ماذا حمل يسوع المسيح إلى العالم؟

رسالة الميلاد للمطران مارون لحام، مطران اللاتين في الأردن

Share this Entry

جاء في سفر أشعيا النبي: “ويُقال في ذلك اليوم هوذا إلهُنا الذي انتظرناه وهو يخلّصنا. هوذا الرب الذي انتظرناه فلنبتهج ونفرح بخلاصه” (25، 9).نحن نعلم أن شعب العهد القديم كان ينتظر مسيحًا ملكًا زمنيًّا، ربَّ الجنود والقوات، مخلّصًا من ظلم الآخرين ومُخضعًا باقي الشعوب بالسيف. أما نحن اليوم، فنحتفل بمخلّص منزوع السلاح، طفلٍ مولود في مغارة بسيطة من أمٍّ بسيطة ومن قرية بسيطة في الجليل اسمها الناصرة. ولقبُه المفضّل ليس “أله الجنود والقوات”، بل “عمّانوئيل” (الله معنا). لقبُه ليس إلهَ الحرب بل أميرُ السلام. يتساءل البعض: “ماذا حمل يسوع المسيح للعالم؟ اسمه أمير السلام، فهل حمل السلام؟ هل حمل حياة أفضل؟ هل أصبح العالم أفضل بعد مجيئه؟ الجواب واضح: ما حمله يسوع المسيح إلى العالم هو الله. الله المحبة، حَمَلَ الإله الحقيقي. الإله الذي كشف عن وجهه تدريجيًا منذ أن كلّم النبي ابراهيم، أبا المؤمنين. هذا هو الإله الذي حمله معه يسوع المسيح الطفل. ومنذ ذلك الحين، أصبحنا نعرف وجه الله، أصبح بإمكاننا أن ندعوه، وأهمّ من ذلك أصبحنا نعرف الطريق المؤدي إليه.

أولا إلهٌ أصبحنا نعرف وجهه. فالإله الذي يصبح طفلًا لا يمكن أن يكون إلهًا مخيفًا، ولا إلهًا يُغطّي المرء وجهه كي يخاطبه ولا إلهًا يمضي وقته في تسجيل خطايا البشر كي يحاسبَهم يوم الدينونة. الإله الذي يصبح طفلاً لا يمكن إلا أن يكون إله رحمة ومحبة، ألهًا أراد أن يعيش حياة البشر كي يختبر آلامَهم ومعاناتَهم وكي يعذر هفواتِهم ونقاط ضَعفهم.

ثانيا ألهٌ يمكننا أن ندعوه. هو نفسه يدلّنا على الطريقة التي يريدنا أن ندعوه بها: “أبّا” أيها الآب. يقول يسوع المسيح: “وأنتم إذا صليتم فلا تُكثروا الكلام كالوثنيين، فالله يعلم ما تحاجونه قبل أن تطلبوه. أما أنتم فإذا صليتم فقولوا “أبانا الذي في السموات”. قولوا أبانا في أي مناسبة ولأي سبب وفي أي وقت. هكذا يتعامل الأب مع الإبن.

ثالثًا إلهٌ نعرف الطريق للوصول إليه. فطفل المغارة سيقول يوما: “أنا الطريق”، “لا أحد يمضي إلى الآب إلاّ إذا مرّ بي”، “الله لم يره أحَد، وحده الإبن الذي هو في حضن الآب أخبر عنه”. لهذا السبب، نختتم جميع صلواتنا بهذه العبارة: “بالمسيح ربنا”. وإن كان المسيح هو الطريق إلى الآب، فالحل واحد وواضح. علينا أن نتبع المسيح كما تبعه التلاميذ. واتباع المسيح ليس مجرّد نزهة في بستان، إتباع المسيح يعني السير وراءه في جميع مراحل حياته، بما في ذلك درب الصليب والأم والموت، من ثمّ القيامة.

ونعود إلى السؤال الأول: ماذا حمل يسوع المسيح إلى العالم؟ حمل كلّ ما ذكرناه.

نعمة كبير أن نرى وجه الله، ونعمة كبيرة أن نستطيع أن ندعوه ونعمة كبيرة أن نعرف الطريق للوصول إليه. وفي سبيل الحصول على كل هذه النعم، لا بأس أن تحملنا صعوبات الحياة اليومية وواجهنا بعض العقبات التي قد تعترضنا في اتباعنا للسيد المسيح. فالثمن ليس غاليا.

انّ السيّد المسيح بمجيئه في الزمان ، قد حمل الأمن والأمان. لأنه حمل الدرب المؤدي اليهما ، اي المحبة ، فبالمحبة يستطيع المؤمن، ويستطيع المواطن أن يشعر بالأمن أكثر وبالطمأنينة أكثر. لنصلّ معا في هذا العيد المبارك ، لكي يمنح الرب شعبه مزيدا من الأمن والأمان، بعيش كريم ، يحيون به في المحبة ، ويعمل كل انسان، كل في موقعه، وفي زمانه، وفي مكانه، من أجل الخير العام في المجتمع وفي الكنيسة وفي العالم أجمع.

واننا في هذا العيد المبارك، لنرفع الصلاة من أجل أسرتنا الاردنية الواحدة، لكي تبقى متحدة ومتكاتفة في السراء والضراء، وفي جميع الأحوال التي تحتاج الى الاسناد والتضامن الأخوي، مع كل المخلصين والعاملين باخلاص وتفان، شاكرين ومقدرين كل من يعمل بمحبة ، من أجل أمن وأمان هذا الوطن العزيز ، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، حفظه الله ورعاه.

شكرا لطفل المغارة، وكل عام وأنتم بخير.

+ المطران مارون لحام

مطران اللاتين في الاردن

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير