إن كان العالم يبغضكم، فإعلموا أنه قد أبغضني قبلكم

…لكن ثقوا، أنا قد غلبتُ العالم

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الاضطرابات الدامية التي تعصف بالشرق الأوسط تصب جام غضبها على مسيحي الشرق تاركةً إياهم في وضعية أقل ما يقال فيها جد متأزمة. غير أن عين المراقب الثاقبة تدري أن تلك الوضعية الصعبة هي غير مستجدة على تاريخهم الطويل الذي أزهر أعظم القديسين من قلب شوك الإضطهاد.

“إن كان العالم يبغضكم، فإعلموا أنه قد أبغضني قبلكم”. 
في هذا الإطار من التوصيف النبوي على لسان الرب في انجيل يوحنا ما يساعدنا على فهم سبب هذا الكم من العنف و الكره تجاه الجماعة المسيحية ” لو كنتم من العالم،لكان العالم يحب خاصته،ولكن لأنكم لستم من العالم، بل أنا اخترتكم من العالم،لذلك يبغضكم العالم”.
يُحسب المسيحيون أنهم ليسوا من العالم، ليس لأنهم من طبيعة تختلف عن بقية البشر ولا بسبب فضائل زائدة أو امتيازات مبهرة تثير الحسد، وإنما لأنهم قبلوا نداء الرب لهم وصاروا مختارين منه، أفرزهم للعمل في ملكوته. و مقابل ملكوت الله نرى “العالم” الذي يمثل للأسف غالبية من بشريتنا المسكينة ، التي تحمل اسمه كما أباطيله. و تأتي حياة المسيحي الحقيقي لتدين العالم الشرير “في صمت”، لذا لا يجد العالم له طريقًا سوى الانتقام ممن لا يشاركه شره ويساعده في إغتيال آخر تبكيت لضميره المنازع.

هو السيد واضح وضوح نوره الذي لا يخبو، يقول لكل من يتبعه أن الصليب هو النصيب فمن يختار الحب لا بد أن يتألم. ولكن ألمه كألم الأم تريزا الطوباوية يصرخ : ” لقد وجدت المفارقة، أنه إذا كنت تحب حتى الألم، لن يكون هناك مزيد من الألم، انما فقط مزيد من الحب.” و الألم هو علم القديسين عندما يتخطى الشعور السلبي الناتج عن التعرض للاذى: ليصبح الألم التعويضي الفاعل … و عندما يُسأل الرب عن مدى إهتمامه بآلامنا: فانه ببساطة يشير إلى الصليب، ويقول: ” أهتم بهذا القدر” !!!

“في العالم سيكون لكم ضيق، لكن ثقوا، أنا قد غلبتُ العالم “يو33:16”. 
مع هذه الإضافة ندري و نثق أن الغلبة هي للحب بمواجهة كل ترهل فكري و كل بغض مستشري.والصليب هو جسر العبور الى السماء عامودياً والى كل آخر أفقياً. يعبّر أحدهم بلسان حال كل مسيحي مشرقي مؤكدا أن المسيحيين أثبتوا أنفسهم في هذا الشرق بمساعدة المسيح وسيثبتون إلى أن يعود المسيح ومن يستشهد منهم ينتقل الى بيته السماوي”. 

بنفحة هذا الثبات في روح المحبة رغم الإضطهادات من المجدي الإضطلاع على ما أفادت به آخر الدراسات “بأن مركزية الغفران الموجودة في تعاليم المسيح تلعب دوراً حيوياً بالفعل للمساعدة في تقليل العنف الطائفي بالشرق الأوسط.” نعم ، فمع المسيحية الحقة تسمو فضيلة الحب في أزمنة الهدوء ولا تُقهر في أزمنة الاضطراب. 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير