تابع الحبر الأعظم يقول: بفضل المعموديّة نصبح تلاميذ مرسلين مدعوين لحمل الإنجيل في العالم (راجع الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل عدد 120). “وكل معمّد مهما كانت وظيفته في الكنيسة ومهما كان مستوى إيمانه هو فاعل نشيط في البشارة… والبشارة الجديدة تتطلب من الجميع دورًا جديدًا، دورًا جديدًا لكل المعمدين ولكل معمّد بمفرده” (الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل عدد 120). فشعب الله هو شعب تلميذ لأنه يقبل الإيمان ومرسل لأنه ينقله، وهذا ما تحققه المعمودية فينا. نحن في الكنيسة جميعنا تلاميذ ومرسلون كلّ في المكان الذي وضعه في الرب: أصغرُ واحد هو رسول أيضًا وأكبر واحد هو تلميذ. قد يقول لي البعض: “لكن الأساقفة ليسوا تلاميذ لأنهم يعرفون كلّ شيء، والبابا أيضًا يعرف كلّ شيء وليس بتلميذ”، لكنني أقول لكم أنه على الأب الأقدس والأساقفة أن يكونوا تلاميذ ليقوموا بواجبهم كما يجب وإلا فلن يكونوا رسلاً ولن يتمكنوا من نقل الإيمان.
وأضاف البابا فرنسيس يقول هناك رابط وثيق لا يتفكك بين البعد الصوفيّ والبعد الرسولي للدعوة المسيحيّة واللذان يتجذران كليهما في المعمودية. “بقبولنا للإيمان وللمعموديّة، نقبل نحن المسيحيون عمل الروح القدس الذي يقودنا للاعتراف بيسوع المسيح كابن لله ولندعو الله “أبّا”. فجميع المعمدين والمعمدات… مدعوون لعيش ونقل الشركة مع الثالوث، لأن البشارة هي دعوة للاشتراك بشركة الثالوث” (المستند الختامي لأباريسيدا، عدد 157). ما من أحد يخلص وحده، نحن جماعة مؤمنين، وفي الجماعة نختبر جمال مشاركة خبرة الحب الذي يسبقنا جميعًا، والذي يطلب منا في الوقت عينه أن نكون “قنوات” للنعمة بعضنا لبعض بالرغم من محدوديتنا وخطايانا. فالبعد الجماعي ليس مجرّد “إطار” فقط، بل هو جزء أساسي من الحياة المسيحيّة والشهادة والبشارة. فالإيمان المسيحي يولد ويحيا في الكنيسة، وفي المعمودية تحتفل العائلات والكنيسة بدخول عضو جديد في المسيح والكنيسة جسده (المستند الختامي لأباريسيدا، عدد 157).
وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول: أما بالنسبة لأهمية سرّ المعمودية لشعب الله، تشكل قصة الجماعة المسيحية في اليابان بهذا الصدد مثالاً عظيمًا. فقد تعرضت هذه الجماعة لإضطهادات قاسية في بداية القرن السابع عشر، فاستشهد العديد منهم وتم ترحيل الإكليروس وقُتل آلاف المؤمنين. عندها أصبحت الجماعة تعيش في السرّ محافظة على الإيمان والصلاة في الخفاء، وعند ولادة طفل جديد كان أبواه يعمدانه لأن كلٌّ منا بامكانه أن يمنح سرّ المعمودية إن لزم الأمر. وبعد مرور حوالي قرنين ونصف عاد المرسلون إلى اليابان وخرج آلاف المسيحيين إلى العلن وتمكنت الكنيسة من النهوض مجددًا. لقد نجوا واستمروا بنعمة معموديتهم! وحافظوا، بالسرّ، على روح جماعيّ قويّ لأن المعمودية جعلتهم جسدًا واحدًا في المسيح: لقد كانوا منعزلين ومختبئين لكنهم كانوا دائمًا أعضاءً في شعب الله والكنيسة! ونحن يمكننا أن نتعلم الكثير من قصّتهم!