هل ندمر فرح طفولة أولادنا وبراءتهم إذا قلنا لهم أن بابانويل غير موجود؟

السؤال المطروح لا يتطلب التخصص باللاهوت للإجابة عليه، فالجواب – كما يمكنكم أن تدركوا – ليس عقائديًا. كما وأنه ليس مسألة حياة أو موت (للإيمان) بشكل حتمي. ولكن تجدر الإشارة إليه ربما للدفع إلى التفكير مليًا بمعنى الميلاد، ولتبديد المخاوف الزائفة للبعض الذين يظنون أنه إذا اكتشف طفل ما أن بابانويل غير موجود يفقد العيد سحره ومعناه.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

جوابي هو نعم، ستدمر طفولة أولادك وبراءتهم إذا كان الميلاد بالنسبة لك فقط مسألة هدايا وأخبار أسطورية. ونعم ستدمر طفولة أولاد وبراءتهم إذا كان بابانويل الوسيط الوحيد للعاطفة، لعنصر المفاجئة الإيجابي ولتناغم العائلة. ونعم ستدمر طفولة أولادك إذا ربيتهم على فكرة إله “بيخنقك بالليل” وإله “بيزعل منك يسوع” أو إله “الله يسترك إذا بتخبي شي عليّ لأنو يسوع بيشوف كل شي” (وهنا السؤال، كيف سيسترك الله إذا كان يسوع يراك… ولكن فلنبقَ خارج الجدل اللاهوتي)… بكلمة، نعم، ستدمر طفولة أولادك إذا كان يسوع بالنسبة لك بوليسي، وحاضن (babysitter) وهمي إضافي مختصّ بالترهيب والوعيد.

ولكن جوابي هو لا، حتمًا لا إذا أردت “سبيلاً أفضل”. واسمح لي أن أدعوك إلى تخيل هذا السيناريو: ماذا لو شرحت لأولادك معنى العيد الحق: أن الله أحب العالم لدرجة أنه أهدانا كل شيء وأهدانا حتى ذاته. وأن الله – وفكري يذهب إلى الأطفال السوريين بشكل خاص الذين “يحسدون المسيح على الاسطبل” كما ذكرنا بصدق المطران سمير نصار – لا يرأف فقط بألم الإنسان بل يشاركه ألمه وعوزه وبؤسه. ماذا لو أخبرت أن الحب والمجانية ليسا أسطورة أو حلمًا بل هما حقيقة. ماذا لو علمت أولادك أن هدايا العيد هي رمزية لتذكر بأن يسوع هو هدية السماء إلى الأرض، وأننا نقدم الهدايا بعضنا لبعض لأن يسوع فتح قلوبنا على الكرم وعلى “محبة قريبنا كنفسنا”، هو الذي “أحبنا أولاً”. ماذا لو علمت أولادك أن بابانويل هو “تقليد” لمحبة قديس، القديس نيقولاوس، الذي كان يحب الأطفال مجانًا (لا مثل بابانويل الذي رأيت إعلانه معلقًا على مدخل بنايتنا: إذا شئت إشراك أولادك في فرحة العيد يقوم بابانويل بتوزيع هداياكم على الأطفال في الحديقة العامة اليوم الفلاني، انطلاقًا من 3 يورو على الهدية! الأمر الذي أعجبني هو أن السيد بابانويل يأخذ نسبة مئوية على الهدايا. لم أفهم إذا كان المعيار الحجم أم السعر النهائي!!).

والأهم من ذلك: ماذا لو اغتنمت فرصة العيد لكي “تُدَوْزِن” صورة الله على مثال صورة طفل المغارة، وترمي عرض الحائط صورة الشرطي والمراقب اللئيم. تذكر أن يسوع هو صورة الله الذي لا يرى (من رآني رأى الآب) وساعد أولادك على أن تكون فيهم مشاعر القديسة تريزا الطفل يسوع: “لا أستطيع أن أخاف إلهاً صيّر ذاته صغيراً هكذا لأجلي…إني أحبّه…لأنه ليس سوى محبة وحنان”.

مسألة بابانويل هي مسألة رأي شخصي. ولذا أختم هذا “السؤال والجواب عالطاير” برأي وخبرة شخصية. شخصيًا، بما أن جزءًا من عائلة زوجتي هم ملحدون، عندما نقضي العيد في بيتهم لا أنبس ببنت شفة احترامًا لهم. ولكن عندما أتحدث مع ابني الكبير (4 سنوات) أشرح له الأمور. وقد أدركت أن الأطفال أذكى بكثير مما نتصور. فقد رأى العام الماضي، بينما كان يرافقني عشية العيد سلسلة من “البابانويل” الذين يدورون في الأحياء من مختلف الأشكال والألوان، وأدرك أن هناك العديد منهم. وفي معرض حديثنا في مرات لاحقة قلت له أن الهدايا هي تعبير حب كل الأقارب الذين يفرطون بمحبته ويريدون فرحته. وأن هناك بينهم من يرتدي لباس بابانويل محبة به لكي تكون هناك فرحة المفاجئة. صراحة، حتى الآن لم أضطر لإرساله إلى الطبيب النفساني للشفاء من هذه الصدمة…

أتابع رأيي الشخصي: المسألة الحقيقية ليست أن نخاف أن ندمر طفولة أولادنا إذا أخبرناهم أن بابانويل ليس موجود، بل أن نخاف أن ندمر كل حياتهم إذا ربيناهم وكأن الله غير موجود وكأن يسوع المسيح مجرد “أكسسوار” للنعرات الطائفية والتحزب، بدل أن يكون رب حياتهم وحبيب قلوبهم. يسوع هو العيد، بدونه نفقد الفرح والبراءة. كما كان يرنم المرحوم وديع الصافي – “بدونك لا يـــتم سروري. بدونك مائدتي فارغة”.

فلنعد إلى معنى العيد الحق: حب الله في يسوع المسيح. الباقي قشور. طفولة يسوع هي فخر الطفولة وفرحها وإذا أعدنا اكتشافها نحن، أعدنا لأطفالنا فرح الميلاد الحق. فلنتأمل السر بفرح وانتظار أشعيا: “الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً. الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نورٌ. أَكثرتَ الأمة عظّمت لها الفرح. يفرحون أمامك كالفرح في الحصاد…لأنه يولد لنا ولدٌ و يعطى لنا ابن وتصير الرئاسة على كتفه، يدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام”. سلام الطفل يسوع معنا ومعكم وفي شرقنا الحبيب المصلوب. لو قبل العالم بأسره هذه الهدية لكنا بألف خير…

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير