إن الكائن الحي (الانسان) هو خاتمة تطوّر طويل الأمد

يصل الى مئات الملايين من السنين…!

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

فهو يحمل في داخله كلّ تأريخ تطوّره من المادة الجامدة (الكائنات الحية الاولى) ، الى السير نحو الاستقلال الذاتي (او إلى الفقريات) الى الخروج من الماء وإكتساح اليابسة (البرمائيات) الى الاستقلال الحراري (الثدييات) حوالي 260 مليون سنة في العصر البرمي، الى مرحلة الوقوف (نحو الدماغ الآلة) والى تطوّر السلوك والحرية / والسلوك الفطري والمكتسب، والى العنصر الثقافي،والسلوك الانساني والبناء الذاتي للسلوك البشري والى الحرية الانسانية وأخيرا الى ظهور الانسنة.. الانسان العاقل…

إنّ ما يبرز في تكوين الانسان الحرّ، كون هذا المخلوق قد أرتقى الى مصفّ المتحدث الى الله (ولادة الكلام _ وعي الذات _ المصالحة مع الذات) ونقدر ان نفهم إذا ما معنى “وأعطاه الروح” الله يخاطبه مخاطبة الفرد ويعامله ويعتبره شخصا مسؤولا ذا علاقةٍ…علاقة حب وخلود

نقدر أن نتصوّر إمكانيات عديدة لخلق لعملية خلق الروح الفردية المرتبطة بجسم ماديّ ، نقدر ان نفترض ان خلق الروح أضيفَ الى الخلق التطوّري للجسم عندما توصل الجسم الى مرحلةٍ متطورة تطوّرا كافيا.. وان هذه الروح يسبق وجودها الجسم مقارنة بحالته المتطوّرة وإنها تدفع الجسم نحو تطور ناجز يفتحُ له أفاق التخاطب مع الخالق.. لهذا عندما نقول (أن انفصال الروح عن المادة هي حالة عنيفة مؤلمة) لان الإنسان يصبحُ لا واعٍ ولا مدرك بما حوله.. غير مدرك لذاته ولكيانه ولحياته .. تائه ضائع .. الروح هي هذا التفاعل بينه وبين الله الخالق من خلال هذه العلاقة (خلق الروح) …

لا يجب أن نفهم النفخة الإلهية بمثابة إعطاء روح مفصولة عن الإنسان، النفخة هي حياة الجسد، حضور الحياة وحضور الكلمة، (اي على الإنسان ان يتصالح مع ذاته)

يقول اللاهوتي جوزيف راتزنغز: “ان الأنموذج الذي وفقََهُ ينبغي فهم (عملية) الخلق لا يتمثّل في (صورة) الصانع، إّنما في صورة الروح الخلاق، الفكر الخلاق”

لهذا ففي سفر التكوين كانت أوّل خبرة عاشها الشعب هي خبرة عبور الماء (البحر الأحمر) ، وهذا الماء يرمزُ الى ماء الرحم الداخلي، الخلق هو انفصال عن المياه وإنشطار .. لهذا سينشأ العالم في الاصحاح الاول من إنفصال المياه، مثلما إجتاز بنو أسرائيل مياه البحر الاحمر المنقسمة الى شقين، وصاروا الى الارض اليابسة في سيناء.

لهذا نقول نحن في إيماننا المسيحي ، أن قيامة المسيح هي حقيقة هذا الروح الأول الذي كان يغمر العالم والكون والخليقة كلّها وحتى الإنسان لانه حقيقة الله وصورته .. فنحن مدعوين الى الوصول الى قامة الإنسان الكامل وإكتمال ذاته من خلال سرّ القيامة (الخلق) . 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير