"لا تستغلّوا الله وشعبه من أجل الدفاع عن أنفسكم في الأوقات العصيبة" هذا ما أعلنه البابا فرنسيس اليوم في عظته الصباحية من دار القديسة مارتا معلّقًا على المواقف التي اتخذها الملك داود في القراءة الأولى من سفر صموئيل الثاني (15-16) حيال خيانة ابنه أبشالوم.

ركّز البابا في عظته على "الخيانة الكبرى" التي قام بها أبشالوم ضد أبيه وعلى حزن الملك داود نتيجة هذا الأمر وأشار إلى ثلاثة مواقف اتخذها داود: "في بادىء الأمر، فهم داود بأنّ الحرب ستكون قاسية جدًا وأنها ستؤدي إلى مقتل العديد من الأشخاص. وبالتالي قرر ألاّ يقتل شعبه" وتابع البابا: "كان بإمكانه أن يبقى في أورشليم لكي يقاتل ضد قوات ابنه ولكنه اختار ألا يدمّر أورشليم".

وأشار البابا إلى أنّ هذا الموقف الأول في الدفاع عن النفس يبيّن مدى محبّة الملك لله ولشعبه لأنه لم يستغلّ شعبه أو الله من أجل الدفاع عن نفسه: "عندما يمرّ أحد في الأوقات الصعبة من الحياة ويصل إلى حالة اليأس يحاول أن يدافع عن نفسه قدر المستطاع وذلك من خلال استغلال الله وشعبه وإنما داود لم يختر ذلك".

وتابع البابا: "إذًا اختار داود الهرب وهذا الموقف الثاني يسمى "التوبة" وكما يشير الكتاب المقدس: "وكان يصعد باكيًا ورأسه مغطّى وهو يمشي حافيًا، وجميع الشعب الذي معه غطّوا كل واحد رأسه وصعدوا وهم يبكون". وهذا العمل التكفيري جعله يفكّر في قلبه في كل الأشياء السيئة التي اقترفها. لربما كان يفكّر بخيانة ابنه له ولكنه اعترف بأنه ليس قديسًا وفضّل أن يسير مسيرة التوبة".

وأضاف البابا: "إنّ هذا الصعود إلى الجبل يذكّرنا بصعود يسوع عندما كان يبكي، عاري القدمين حاملاً صليبه ووصل إلى الجبل. كذلك نحن عندما يحصل معنا شيء مماثل نفكّر تلقائيًا بتبرير أنفسنا إنما داود لم يبرّر نفسه بل كان واقعيًا وحاول أن يخلّص شعبه ومشى مسيرة التوبة. إنه خاطىء كبير وقديس عظيم. كيف اجتمعت هاتان الصفتان؟ وحده الله يعلم".

وتابع البابا: "عندما كان داود سائرًا ظهرت شخصية جديدة وهو شمعي بن جيرا "ورجم داود وجميع عبيد الملك بالحجارة" وهنا يبدو الموقف الثالث الذي اتخذه الملك وهو موقف الثقة بالله فعوض أن ينتقم منه منع عبيده من أن يدافعوا عنه قائلاً: "لعلّ الله ينظر إلى مذلّتي ويجزيني الرب خيرًا عن لعن هذا لي اليوم".

وختم البابا عظته سائلاً أن نتمثّل بالمواقف التي اتخذها داود القديس في أوقاته العصيبة قائلاً: "لا نجادل الله، نتوب ونبكي أخطاءنا والثقة بالله بأنّ العدالة تأتي عن يديه".