عظة المطران عصام يوحنا درويش في أحد مرفع اللحم: الدينونة

الأحد 25/2/2014 – إنجيل متى 25/23-28

Share this Entry

أيها الأحباء

البارحة احتفلنا بسبت الأموات وصلينا في قداديسنا من أجل مواتنا واليوم أيضا نذكرهم ونذكر بخاصة شهداء الجيش اللبناني لاسيما الملازم أول الياس خوري من جديدة الفاكهة ونعزي قائد الجيش العماد جان قهوجي، نرجو أن تكون دماء شهداء الجيش بذور سلام وتآخ ومحبة.

في هذا القداس أيضا نحتفل بأحد مرفع اللحم وقد جرت العادة أن يُرفع اللحم من الموائد منذ اليوم حتى نهاية الصيام أي في عيد القيامة المجيد

 في بداية الإنجيل الذي تليناه على مسامعكم يحدثنا يسوع عن مجيئه الثاني ثم عن الدينونة. والصلوات الليترجيَّةُ  تضعنا في حالةِ ترّقبٍ وانتظار. واستعمال تعبير المجيءِ الثَّاني (Pαρουσία) أو ونهايةِ الأزمنة (متى25: 31-46) هو لتحذيرنا بأنه علينا أن نكون مستعدين ويقظين لمجيء المسيح فكل واحد عليه أن يُقَدِّمُ حسابًا عن حياتِه. كما نعلن في قانون الإيمان: “وأيضًا يأتي بمجدٍ عظيمٍ ليَدينَ الأحياءَ والأموات. الذي لا فناءَ لمكِه”.

أَعلنَ يسوعُ بنفسِه عن مجيئِه الثَّاني وعن الدَّينونةِ العامَّة: “وإذا جاءَ ابنُ الإنسانِ في مجدِه… تُجمعُ لديه كلُّ الأمم” (متى25: 31-32).

كثيرون يظنون أن الدينونة هي بعيدة عنا وهي ستجري في المستقبل. الدينونة التي يتكلم عنها يسوع هي دينونة اليوم، دينونة البرهة الحاضرة. فالله سيديننا اليوم وفي كل وقت على المحبة التي نعيشها. ما يقوله المسيح واضح جدا ولا يتطلب الكثير من التفسير. من المؤكد أنه لا يمكننا أن نحب كما أحب يسوع. لكننا نعلم أن الله أفاض روحه القدوس في قلبنا وهو يفيضه بشكل مستمر فلماذا ننسى أننا لبسنا المسيح في معموديتنا؟ ولماذا ننسى أننا حصلنا على الروح القدس؟

علينا أن نتذكر اليوم ونحن على أبواب الصوم كلمتان من إنجيل اليوم

الكلمة الأولى: هي النظر: “يا رب، متى رأيناك جائعاً فأطعمناك، (ومتى رأيناك)  عطشانا فسقيناك، ومتى رأيناك غريباً فآويناك، (ومتى رأيناك) عرياناً فكسوناك؟ ومتىرأيـناك مريضاً أو محبوساً فأتيـنا إليك؟

 لاحظنا طبعا كم مرة كلمة (رأيناك) مراجعة. هذا يعني أن ميزان التمييز في نظرتنا هو يسوع نفسه.. نفكر أنه بعيد عنا بينما هو بقربنا ومعنا.

في إنجيل اليوم يذهب المسيح يُشابهنا به وبخاصة يشابه المتألمين والمحرومين ويطلب منا أن نراه في الجائع والعطشان والعريان والمحبوس والغريب

ماذا يقصد يسوع عندما يقول: جعت فأطعمتوني، وعطشت فسقيتموني، كنت غريباً فآويتموني، وعرياناً فكسوتموني، ومريضاً فعدتموني، وكنت محبوساً فأتيتم إليَّ ؟

سأقول لكم ماذا يعني يسوع بهذا؟

كلنا نشترك بأعمال خيرية، نساعد المعوزين، الفقراء، نشترك في حملات مالية لمساعدة الكنيسة، الكهنة والراهبات..إلخ هذا عظيم ولكنها أعمال غير اعتيادية، تأتي المناسبة وأشترك بها وهذا شيء عظيم. لكن المسيح ليس إله مناسبات، والمسيحي لا ينتظر أن يَمد أحد يده ليملأها خبزا.. المسيحي هو أكبر بكثير من أن يعطي بعض نقوده وأحيانا كثيرة مما تفيض عنه!

المسيح يطلب منا اليوم أن نعيد النظر في مسيحيتنا. يريد منا – وهذا هو المعنى الحقيقي للإنجيل – أن نتعامل مع أخينا الإنسان، قريبا كان أم بعيدا، كأننا نتعامل معه. وكأني به يقول: عندما ترى أخاك! أريدك أن تراني به.

يقول البعض: أنا لم أفعل الشر لأخي؟ وآخر: أنا لا أحقد على أخي! هذا جيد! الوثني يفعل ذلك! غير المؤمن يتصرف هكذا! ما لفرق؟

أنْ تكونَ مُحِبًّا وكريمًا فهذا جيد ويَستحقُّ الثَّناء، ولكنَّ الأفضلَ أن تكونَ كذلكَ من أجلِ المسيح. كما أنَّ أبسطَ الأعمالِ المتَمَّمَةَ باسمِ المسيحِ تَكتَسِبُ معنًى آخر: “مَن سقى… كأسَ ماءٍ باسمي، فإنَّ أجرَه لن يَضيع” (متى10: 42).

الكلمة الثانية التي تلفت انتباهنا في هذا الإنجيل هي الفعل: “كلما فعلتم ذلك بأحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتموه”. أو “كلما لم تفعلوا ذلك بأحد هؤلاء الصغار فبي لم تفعلوه”

 خلاصة هذا الإنجيل أن يسوع المخلص يريدنا أن نكون معه في ملكوته السماوي. هناك وسيلتان يقدمها لنا: الأولى هي أن نتبعه ونضع ثقتنا به والثانية أن نثبّت علاقاتنا معه من خلال علاقتنا مع الإنسان الآخر. وضع المسيح هذه العلاقة في إطار طبيعي وحياتي: الشعور مع الآخر ومساعدته وتقاسم خيراتنا مع المحتاج “جعت فأطعمتموني” استقبال الآخر دون النظر إلى لونه ودينه وطائفته. “كنت غريبا فآويتموني” الحنان والشعور تجاه الإنسان الضعيف. “ومريضا فعدتموني“، المحبة والتضامن مع بؤس الآخر “وسجينا فزرتموني“.

لقد شابه المسيح نفسه بكل واحد منا فكل ما نفعله للإنسان الآخر نكون قد فعلناه له. لذا علينا أن نتبصر ونعرف أن محبة الله باطلة إن لم نحب ونحترم الآخر ونرى فيه صورة المسيح.

Share this Entry

Issam John Darwich

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير