إذن ، أنت أحكمُ وأفهمُ وأوعى ، وأقدر من الله نفسه ، في تسيير الأمور وترتيبها !
إنك إذن ، أعرفُ من الله وعملهِ ، وقادرٌ أن تحكمَ على الأمور بمقياسكَ المريض المتصدئ.. إنك هنا أخي الحبيب ، تُحجّم الله وتصغّره وتضعهُ ، في ميزان عقلكَ الحلزونيّ ، وفلسفتكَ ، وتعطي الأوامر والنصائح لله ـ في ما يجب أن يعملهُ ويعرفه ويحكم عليه …
تشبّه ، بمريم العذراء ، أو بيوسف ، إنهما لم يجادلا الله بالحكمة البشريّة ، ولا بالعقل والفكر ، وقالوا له : كيف ! ، لا يُعقل أبدًا وهذا مناقضٌ لشخصكَ الكبير …
بل قالا : نعم … لإن الله لا يمكنُ أن نقولَ له ” كلا ” أبدًا .. لإن خلاصنا سيُفقَد حينها .. ويضيعُ في متاهات الفكر البشريّ والحكمة ، والعلوم ، والبراهين ، والإثباتات ،.. وإن وضعنا الله في هذا المجال ، المجال العلميّ التقنيّ ، سوف لن يكون الله ، بل ” أنا ” فقط ..! سأعكس ذاتي فيه ، وسيكون هو ” مرآتي أنا الداخليّة “.
أطعْ .. كما فعل أبينا إبراهيم ، وكما فعلت مريم البتول ، وكما فعل يوسف البار ، وكما فعلَ أيضا : يسوع الناصريّ .. أطاعَ حتى الموت ، موت الصليب ، ولم يفتحْ فاهُ ، لتكن مشيئتكَ يا رب ْ ، هذا دخلوا هؤلاء كلهم ، في منطق الله وتدبيره الأزليّ وعرفوا ماذا يريد الله وما هو مشروعهِ الخلاصيّ … لهذا ، رفعهم الله إلى مقام سام..
الطاعة لله ، بالمحبّة ، لا بالخوف .. الذي يخاف من الله ، ليسَ إبنا حقيقيّا لهُ أبدًا ، بل أجير .