إن الاعتداء المزدوج على السفارة الإيرانية في بيروت يوم أمس يشكل تصاعدا غير مسبوق للصراع الدائر في سوريا وقد يؤدي إلى اشعال المنطقة بأسرها. وفي ظل هذه الاوضاع يلتقي بطاركة وأساقفة الشرق الأوسط بالبابا فرنسيس في روما صباح الغد ليطلعوه على أوضاع رعاياهم “ولتقييم الفرص الحقيقية للسلام في سوريا، وفي الأرض المقدسة وفي الشرق الأوسط” وفقا لما أعلنه الكاردينال ساندري، عريف مجمع الكنائس الشرقية يوم 26 تشرين الأول.
سيجري اللقاء بالبابا في الوقت الذي يتواجد فيه أبرز الشخصيات الكاثوليكية الشرقية في روما لاجتماعات مجمع الكنائس الشرقية الذي افتتح يوم أمس. ومن بين الأحبار المتواجدين هناك البطريرك اللاتيني في القدس، المونسنيور فؤاد طوال، والكردينال بشارة بطرس الراعي، البطريرك الماروني، وعدد من البطاركة والأساقفة من بلدان الشرق الأوسط. والاجتماع العام هذا الذي يحمل شعار “الكنائس الشرقية الكاثوليكية بعد مرور خمسين عاما على المجمع الفاتيكاني الثاني” يبحث في “الإرث الثمين” للمجمع ولا سيما الرسالة الرسولية ليوحنا بولس الثاني “النور من الشرق” والإرشاد الرسولي الذي صدر بعد انعقاد السينودس “الكنيسة في الشرق الأوسط” عن بندكتوس السادس عشر. إن سياق الأعمال ستمكن التحقق من “العطف المتزايد للكنيسة العالمية تجاه الكاثوليك الشرقيين، في وجه ظاهرة الهجرة على الأخص” في الوقت الذي تقلق الأقلية المسيحية في الشرق من عواقب الحرب الدائرة في سوريا، ومن عدم الاستقرار في العراق وفي لبنان وحوادث مصر الأخيرة وتصاعد حركة الإسلاميين.
تدفق الهجرة
سينودس الشرق الأوسط المنعقد في روما في تشرين الأول 2010، دعا المسيحيين إلى أن يحافظوا على أرضهم وعدم الرضوخ للإغواء في بيع ممتلكاتهم. كما أن البابا بندكتوس السادس عشر في خطابه الذي وجهه إلى الشباب اللبناني في بكركي في أيلول 2012، دعا إلى عدم “تذوق عسل الهجرة المرير” رغم المصاعب والبطالة وعدم الاستقرار. تجد الطوائف المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية نفسها في أوضاع صعبة جدا. يقدر مسيحيو الشرق اليوم ما بين عشر إلى ثلاثة عشر ملايين، وهم 36% من اللبنانيين، و10% من المصريين، و5،5% من الأردنيين و 5% من السوريين، وواحد إلى اثنين بالمائة من العراقيين و2% من الإسرائيليين و1،2% من الفلسطينيين كما جاء في إحصائيات “العمل في الشرق” (l’Œuvre d’Orient).
وانتهز بطريرك الملكيين، غريغوريوس لحام، المقيم في دمشق، فرصة سفره إلى الفاتيكان ليطلق نداء جاء فيه “أطلب إلى أبنائي البقاء في بلدهم”، وكرر قوله إلى وكالة الأنباء الفرنسية بأنه يدعو البلدان الأوروبية إلى عدم “تشجيع” مسيحيي سوريا إلى الهجرة، كما أن البطريرك العراقي ساكو ندد من على منبر راديو الفاتيكان منح السفارات الغربية تأشيرات إلى مسيحيي العراق، الأمر الذي يساعد على الهجرة.
السلام في الأرض المقدسة، الأولوية في المنطقة
إن ما لا شك فيه هو أن السلام في الشرق الأوسط يبدو السبيل الوحيد لوضع حد للهجرة. إن هذا السلام، كما أشار إليه في عدة مناسبات البطريرك فؤاد طوال، يمر من القدس والأرض المقدسة التي تضع “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في جوهر مشكلة الشرق الأوسط بشكل مباشر أو غير مباشر.” وأيضا صرح بطريرك الملكيين، المونسنيور غريغوريوس لحام “بأننا بحاجة إلى السلام بالنهاية في الأرض المقدسة. والفاتيكان التزم أبدا بحقوق الفلسطينيين، غير أن الآن هنالك حاجة إلى عمل دبلوماسي مدروس للكرسي الرسولي وسفرائه في جميع أنحاء العالم. التوصل إلى وضع حد للصراع الفلسطيني والمسألة السورية يشكلان مفتاح السلام في المنطقة.”
إذا يتوقع رؤساء الأديان الكثير من لقائهم مع البابا كي يتمكن الأب الأقدس من مواصلة “العمل الدبلوماسي الدؤوب من أجل التوصل إلى حل سلمي يشمل كل أرجاء الشرق الأوسط الذي ما زال يعاني” هذا ما صرح به الكردينال الراعي.
بعد انتخاب البابا أعرب العديد من البطاركة عن تمنياتهم لأن يزور البابا فرنسيس المنطقة. ولقاء يوم الخميس قد يكون أيضا “التحضير لزيارة محتملة للأب الأقدس إلى الأرض المقدسة والتأثير علي المفاوضات الدبلوماسية مع حكومة إسرائيل”.
وفي يوم الأحد 24 تشرين الثاني، عيد يسوع الملك، سيشارك رؤساء وآباء الكنيسة الشرقية الحبر الأعظم في الاحتفال بقداس اختتام سنة الإيمان في إشارة منهم “على عزمهم للعيش باتصال وثيق مع خليفة بطرس.”
عن تقرير كريستوف لافونتين