يَنبَعُ سرُّ التَوبةِ والمُصالحة مُباشرةً من السرِّ الفِصحيّ. في الواقع، ليسَت مَغفِرةُ خَطايانا أمرًا يُمكِنُنا أن نُعطيَهُ لأنفُسِنا، وليسَت ثَمَرةَ جُهودِنا، إِنَّما هي عطيَّةٌ من الروحِ القُدُس الذي يَملؤُنا من فيضِ الرَحمَةِ والنِعمَةِ المُتَدَفِّقِ من قَلبِ المسيحِ المَصلوبِ والقائِمِ من المَوت. والجماعةُ المسيحيةُ هي المكانُ الذي يَحضُرُ فيه الروحُ الذي يُجدِّدُ القلوبَ بِمَحبَّةِ اللهِ ويَجعَلُ جَميعَ الإخوةِ واحدًا في المسيحِ يسوع. لذلك، لا يكفي أن نَطلُبَ المَغفِرَةَ مَن الرَّبِ في عقولِنا وقلوبِنا، إنما من الضروريِّ أن نَعتَرِفَ بِخطايانا للكاهِنِ بتواضُعٍ وثِقَة. فالكاهنُ، وخلالَ الاحتفالِ بهذا السرّ، لا يُمثِّلُ اللهَ فقَط وإِنما يُمثِّلُ أيضًا الجمَاعةَ بأسرِها التي تَجِدُ نَفسَها في ضُعفِ كلِّ فردٍ من أفرادِها، وتُصغي إلى تَوبَتِهِ وتَتَصالَحُ مَعَه، تُشجِّعُهُ وتُرافِقُه في مسيرةِ التَوبةِ والنُضوجِ الإِنسانيِّ والمَسيحي. أَصدِقائي الأعِزاء، إنَّ الاحتِفالَ بسرِّ المُصالحَةِ يَعني أَن نُضَمَّ بذراعَينِ دافِئَتَين: إنَّهُ عِناقُ رحمَةِ الآبِ اللامُتناهية التي تَحمِلُ إلينا فَرَحَهُ لأنه وَجدَنا وقَبِلَنا مَعَهُ مُجددًا. لِنَسمَح إذًا لِحُبِّهِ بأَن يَخلُقَنا مُجددًا كأبناء ويُصالِحَنا مَعَهُ ومعَ أَنفُسِنا والإِخوة.
أرحّبُ بالحجّاجِ الناطقينَ باللغةِ العربية، وخاصةً بالقادمينَ منالشرق الأوسط. اللهُ أبٌ يَنتَظرُنا دائمًا، وقلبُهُ يَفرَحُ بكُلِّ ابنٍ يعودُ إليه، فلا نَخافَنَّ إذًا مِن أن نَذهَبَ إليهِ ونَسمَحَ لهُ بأَن يَغفِرَ لنا ويَغمُرَنا بِرَحمَتِه!