ترأس غبطة البطريرك الأنبا ابراهيم اسحق بطريرك الأقباط الكاثوليك ، بمشاركة الأنبا يوحنا قلته، النائب البطريركي للكنيسة الكاثوليكية . القداس الألهى الذي اقيم بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد . حيث اقيم القداس فى كاتدرائية السيدة العذراء بمدينة نصر . وذلك بحضورمعتز حسن مندوب رئيس الجمهورية وعمرو موسى رئيس لجنة اعداد الدستور وجلال مصطفى السعيد محافظ القاهرة والدكتورة ليلى إسكندر وزيرة البيئة والشيخ عماد طه من هيئة علماء الأزهر واللواء مجدى يحيى مندوب وزير الداخلية . وحشد كبير من المسؤولين السياسيين والعسكريين والامنيين .
وخلال ذلك القى غبطة البطريرك عظة الميلاد المجيد . حيث فى بداء العظة بتعزية ابناء الشعب والرئيس والشرطة والجيش ونلتمس من السيد المسيح فى عيد ميلاده المجيد أن يحفظ مصر ويعينها لكى تعبر هذة الأيام الصعبة . ونرفع هذة الصلاة فى قداس الميلاد ، ونحن نمر بيوم حزين لما حدث فى محافظة الدقهلية وصعود موكب جديد من شهداء أبناء مصر .
واكد خلال العظة .، أن هذ أن هذا القداس صلاة أكثر منه احتفالاً خاصة فى هذا اليوم المؤلم، الذى شهد أعمالا إرهابيه وإجرامية. وتوجه الأنبا ابراهيم اسحق ، إلى الرئيس عدلى منصور وكل معاونية بالشكر على جهودهم ومحاولاتهم من أجل استقرار وأمن وطننا الحبيب مصر ، ” ونصلى أن يمنح الرب كل واحد فى مكانه النعمة والقوة فى مسيرة بناء وطننا.
ونصلى هذا المساء قداس عيد الميلاد متحدين مع قداسة البابا فرنسيس ومع غبطة الكاردينال الأنبا أنطونيوس نجيب ، واخوتنا البطاركة والأساقفة فى الكنيسة الكاثوليكية فى انجاء العالم اجمع . أننا نصلى من أجل قواتنا المسلحة، ومن أجل رجال الشرطة حراس الوطن وشهداء الواجب، و نصلى أيضًا من أجل شعبنا المصرى الأبى، وكل الذين يحملون أمانة الواجب فى إخلاص وتفان، من أجل كل أسرة شريفة مجاهدة تسهم فى بناء إنسان يؤدى عمله فى مخافة الله وحب الوطن، لنصلى من أجل السلام فى العالم أجمع وبالأخص فى شرقنا الأوسط .ونصلى أيضا مع شعوب العالم بعد أن احتفلت الكنيسة الكاثوليكية بختام السنة المركسة لتعميق الإيمان ، وما الإيمان الحقيقى سورى المصالحة الشاملة، مصالحة مع الله ، ومصالحة مع الأنسان الأخر وقبوله . هذا ما يعبر بصدق عن حال العالم، اليوم، وعن حاجة كل إنسان إلى تجديد إيمانه، وعن الرغبة الإنسانية العميقة فى قبول الإنسان لأخيه الإنسان بعد أن مزقت الأسرة البشرية حروب فى أغلب بلاد العالم، يشعلها التعصب المقيت، والعنصرية المرزولة، ويشيع الإرهاب فى كل نفس بشرية الخوف والقلق، فيقتل فى الإنسان كل رجاء فى الحياة، فتنعدم الرؤية لينغلق الإنسان على نفسه.
حيث “يأتى ميلاد المسيح، ليؤكد على قيمة الإنسان، فلا عبادة حقيقية للخالق إن لم تحترم المخلوق، ولا إيمان صادق إن لم يحترم الحياة، فالحياة لا تستقيم وملايين المطرودين من ديارهم، والضحايا الأبرياء، والظلم المتفشى فى المجتمعات، وفساد الضمير الذى يشكو منه البشر، وبميلاد المسيح، عمانوئيل، أى الله معنا، بدأت البشرية مسيرة جديدة، هكذا أحب الله العالم حتى يحب كل إنسان عالمه ومجتمعه . تنازل الله فى كلمته وصار إنسانا ليعلن سمو الإنسان ، وسمو دعوة الحياة الإنسانية .إنها فى الأساس دعوتنا فى هذا العيد للمصالحة الشاملة : مصالحة مع الله ، مع القريب ، مع ذواتنا .
وأضاف “ميلاد المسيح مصالحة مع الله” . بسقوط الإنسان فى الخطيئة ، وبعد أن فقد العلاقة الحميمة مع الله ، بادر الرب ووعد الإنسان بمخلص يأتى من نسل المرأة ، المخلص سيدنا يسوع المسيح ، الذى لن يعيدنا فقد إلى ما كان علية الإنسان قبل الخطيئة ، بل سيمنحنا عمق الشركة الإلهية . ولد المسيح حبًا فى الإنسان، وعاش فى خدمته، ونشر تعاليمه ليقوده إلى الحق والنور، فالمسيح هو نور العالم ( يوحنا 8 : 12) ساوى بين البشر جميعًا فى الكرامة، لا تمييز بين إنسان وإنسان بسبب الجنس أو الحسب أو العلم أو القوة، طوب البسطاء وفقراء الروح والساعين إلى التقوى والقداسة، كما أن ميلاد المسيح مصالحة مع الذات، فإن فى حضارتنا المعاصرة ثقبًا خطيرًا وهو التهاون بأمور الروح والفضيلة. لقد نسينا أن نور العقل هو إشعاع من نور الخالق، وأن قدرة العقل بعض من قدرة الخالق، فأصبح ما يحققه الإنسان فى مختلف نواحى الحياة سببًا للغرور والكبرياء. فيفقده ذلك الحس الروحى والرؤية الإلهية لمعنى الحياة والمصير.
وأضاف أيضا ” ميلاد المسح مصالحة مع الذات” ، إن ميلاد المسيح هو دعوة لنا كى نتصالح مع ذواتنا ، وتقوم هذة المصالحة فى اعتراف الإنسان بخطيئته ، وقبوله المغفرة المجانى ، هذه إمكانية ولادة جديدة وخلق جديد ، تسمح للشخص بأن يحا بطريقة جديدة مختلفة عما كانت من قبل . خلق جديد وليس مجرد تحسين سلوك ، خلق جديد بروح جديد وطبيعة جديدة ، تحيا فى سلام مع الله ، ومع الذات وترى القريب فى صورة المسيح . فى قبولنا سر الأعتراف . إنه غاية فى الأهمية أن نكتشف من جديد عظمة وقدرة هذا السر الذى ينمى فينا مع سر الأفحارستيا ثمرة معموديتنا ويحققه .
وأضاف أيضا “ميلاد المسيح مصالحة بين الإنسان والقريب، فإن القضايا الإنسانية ينبغى أن تعالج تحت نور التعاليم الإلهية والشرائع السماوية بالاقتداء بالمسيح الكلمة، ينبغى ألا يتحول العالم إلى ساحة صراع بين الأقوياء والضعفاء، والأغنياء والفقراء، فجاءت مسيرة المسيح على الأرض خلقًا جديدًا لعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان. فقيمة الإنسان هى فى ذا
ته، لا فيما يملك من أسباب القوة والمال والسلطة. لذا ولد المسيح فى مغارة بعيدًا عن كل مظاهر التملك، عاش فى أسرة متواضعة ومكافحة، فانتمى هكذا إلى الإنسان العامل الشريف الذى يتعامل مع الطبيعة والمادة فى صبر وثقة، نابعين من ضمير نقى . لقد حمل رسالته إلى الضمير الإنسانى، ليوقظه، فلا صلاح لإنسان إلا بصلاح ضميره ونقاء سريرته وتوهج روحه بالخير، ولا صلاح لمجتمع إلا بوحدة أبنائه وترابطهم وتعاونهم عل ى الخير.. وعاش المسيح حياته، عملاً وقولاً ليؤكد على أن العبادة الحقيقية تذهب فى عمقها لتتحقق فى العلاقة بالقريب، فلا محبة حقيقية لله بدون محبة عمليّة للقريب. كثيرون ممن آمنوا حقا بالمسيح تبعوه فاختاروا بحرية وحب السير فى دربه يعيشون المصالحة مع كل إنسان، فنجدهم فى كل مكان يعلنون محبة الله المخلصة و لا يبغون من وراء ذلك إلا الاقتداء بالمسيح والاتحاد به، لقد أعلن المسيح ملكوت الله وعلم المحبة التى تذهب حتى محبة الأعداء . فهو الذى قال “جعت فأطعمتمونى، وعطشت فسقيتمونى ومريضا فزرتمونى وسجينا فجئتم إلى، فكل مرة عملتم هذا لواحد من هؤلاء إخوتى الصغار فلى عملتموه” ( متى 25 : 34 – 40 ) . إن رسالة المسيح هى الاهتمام بالإنسان الآخر، بل إن الدينونة ستقوم فى التساؤل عن مدى تفاعلنا مع القريب وعن من أهمل محبته ( متى 25 : 34 – 40 ).
وانهى رسالته بشكر وتسأل حيث السيد الرئيس عدلى منصور وكل معاونيه المخلصين على جهودهم ومحاولاتهم من أجل استقرار وامن وطننا الحبيب مصر ، ونصلى من أجل شعبنا المصرى الأبى ، وكل الذين يحملون أمانة الواجب فى إخلاص وتفان ، لنصلى من أجل السلام فى العالم أجمع وبالأخص فى شرقنا الأوسط .وكان التسأل إن ميلاد المسيح فرصة لنا جميعا، لنتساءل مع ذواتنا عن طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض، فى عائلاتنا، فى وطننا، تجاه الخير العام : هل محبة الله ومحبة القريب كوصية هى الأساس فى تصرفاتنا ؟ هل هى الدافع الحقيقى للمصالحة واللقاء بالآخر؟، لذا ننتهز احتفالنا بميلاد المسيح لنجدد هذه الوصية فى حياتنا لنعيش مصالحتنا مع الله ومع ذواتنا والقريب.
“المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرة ” (لو 14:1)