اللوحة الكاملة

رسمَ أحدُ الفنانين العالميّين لوحة رائعة الجمال تفوقُ الوصف بها من الصور والإشارات والرموز والفنون الفائقة الوصف والروعة ، وكأنك في واقع حياتيّ ممزوجٌ من الروحانية والخيال الخصب .. وذهبَ إلى أحد المؤتمرات ، وكان فيه أناس عاديين من عامّة الشعب ومن الرجال المهمّين أيضا ..

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

فوضعَ اللوحةَ الكبيرة، على أحد الطاولات الكبيرة ، وبدأ يفتحها .. لكن فجأة ، وصل إلى ربع اللوحة ، ولم يكملُ فتحها لنصفها .. قفــزَ أحدهم وقال، بعد أن شاهدها الجميع أيضًا: كلّا ، ما هذا ، إنها لوحة كئيبة ، مخزية، تافهة، لا جمال ولا حسّ فنيّ لها، لوحة غير جميلة … الخ .. تركوا القاعة وذهبوا .. !

والفنانُ أصيبَ بخيبة أمل كبيرة جرّاء هذا الأمر .. وذهبَ حزينا .. لإنّ رسالتهِ لم تظهر للجميع وأصيبتْ بسوء الفهم المروّع ..

هذا مثالٌ لما عمله الله مع البشريّة .. من خلال أولًا : الكتاب المقدّس ، ثم من خلال سرّ التجسّد …!

نحنُ لم نستلم الكتاب المقدس إلا بصورة ناقصة كهؤلاء الناس الذين لم يروا اللوحة كاملة للفنان المبدع ، وهمّوا تاركينَ الفنّ والجمال ، ورأوا نصفَ الحقيقة .. لا ترابط الألوان وتناسق الظلال والرموز الرائعة .. ولم يتركوا لأنفسهم المجال الكافي اللازم للتأمّل في اللوحة ، من الرموز وترابط الحركات والألوان ومعانيَ كثيرة مهمّة … (كما قال يقول القديس أوريجانوس في كيفية تفسير الكتاب المقدس والنصوص ، فهناك التفسير التاريخيّ وهناكَ التفسير الروحي العميق الرمزيّ ، وأن الشريعة هل ظلّ والإنجيل هو نورٌ ) .

في سرّ التجسّد ، أيضًا ، ومن هذا المثال الذي ذكرتهُ ، الكثيرون لم يأخذوا ويستلموا إلا ربع أو نصفَ ربع الحقيقة الإلهية الرائعة .. فهناكَ من توقّف عند موت يسوع فقط : وإنتهى! .. هناكَ من رأى في يسوع ، رسولًا ونبيّا ذا أخلاق عالية فقط ومثال للتواضع ، لا أكثر ولا أقلّ .. وهناكَ من رأى فيه إنسانا نابغا وذا خيال خصب لامع .. وووو ألخ ..

كانَ من المفروض ، كما أستلمَ الرسلُ ، بقوّة الروح القدس الملهم – الخيال والروعة الفائقة الطبيعة التي تلهمُ الإنسان ، رسالة المسيح الكاملة بقيامته من الأموات وترائياته لهم، أن نحنُ أيضًا ، لا نضعُ أنفسنا حكمًا على الرؤية ، بل – كما حدث للرسل ، أن يستحوذ علينا ، فنّ المسيح الرائع في لمساته الشفافة لقلوب الرسل وكشفه الأسرار المقدسة لهم …

نصيحةٌ أخويّة: لا تحكموا على أيّ نصّ أو أيّ حدث في الكتاب المقدّس بإنه كذب ولا يمكن أن يكون ملهمًا ومن الله ، ومتناقض.. ! شاهدوا اللوحة كاملة ومن دون حكم .. وتأملوا فيها لعدّة أيام أو لأشهر ، فمن المؤكّد أن الفنان َ له حكمةٌ وبصيرةٌ ، وهدفٌ سام ، للوحته.. الله له هدف وحكمة وتدبير أزليّ أبديّ ..

هذا هو إلهنا الحبيب والحنون والقويّ ..

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير