“إنّ نعمة الصيام الكامل الوقار هي فائقة المجد” بهذه العبارة استهلّ البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام رسالته لمناسبة الصوم المجيد مركّزًا على “نعمة الصيام” متأمّلاً بمعاني الصيام. ركّز على فكرة الصوم الروحي والصوم الجسدي بأنهما مرتبطان الواحد بالآخر ولا يمكن فصل الصوم الجسدي عن الصوم الروحي أو تفضيل الواحد على الآخر قائلاً: “إنهما فرض عبادة وبرهان إيمان بالله وفعل محبة لله وللقريب ولاسيما الفقير والمحتاج والضعيف”.
فسّر البطريرك بأنّ إعطاء حسنة للفقير لا يعفي من الصوم أو مجرّد إيقاف التدخين أو الشوكولا بل الصوم الجسدي التقليدي هو جد مكمّل ومعبّر. كما أنّ الصوم هو شقّ عائلي مسيحي إجتماعي وراعوي “الفرد يصوم والعائلة تصوم مجتمعة والحي يصوم والرعية تصوم” مؤكّدًا بأنّ الصوم يدخل إلى قلب الإنسان ونفسه وجسده وعقله ومخيّلته ومشاعره فالفمّ يصوم واللسان يصوم والعين تصوم والسمع يصوم والنظر يصوم والأذنان تصومان واليدان والرجلان….
ومن هنا، استشهد بصلاة جميلة من ليتورجيا الأقداس السابق تقديسها: “أيها الإله العظيم الحميد، يا من بموت مسيحه المحيي نقلنا من الفناء إلى البقاء. أنت أعتِق جميع حواسنا من الأهواء المميتة. مقيمًا لها العقل الباطني مرشدًا. لتبتعد عيوننا عن كل نظر شرير ولا تطرق مسامعنا الأقوال البطّالة ولتتنزّه ألسنتنا عن الأقوال غير اللائقة. نقِّ شفاهنا التي تسبّحك يا رب. إجعل أيدينا تمتنع عن الأفعال القبيحة ولا تفعل إلاّ ما يرضيك وحصِّن بنعمتك كل أعضائنا وأذهاننا”.
ثمّ فصّل البطريرك لحام مفاعيل نعمة الصوم التي تساعد على الارتقاء الروحي وإلى الفهم العميق لمعاني الشريعة الإلهية ومعنى الوصايا العشر التي هي التعبير العملي عن خلقيّة الإنجيل المقدّس. كما ودعا البطريرك إلى الصوم الجماعي وشجّع الأسر والشباب والشابات على الصوم آملاً أن يخلق الصوم المقترن بالصلاة في البيت وقراءة الكتاب المقدس قائلاً: “الأسرة المسيحية مدعوّة إلى رسالة خاصة مميّزة في حمل بشرى الإنجيل المتجددة داخل الأسرة وخارجها” متمنيًا أن يكون الصوم مناسبة جيدة لكي تجتمع الأسرة يوميًا حول أيقونة المسيح وأيقونة العذراء ومطالعة الكتاب المقدس لا سيما الإنجيل.
وشدد أخيرًا إلى أنّ الأوضاع الراهنة التي تمرّ بها مجتمعاتنا تحثّنا على الصوم والصلاة أكثر من أي وقت مضى إذ “هذا الجنس لا يخرج إلاّ بالصلاة والصوم” واللفتة التي قام بها أخيرًا البابا فرنسيس عندما خصص يومًا للصلاة والصوم على نية سوريا والشرق الأوسط كانت خير دليل على ذلك.