العائلات العزيزة،
أجيء إلى عتبة منزلكم لأكلمكم عن حدثٍ سوف يُحتَفل به، كما هو معلوم، في شهر أكتوبر / تشرين أول القادم بحاضرة الفاتيكان. ويتعلق الأمر بالجمعية العمومية الاستثنائية لسينودس الأساقفة، والمدعوة للانعقاد لبحث موضوع: “التحديات الرعوية للعائلة في سياق الكرازة المتجددة بالإنجيل”. إن الكنيسة، في الواقع، هي اليوم مدعوة للكرازة بالإنجيل بمجابة أيضًا الاحتياجات الرعوية الجديدة المتعلقة بالأسرة.
إن ذاك اللقاء المهم يمتد ليشمل كل شعب الله، الأساقفة، والكهنة، والأشخاص المكرسين، والمؤمنين العلمانيين بالكنائس الخاصة في العالم بأسره، والذين سيساهمون بفاعلية في أعماله التحضيرية عبر الاقتراحات العملية وبدعمهم من خلال بالصلاة، والذي لا غنى عنه. فدعم الصلاة هذا هو ضروري جدا وذو مغزى، لا سيِّما من جانبكم، أيتها الأسر العزيزة. فجمعية السينودس هذه هي، في الحقيقة، مكرسة بشكل خاص لكم، ولدعوتكم ولرسالتكم في الكنيسة وفي المجتمع، وللمشكلات المتعلقة بالزواج، وبالحياة الأسرية، وبتربية الأولاد، وبدور الأسرة في رسالة الكنيسة. لذا أطلب منكم أن تُصلوا بكثافة للروح القدس، كي يُنير آباء السينودس ويرشدهم في مهمتهم الصعبة. وكما تعرفون، سيتبع هذه الجمعية العمومية الاستثنائية لسينودس الأساقفة، سنة مخصصة للجمعية الاعتيادية، والتي ستكون هي أيضا مكرسة لمعالجة قضية الأسرة. وسيتم في هذا السياق، في شهر سبتمبر / أيلول 2014، عقد الاجتماع العالمي للعائلات في فيلادلفيا. لذا دعونا نصلي سويا كي تنجز الكنيسة، من خلال كل هذه الأحداث، مسيرةَ تَميُّز حقيقية وأن تتبنى الوسائل الرعوية المناسبة لمساندة الأُسَر على مواجهة التحديات الحالية عبر النور والقوة اللذين يتدفقان من الإنجيل.
أكتب لكم هذه الرسالة في اليوم الذي نحتفل فيه بعيد تقدمة يسوع في الهيكل. حيث يخبرنا لوقا الإنجيلي بأن العذراء والقديس يوسف، قد أحضرا الطفل للهيكل لتقديمه للرب، بحسب شريعة موسى، وأن شيخين مسنين، سمعان وحنَّة، قد ذهبا لملقاتهم، مدفوعين من الروح القدس، وعندما رأيا الطفل تعرفا فيه على المسيا (را. لو 2، 22- 38). فحمله سمعان على ذراعيه وبارك الله لأنه “أبصر” أخيرًا الخلاص؛ وقد تجددت أيضًا قوى حنَّة، برغم تقدمها في العمر، فأخذت تتحدث مع الجميع عن الطفل يسوع. يا له من منظر بديع: والدان في عنفوان شبابهما وشخصان متقدمان في العمر، يجمعهم يسوع. إن يسوع بالحقيقة هو الذي يجعل الأجيال تلتقي وتتوحد! فهو نبع المحبة التي لا تنضب، المحبة التي تهزم كل انغلاق، وكل عزلة، وكل حزن. إنكم تتقاسمون، في مسيرتكم العائلية، الكثير من الأوقات الجميلة: وجبات الطعام، والراحة، والعمل بالمنزل، والترفيه، والصلاة، والرحلات والحج، وأعمال التضامن… بيد أنه إن غابت المحبة غابت معها الفرحة، ويسوع هو مَنْ يهبنا المحبة الأصيلة: فهو يمنحنا كلمته، التي تنير سبيلنا؛ وهو يمنحنا خبز الحياة، الذي يعضد تعب مسيرتنا اليومي.
العائلات العزيزة، سوف تكون صلاتكم من أجل سينودس الأساقفة كنزًا نفيسًا سيثري الكنيسة. فأنا أشكركم، وأطلب منكم أن تُصلوا أيضًا من أجلي، كي أتمكن من خدمة شعب الله في الحقيقة وفي المحبة. لتصحبكم دائما حماية الطوباوية مريم العذراء والقديس يوسف، وتعينكم على السير متحدين في المحبة وفي الخدمة المتبادلة. وأمنح من كل القلب بركة الرب لكل أسرة.
حاضرة الفاتيكان، 2 فبراير / شباط 2014
عيد تقدمة الرب
البابا فرنسيس