كان الطوباوي يوحنا بولس الثاني يكرر تعبيرًا قويًا من المجمع الفاتيكاني الثاني: “من يتبع المسيح، الإنسان الكامل، يضحي هو أيضًا أكثر إنسانية”. تحمل هذه الجملة زخمًا أنتروبولوجيًا ولاهوتيًا كبيرًا. ففي تعليقه على هذه الجملة كان أستاذ جامعة الغريغوريانا الحبرية وأمين سر مجمع عقيدة الإيمان، الأب اليسوعي لويس لاداريا يسلط على بعدين هامين في التعبير: المسيح هو “إنسان حق” وإنسان كامل، كما نقول في قانون الإيمان، ولكن أيضًا المسيح هو “حقيقة الإنسان” هو كمال الإنسانية.
بكلمات أخرى، من أراد عيش ملء الإنسانية وأن يعيش بالملء، عليه أن يختار درب المسيح الإنسان الكامل. يسوع هو مثال الأنسنة الأكمل!
الإنجيل، الذي هو المسيح، لا يدلنا فقط على الطريق للوصول إلى السماء، بل يدل أيضًا على السبيل لعيش هذه الحياة والعيش على هذه الأرض. ومن خلال الإشارة إلى كيفية عيش حياتنا الإنسانية يدلنا إلى كيفية عيش التأليه.
الأنسنة ليست المحطة الأخيرة من الرحلة المسيحية، ولكنها خطوة أساسية وضرورية. ومعيار الأنسنة هو المسيح بالذات: الإنسان الحق والإله الحق.
أود أن أختتم هذه المقالة بقصيدة للامبر نوبن (Lambert Noben) عنوانها: “لماذا وُلدت، يقول الله”.
ولدت عريانًا، يقول الله، لكي تعرف أن تتعرى من ذاتك.
ولدت فقيرًا، لكي تعرف أن تعتبرني الغنى الوحيد.
ولدت في اسطبل، لكي تتعلم أن تقدس أية بيئة.
ولدت لأجل الحب، لكي لا تشك أبدًا بحبي.
ولدت في الليل، لكي تؤمن بأني أستطيع أن أنير أي واقع.
ولدت إنسانًا، لكي تستطيع أنت أن تضحي “إلها”.
ولدت مُضطًهدًا، لكي تستطيع تقبل المصاعب.
ولدت في البساطة، لكي تتعلم أن تضحي بسيطًا.
ولدت في حياتك، يقول الله،
لكي أحمل الجميع إلى بيت الآب”.