كان لسليمان الحكيم كل ما من شأنه أن يصنف تحت خانة “جنة الملحد” من الإكتفاء المادي و الإجتماعي إلا أنه عندما أراد أن يوصف “ما تحت الشمس” استخلص القول : ” باطل . باطل الأباطيل .الكل باطل…” فالغوص في عالم الماديات و الملذات قد يخدر شعور التوق الى الله مرحلياً ولكن لا يداوي أبداً فراغ القلب. لماذا؟ لأن الله خلقنا لهدف أسمى من مجرد الاستمتاع بحياتنا الحالية.
أوه، كم كان القديس أوغسطينس على حق : ” قلوبنا هذه ستبقى مضطربة حتى تستقر فيك يا الله !!” وإذا كان أفلاطون مئات السنين قبل المسيح قد استنتج بسعة معرفته ذات مرة بأن ” الإلحاد هو مرض في الروح قبل أن يصبح خطأ في الفهم ” تبقى حقيقة أخرى تخص المسيحية في مجال المقولة الماركسية.
فإذا كان الدين هو ” تنهيدة المخلوق المظلوم المتألم” فلن يخترع هذا الأخير إله يتألم و يموت!!
حقاً أن سبل الرب تختلف عن سبلنا !! فقد إرتضى يسوع المسيح الإله أن يفدي الإنسان بالألم. و هذا الإنسان الذي يئن في وادي دموعه و يموت تبدّلت طبيعة آلامه: فلم تعد عاراً ولا نيراً ثقيلاً لأن إبن الله خضع لها وخفّف من هولها وقدّسها جاعلاً منها مبدأ لعظمة الإنسان وسبباً لسعادته. مع يسوع إنقلبت المقاييس و أصبح الألم سلماً إلى المجد والسعادة: و هذا هو العالم الجديد، عالم لا ينكر الحقيقة بل يحوّلها من حالة اللعنة الى حالة النعمة.
هذه هي ثورة المسيح: ثورة محبة حّولت الألم العقيم إلى ألم خصيب ومعطاء. والمسيحية الحقّة هي صراع دائم بين المسيح وبين أنانيتنا . لذلك، مجدداً نقول عذراً ماركس لا تستطيع المسيحية بالتحديد أن تكون “أفيون” مؤمنيها.