كذبتنا الأكثر قِدما” وهناكَ أيضا مفهوم العدميّة، والعدميّة هي الاعتقاد بإنّ الحقيقة غير موجودة ، تتضمّن عدم الاعتقاد بالعالم الماورائي .
قد يعطون المسيحيون المؤمنون لزمة بسهولة مفرطة، لهجوم الإلحاد ضد الديانة المسيحية وتعاليمها، لهذا فعلاج الإلحاد لا يحتاج إلى تفنيده بل أن نقدّم صورة أفضل للعقيدة والايمان .
الرجاء مرتبطٌ بالقدرة، وعلى تحويل الوجود . الرجاء هو سعيٌ الى التحرّر (وتغيير الحياة).. وتحويل الحياة التي تعدّ غير إنسانية.. الرجاءُ هو عدم الاستسلام لقدرة عمياء غامضة والالتفاف والانحصار في إطار ضيّق جدا من الحياة ومن الحقيقة بحجّة (لا تمدّ رجلك أكثر من لحافِكَ).
الرجاء أخيرًا وليس آخرًا، هو طردُ كلّ الامور التي نتصوّرها مقدّسةً وحرامٌ.. !
المسيحي غالبا ما يكون وثنيّا لا يتردّد في قدسنة جميع انواع القوى. علينا إعطاء الاشياء والامور حقيقتها القصوى، وهذا يحدث فقط من خلال “الإيمان”. لانه يُعطي الصورة الواضحة النقيّة، والإيمان ليس دينًا ونظرية وعقيدة ؛ كلا وألف كلا .. فالدين هو قشرة الإيمان القاسية، بل العلاقة الحيّة مع آب سماوي.