لاهوت الخلق

القسم الأول

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أولُ نفحةٍ من نفحاتِ إيمانَنا المسيحي- ونضعهُ كمبدإ مهمّ من مبادئ الايمان المسيحي، في مسيرةٍ دائميٍّة أبديّة وليس كبداية لزمنٍ محدّد، ونقطة من الماضي السحيق- ألا وهي نفحة “سرّ الخلق“. وعلينا، عندما تقع أعيننا على كلمة (في البدء)، ان لا نتصوّرها كبدءٍ في الزمن. لان الله عندما يخلق – سنرى ايضا معنى “يخلق الله“- لا يخلق الإنسان كعربة حصانٍ يدفعُها من أعلى جبلٍ عالٍ متدحرجةً في نزولٍ دائمٍ الى الأرض. تصورّات بذيئة مثل هذه، يجب أن تختفي من العقل الباحث عن المعنى، والسير خطوًة خطوًة مع الله وعمله في التاريخ- والأخير ايضا، ليس شيئًا مفصولا عن كيان الإنسان، كأنْ نقول: التاريخ – الإنسان، التاريخ والإنسان مترابطين في آصرةٍ قويّة، بحيث أن أيَّ تأثيرٍ خارجي يُصيب التاريخ في أيِّ نقطةٍ من مسيرته ( يمثّل التاريخ دائما كخطٍّ مستقيم، أو كلولبٍ يسيرُ في حركةٍ لولبيّة، وليس كدائرةٍ مغلقةٍ تبدأ من نقطةٍ واحدةٍ وتنتهي الى ذاتِ النقطة التي بدأت منه) يُصيب كيانَ الإنسان وضميرُه وحياته. تأمّلوا ما فعلتْ الحروب المدمّرة لزمنٍ طويلٍ في حياة الإنسان – ليس فقط في نفسيّة الإنسان، إنما أكثر من هذا، في الطبيعة، الارض، البيئة، الكون، الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية… الخ. هذا سببٌ قويُّ جدا يُرينا إستحالةَ فصلُ الإنسان عن تاريخه، لان الإنسان ككلٍ هو تاريخ.

علينا أن نتأمّل، كيفَ يعملُ الله في تاريخ الإنسان، من بَدءِ الخليقة الى يومنا هذا، وهذه اللحظة التي أنا فيها الان أسطرَ هذه الشذرات. لنقل من الآن كمبدإٍ، أن الله يعمل ويحرر ويخلّص الإنسان ثم يخلق الإنسان. وهنا قد يرفعُ القارئ حاجبيه هازّا رأسه دون إقتناعٍ عقلي.. كيف يُخلّصنا الله، وبعدها بعد فترةٍ زمنيٍّة يبدأُ عمليةَ “الخلق“؟! .. الله ليس له زمنٌ، لانه خالق الزمان والمكان، وكلمته الالهية هي ماضي وحاضر ومستقبل، تشمل جميع أبعاد الزمان والمكان، والابعاد الإنسانية والكونية، وتدخل في كلّ ذرةٍ من ذرات الكون البعيدة.

الخلاص، عندما يُخلّص الله نفسًا بشريّة، فإنّـه يُخلقُها ويُبدعها من جديد.. “ها إنّ القديمَ قد مضى، وأنا أخلق كلّ شيءٍ جديد“. فالخلاص، هو خلقٌ وإبداع وترميمٌ للذات الإنسانية الصافية كصورة الله. وهنا، يجبُ أن نقولَ شيئًا مهمًّا أيضًا، وسنراهُ لاحقا، أن الخلاص – خلاص الله، ليس سائِلا سحريًّا (زئبقًا

يتبع

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير