نعم هذه خاصية قوية جداً لدى الآباء في الإرشاد، تشجيع الشخص في كل الحالات ودائما. هذا التشجيع لا ينبع من شفقة سطحية أو مواساة عابرة ولكن تنبع من إيمان المرشد ان الحياة هي مسيرة وفي هذه المسيرة قد يسقط الشخص، لكن من المهم ان يقوم من جديد.
احد الرهبان يقول للمعلم سيوسوس : ابتي قد سقطت.
فيرد عليه، قم.
يقول الراهب : نعم لقد قمت لكني سقطت من جديد .
فيرد المعلم قم من جديد ومن جديد.
فيسال الراهب؟ لقد تعبت فإلى متى؟
فيرد المعلم إلى أن تؤخذ نفسك منك، يجب ان تقوم من جديد، فالمهم وقتها ان تكون قائم. ( أقوال الآباء ٣٨: ١٣٧)
عميق هذا الكلام، بالتأكيد ليس المقصود هو استغلال رحمة الله، فلنا ان نسقط لأننا سنقوم، لا. لكن المعنى هنا : يجب ان لا نبقى ساقطين. لا يجب ان نكون بالأرض . يجب ان نقوم اليوم. لا تفكر في وقعه الأمس . المهم اليوم ان تكون قائم. لان الرب قد يمر اليوم ويأخذنا معه. مهم ان يجدنا قائمين اليوم . وغدا، انا لا اعرف عن الغد شئ. انا افكر فقط في اليوم. ساقط أم قائم؟ ساقط، إذا قم. قائم، تمسك بالنعمة ولا تفتخر.
يأتي احد الرهبان وقد تعب من المحن والتجارب والصراع ضد الأفكار ، فيقول لمعلمه؛ ابتي تعبت. إلى متى ساكون مجرب هكذا، لا راحة لي في ليل ولا في نهار؟
فيرد المعلم: ان لم تكن مجرب دائما ومصارع للمحن، لن تصبح أبدا راهب. فلا تيأس.
نعم المحن والتجارب تخلق فينا التواضع المقدس، تخلق فينا وعي وإدراك بضعف قوانا ونعمة الرب الذي يدعونا. فيقول أنطونيوس الكبير: إذا نزعت التجارب لن يخلص احد. ( أقوال الاباء ٥، ٨٥).
تشجيع وتعزية وزرع الأمل، هكذا كان منهج الاباء لحث الأشخاص للنمو الروحي. فكان المعلم ينزل لنفس واقع الشخص ويشركه حتى بما يمر هو به من صراع حتى الآن ، فلا يوجد احد معفو من التجارب، ولا شخص بلا خطيئة. كيف؟
يأتي احد الرهبان إلى بويمنيوس فيقول له: ابتي أنا مجرب دائماً في الجنس.
فيقول المعلم له: انت وانا دائماً مجربين. فلنحفظ شفاهنا من الشر، ومعدتنا من الشبع، ونعتبر انفسنا غرباء عن هذا العالم، فنخلص. ( أقوال ٦٢: ٩٨).</p>
لا اجد كلمات كي أعلق على هذا الحدث. أقول فقط نعم . هذا هو المرشد.
يأتي ميلانيو الي ايفاجريوس، ويقول له: الحزن يقتلني يا ابتي.
فيرد ايفاجريوس: نعم اعرف هذا الحزن والذي ينبع من عدم اهتمامنا بالإخوة، وعدم محبتنا لهم. فلنتشجع سويا ونتقوي فننمو في معرفة المسيح. ( ايفاجريوس، خطابات، ١).
من جديد لا تعليق.
المرشد هو الاب الذي يضع نفسه مع الشخص ولا يحدثه من فوق المنصات العالية، مستخدما قواعد ونصائح وقوانين مجردة. هو الشخص الذي يفضح ضعفه أيضاً ولكن به يعلن رحمة الله وأمانته، ويدعو من يتحدث معه إلى ان يثق في الرب، وهنا تكمن قوته التي لا تهزم. نعمة الله، وليس قدراته الذاتية. فالمرشد هو الذي يحمل كما يقول بولس الرسول، نحمل هذا الكنز في آنية خزفية. نحن هذه الآنية الخزفية.
وأختم بهذا الحدث. يأتي راهب إلى الاب تيودوروس ويقول له: ابتي ، اين السلام فانا في صراع دائم؟ منذ مجيئ في الدير، ٨ سنوات، محن وتجارب وأفكار وهناك من يدفعني كي ارجع إلى الوراء، فأين ومتى السلام؟
يرد المعلم فيقول: بالحقيقة انا هنا منذ ٧٠ عام واحمل هذا الثوب، وحتى الان لم اجد يوم سلام بدون تجارب، وانت بعد ٨ سنوات تود ان تناله.
نعم سلام بدون محن أو تجارب فقط في السماء. لكن هنا نستطيع ان تختبر حب ورحمة وعون الرب في هذه المحن وتجارب. وهذا أيضاً سلام وياله من سلام.
إلى المرة القادمة.