4- عمل الأنجلة الجديدة:

يمكننا القول إنّ الأنجلة الجديدة لكنائس الشرق الأوسط حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى، فالمسيحيون في البلاد العربية، ولا سيّما في لبنان، مدعوون للدخول في مفهوم الأنجلة الجديدة ومبادئها ووسائلها من أجل إعلان الإيمان ونقله والتربية عليه، ممّا يُسهم في خلق أفراد صالحين للمجتمع، كما يُعزّز الروابط الإنسانيّة والإجتماعيّة في ما بين الشعوب. فالأنجلة الجديدة تعزّز موقع المسيحيين ودورهم وتعطيهم الرجاء والأمل من خلال تعلّقهم بالأرض والإنسان، وتُساعدهم على عدم الرحيل والهجرة، والبقاء في أوطانهم كرسل سلام ودعاة محبّة وانفتاح. من هنا لا بدّ من العمل بطريقة متجدّدة ومتواصلة على العائلة التي تربّي على الإيمان والقيم الإنسانيّة والأخلاقيّة. فعلى العائلة المسيحيّة أن تقبل الأنجلة الجديدة فتزرع الإيمان وتُعلنه وتنقله وتربّي عليه.

Share this Entry

إنّ رعاة الكنيسة مع الرهبان والراهبات مدعوون لتحمّل مسؤولية شعب الله من خلال تكرّسهم للمسيح بهدف إعلان الملكوت والتبشير به، فيكونوا المثال والقدوة. فالرعاة أيضًا بحاجة ماسة إلى التمسّك بالأنجلة الجديدة وتفعيلها في ما بينهم قبل نقلها إلى المؤمنين. إنّ “المجتمع المسيحي” في أزمة، كذلك يعيش رعاة الكنيسة تحت وطأة تلك الأزمة. والمطلوب الجهد الفعّال وعلى جميع الأصعدة، لتثبيت الإيمان وتعزيزه في ما بين المؤمنين كما إعادة إحيائه عند المعمّدين غير الممارسين أو الذين حرموا أنفسهم من ممارسة الأسرار المقدّسة، أو عند المعمّدين الممارسين لإيمانهم من خلال وجودهم في الإحتفالات الليتورجية بداعي الواجبات والعلاقات الإنسانيّة والإجتماعيّة. لا يجب أن نزدري بدور المدرسة أو نُهمل أهميته في التربية على الإيمان من خلال التعليم المسيحي وممارسة الحياة المسيحية وعيش الليتورجيا. كما لا يمكننا أن نتجاهل دور الحركات الرسوليّة والفرق المتعددة المهمات والأدوار، والّلجان الحيّة ضمن الرعية أو الأبرشية، والتي تساند العمل الرعوي والرسولي في تنشئة المؤمنين ومرافقتهم ومساندتهم في تحقيق حياة مسيحية صادقة وفعّالة. فعلى أعضاء الكنيسة معرفة المسيح بروحانية عميقة ومتواصلة لكي يستحقوا حمل اسمه والتبشير به.

إنّ مسؤولية الأنجلة الجديدة تقع على عاتق الجماعة المسيحية بأسرها لا سيّما الرعاة المدعووين لتكثيف جهودهم في زرع الرجاء والمحبّة والإيمان في قلوب المؤمنين وضمائرهم وإعطاء المَثَل الصالح من خلال التواضع والتجرّد والمسامحة والغفران والمحبّة والحضور الفعّال في شتّى الميادين. والأنجلة الجديدة بالنسبة إلى مسيحيي الشرق الأوسط هي العودة إلى الجذور المسيحيّة من خلال الإيمان والتقوى وممارسة الفضائل المسيحية والتعلّق بالقيم الإنسانيّة والأخلاقيّة، كما يُسهم في تثبيت وتقوية المسيحيين في هويتهم عبر عيش كلمة الله وتطبيقها وممارسة الأسرار المقدّسة وإحياء الشراكة والمحبّة بين أبناء الكنيسة لا سيّما بين الرعاة والمؤمنين. وهكذا تغدو الشهادة المسيحية عميقة، وشفّافة، وحقيقيّة، وفرحة، وجذّابة وصادقة. من هنا، على المسيحيين المصمّمين على فهم إيمانهم وإنجيلهم بعمق أن يدركوا أهمية حضورهم ودورهم ورسالتهم في هذا الشرق.

على المسيحيين أن يقرأوا الكتاب المقدّس ويكتشفوا كلمة الله الموجّهة إليهم اليوم ويفهموها فهي تخاطبهم بطريقة متجدّدة. وعليهم أن لا يعيشوا في الانطواء على الذات والخوف من الآخر، لذا على الرعاة أن يعملوا على تقوية إيمانهم وروحانيتهم، كما تدعيم الروابط الاجتماعية والتضامن فيما بينهم دون الانغلاق والتقوقع والتعصّب. تعزّز الأنجلة الجديدة الوحدة المسيحية في بلدان الشرق الأوسط فتُسهم بذلك في مشاركة المسيحيين وتساعد على الاعتراف بوجودهم وتقديرهم.

Share this Entry

الأب د. نجيب بعقليني

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير