جاء في معرض الرسالة التي وجهها البابا لزمن الصوم حديث عن شهادة كل مسيحي. يخلص الله العالم بفقر المسيح، وفي كنيسته التي هي جماعة الفقراء. نعم، فغنى الله لا يمر عبر غنانا بل عبر فقرنا الذي يحييه روح المسيح. نحن كمسيحيين مدعوون للنظر الى معاناة إخوتنا ومساعدتهم على غرار معلمنا. هناك ثلاث أنواع من البؤس في العالم: البؤس المادي، والأخلاقي، والروحي. البؤس المادي هو الفقر الذي يطال كل الذين حرموا من أدنى حقوقهم البشرية كالماء والطعام والدواء...وهنا تلعب الكنيسة دورها بتلبية الاحتياجات وتضميد الجراح، وبحسب البابا، "فإنّنا نرى وجه المسيح في الفقراء والمرذولين. وإذ نحن نحبّ الفقراء ونساعدهم، إنّما نحبّ المسيح ونخدمه. وما يشغلنا هو أن نكافح،من أجل أن تكفّ التعدّيّات على الكرامة الإنسانيّة، في العالم، وكلّ أنواع التمييز والاستغلال، التي تكمن، في كثير من الحالات، في أصل الضيق. عندما تغدو السلطة، والبذخ، والمال أصنامًا، تعترض هذه الطريقَ أمام ضرورة توزيع متكافئ للثروات. لذا، لا بدّ للضمائر من أن تنعطف إلى العدل، والمساواة، والاكتفاء، والمقاسمة."

<p>أما البؤس الأخلاقي فلا يختلف كثيرًا فهو يجعل المرء عبدًا للخطيئة والرذيلة، نعم شرح البابا عن العائلات التي تعاني هذا النوع من البؤس حين يدمن أحد أفراجها على الكحول أو المخدرات مثلا..."ورُبَّ إنسان فقد معنى الحياة، وخلا من أيّ تطلّع إلى المستقبل، وأضاع الرجاء. بل رُبَّ إنسان زجّت به ظروفه الاجتماعيّة القاهرة في هذا الضيق، أو ضآلة فرص العمل التي تفقده الكرامة التي تمنحه أن يحمل خبزًا إلى بيته، بسبب نقص في المساواة، في ما يتعلّق بالحقّ في التربية، وفي الرعاية الصحيّة. في هذه الحالات جميعًا، يدعى البؤس الأخلاقيّ انتحارًا ناشئًا." لا سبيل للخلاص من هذه الدائرة المغلقة إلا بيسوع المسيح.

أخيرًا وليس آخرًا تحدث البابا عن أهمية الإنجيل ف وجه البؤس الروحي قائلا أنه يجب على المسيحي أن ينادي بالخير الذي يحرر، ويقول أن الله أعظم من خطيئتنا وهو يحبنا حبًّا مجانيًّا وخلقنا للشركة معه وللحياة الأبدية. " يُهيب بنا الربّ أن نكون دعاة فرحين إلى رسالة الرحمة والرجاء هذه! يا له فرحًا أن يختبر المرء السرور، الذي يناله، من جرى إذاعته هذه البشرى، والاشتراك في الكنـز المودع عندنا، كي تتعزّى قلوب محطّمة، ويجد كثير من الإخوة والأخوات الغارقين في الظلمة رجاء لهم. حَسْبُ الواحد منّا أن يتبع يسوع، ويقتدي به، هو الذي مضى لملاقاة الفقراء والخطأة، كما مضى الراعي لملاقاة الحمل الضائع، زاخرًا ومفعمًا بالحبّ. إنّ في مقدورنا، إذا ما اتّحدنابه، أن نختطّ لنا بجرأة سُبُلَ تبشير جديدة بالإنجيل، ورقيّ إنسانيّ."