الإرشاد الروحي عند أباء الصحراء 1

كثيرا ما قرأت عن الإرشاد الروحي وكيفية متابعة الأشخاص روحيا ومساعدتهم كي يصلوا إلى معرفة قيمة الدعوة التي دعانا الرب إليها . أن نكون أشخاص مسيحيين، ننعم بنفس طبيعة الله وكيانه وجوهره، وأمام هذه الدعوة إلى القداسة يصبح كل شي ثانوي. حيث هناك الأهم. نعم ان أكون مسيحي أهم من ان أكون متزوج او أعزب أو كاهن…… حيث يكمن في العماد كل الكرامة، كرامة أبناء الله، والذي لا يفوقها كرامة، وتأتي كل الدعوات من بعدها كخدمات وسائل لتحقيق الذات حسب مشيئة الله، ولخدمة الجماعة المسيحية ، الكنيسة. لكن هذا الأمر ليس بموضوعنا هنا، فموضوعنا هو الإرشاد الروحي.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

         وجدت العديد من الكتب وكثير من الطرق الحديثة للإرشاد الروحي والمساعدة المعنوية والنفسية ولكن وجدت نفسي في طريقة الآباء. فما هو الإرشاد الروحي حسب آباء الصحراء؟

١. الإرشاد الروحي لدى الآباء لا ينبع فقط من الدراسة أو تعلم وسائل تقنية لكن من التأمل في خبرتهم الشخصية مع الله، بمعنى أن الخبرة الشخصية مع الله هي المصدر الأولي لكل مرشد. في المسيرة الروحية الذاتية لكل من الآباء في الصحراء اكتشفوا وتعمقوا في أعماق ذواتهم، تعلموا تفسير الأحاسيس التي يشعروا بها والتمييز على أفكارهم الشخصية ، تعلموا كيف يهربوا من التجارب ، تعلموا أن يصارعوا الأفكار المسببة للخطيئة والتي تقود إلى الحزن، تعلموا كل هذا من خبرتهم الشخصية، من تأملهم في عمل الله معهم. وهكذا أصبحوا أباء لآخرين. هكذا أصبحوا مرشدين لآخرين. فالمرشد إذا هو شخص اختبر لذا يخبر. حيث المرشد هو أب. والأب هو الشخص القادر على أن يعطي الحياة ولكن كيف له أن يعطيها أن كان يفتقدها؟ كيف يمكنه ان يعلن عمل الله في حياة شخص ، ان كان غير قادر ان يرى عمل الله في حياته هو الشخصية. الأمر هنا لا يتعلق بمثل أعلى أو أخلاقيات بحته، هنا الحديث عن خبرة واقعية مع الله في أحداث الحياة مستنارة من الكلمة ومؤسسة على الأسرار المقدسة. فلكي نصبح أباء نحتاج ان نكون دائما أبناء.

٢. المرشد الروحي لدى الآباء يجب ان يكون روحاني . وهنا مهم تفسير الكلمة، حيث كلمة روحاني قد تفهم بأنه شخص لا علاقة له بالماديات ، يحيا منعزل ، يأكل القليل، ولا يتنعم بأي شئ عالمي. نعم هذا تفسير ودعوة لبعض الأشخاص ولكن ليس المقصود هنا. فالمرشد الروحاني هو الشخص الذي يضع كل شيء يكتشفه في ذاته تحت عمل الروح القدس، كي يحوله هذا الروح ويجليه إلى صورة المسيح. فصفة الروحانية ليست صفة شخصية بل هي طريقة حياة ، فيها يضع الإنسان ما يكتشفه في ذاته، كل يوم وفي كل موقف ، من عيوب ونواقص وخطايا وأفكار ومشاعر وأحاسيس، أي كل شئ جيد كان أو سيء تحت عمل روح القدس. كل شيء جسدي ونفسي وروحي، فلا شيء يجنب. فالإنسان الروحاني هو الذي لا يترك جانب فيه وفي حياته دون ان يصله بالروح القدس .

٣. المرشد الروحي يجب ان يكون cardiognosi بمعني داري وعارف بالقلوب، نعم المرشد الروحي يجب ان بقراء قلب المتكلم مع سماعه لكلماته. فلا يتوقف فقط عما يسمع لكنه قادر ان يخترق القلب وبقراء ما يوجد بداخله. ولكن كي يقوم بذلك كما ذكرنا سابقا لا يكفي الدراسة لكن يجب ان يكون قد على دراية بما يوجد في قلبه من مشاعر وأحاسيس، يستطيع تفسيرها ، ووضعها في مخطط خلاص الرب، تحت الهامات الروح القدس.

هذا يتطلب نظره عميقة تخترق الظواهر وتصل الى العمق حيث تري ما لا يمكن رؤيته بالعين الطبيعية ، حيث يمكنه ان يري بعيني الرب. نفس العينين التي رأت في زكا العشار رغبة خلاص، وبنوة لإبراهيم، ورأت في السامرية دعوة التبشير، حيث كان يراها الآخرين امرأة للمتعة فقط، حيث رأي في المجدلية، شاهدة على القيامة، حيث رآها الآخرين امراة بها كمال الشيطان، سبعة أرواح نجسة. عن هذه العين نتحدث. هذه العين العارفة للقلوب، والفاحصة له.

ولكن ما هو الإرشاد الروحي حسب الآباء؟

للمرة لقادمة

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب د. هاني باخوم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير