إلى جانب تحدي ثقافة الاستهلاك وعبادة المال، يسلط البابا فرنسيس الضوء في إرشاده الرسولي “فرح الإنجيل” على تحديات آنية منها الاعتداءات المتزايدة على الحرية الدينية، واضطهاد المسيحيين الذي بلغ في بعض الدول “أبعاد مقلقة من الكره والعنف”.
هذا ويواجه الإيمان تحدٍ مختلف تمامًا وهو “اللامبالاة النسبوية” المرتبطة بخيبة آمال الإيديولوجيات التوتاليتارية. هذه اللامبالاة لا تؤذي الكنيسة وحسب، بل المجتمع بأسره.
ففي الثقافة السائدة، يحتل ما هو خارجي ظاهر، فوري، سريع وسطحي المرتبة الأولى. وقد أدت ظاهرة العولمة في بعض الدول إلى تسريع تردي الجذور الثقافية من خلال اجتياح ميول تنتمي لثقافات أخرى.
ويواجه الإيمان الكاثوليكي في الكثير من الدول تحدي الحركات الدينية الجديدة التي يميل بعضها إلى التطرف بينما يقدم الآخر نوعًا من روحانية بمعزل عن الله.
ثم يتحدث الأب الأقدس عن تحدي العلمنة فيقول: “تميل العلمنة إلى حصر الإيمان والكنيسة في الإطار الخاص والحميم. وبسبب رفضها لكل تسامٍ، ولدت العلمنة تشويهًا أخلاقًا متناميًا، وضعفًا في حس الخطيئة الشخصية والجماعية وازديادًا في النسبوية، وتحمل هذه كلها إلى ضياع معمّم، خصوصا في عمر المراهقة والشباب، وهي مراحل تتأثر كثيرًا بالتحولات”. كل هذا التحولات والتحديات تؤثر على “خلية المجتمع الأساسية” التي هي العائلة.
في إطار هذه التحديات يجدر بالعمل الرعوي أن يبين أن أبانا السماوي يشجع “الشركة التي تشفي، ويدعم ويقوي الروابط بين الأشخاص”.
هذا وإن التحدي العام الذي يواجه أسلوب وموقف التبشير هو الانثقاف: “هناك حاجة ماسة لأنجلة الثقافات ولانثقاف الإنجيل”. هذا يعني العمل على تعزيز البعد الإيجابي والمسيحي في الثقافات ودعوتها على النمو. ويحذر البابا أيضًا من بعض أشكال التقوى التي تشكل شكلاً عاطفيًا متطرفًا لعيش الإيمان ولا تجسد أصالة “التقوى الشعبية”.
نظرة تأملية إلى العالم
في إطار الجواب على التحديات والحاجات الحالية، يذكر الإرشاد الرسولي بأنه من واجبنا النظر إلى مدننا انطلاقًا من نظرة تأملية، أي نظرة إيمان تكتشف ذلك الإله الذي يعيش في بيوت المدن، طرقاتها، ساحاتها. حضور الله يرافق البحث الذي يقوم به أشخاص وجماعات لكي يجدوا ركيزة ومعنى لوجودهم”. نحن بحاجة إلى تبشير جديد “ينوّر الأشكال الجديدة من التواصل مع الله، مع الآخرين ومع البيئة”.