واصل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش القاء مواعظ الرياضة الروحية في الأسبوع الأول من الصوم المقدس، في كاتدرائية سيدة النجاة في زحلة بحضور جمهور كبير من المؤمنين.
وفي اليوم الثاني كانت العظة بعنوان ” تعالوا لنعاين الله كما هو” ، شدد فيها على نقاوة وصفاء القلب والحواس كلها لنتمكن من معاينة الله” .
وقال سيادته ” أذا أردت اليوم أن أريك الله ولم يكن قلبك صافيا وعيناك لا تريان وأذنك لا تسمع فهذا لن يفيدك ولن تتمكن من رؤية الله لأنك غير قادر أن تتلمسه.
روح الإنسان يجب أن تكون طاهرة، مثل مرآة متلألئة. فإذا انكسرت المرآة لا يمكننا أن نرى وجهنا بوضوح، ينطبق هذا على الإنسان فإذا كانت قواه الجسدية والنفسية ضعيفة فهي لا تسمح له أن يرى الله.”
وأضاف درويش ” يسوع إذن ينادينا، يشدنا إليه. ننجذب إليه ويخلق فينا عطشا وشوقا لنكون قريبين منه. يلمسنا بحبه الإلهي وحبه يصير نورا يدفعنا لنولد من جديد. لنولد في النعمة. ونحن إذا أردنا أن نكون مُخلصين علينا أن نتمسك بحبه، مثلَهُ هو عندما قال: “إذا عملتُم بوصاياي،تثبتون في محبتي، كما علمتُ بوصاي ابي وأثبتُ في محبته” (يو15/10).
إذن نحن نعاين الله بكل كلمة نطق بها يسوع المسيح، لأن كلامه لا يخضع لأي حكم بشري، وكلامه هو الحق. حاول كثيرون عبر التاريخ انزال يسوع الى مستوى نبي، معلم، رسول أو واحد من مؤسسي الأديان أو من عظماء التاريخ. هذه المحاولات تتكرر اليوم والهدف منها رفض قبول أولوهة المسيح، والمؤسف أن يعض المسيحيين يحاولون أيضا إجراء مقارنة بين المسيح والأنبياء وغيرهم مثل غاندي وغيره من المصلحين… يسوع المسيح هو كلمة الله وفي الافخارستيا نأكل جسد الله المتجسد ونشرب دمه، فنشترك في ألوهته ونصير أعضاء في جسده: “ونحن أعضاءُ جسدِ المسيح” (أفسس5/30). وعندما نعرف كلمته ونشترك في الافخارستيا نلامسه رغم أننا لا نراه: “ما من أحد رأى الله” (1يوحنا4/12). الله يسكن في النور: “لهُ وحدَهُ الخلود، مسكنُهُ نورٌ لا يقتربُ منه، ما رآه إنسانٌ ولن يراه” (1تيمو6/15).”
وتابع ” حتى يصير الإنسان مسيجيا عليه أن يتعلم كيف يحب، كما عليه أن يكون شجاعا وجسورا، فيسوع المسيح الإنسان غلب العالم ودعانا لنغلب معه العالم: “من غلب أعطيه أن يجلس معي على عرشي، كما غلبتُ انا فجلست مع أبي على عرشه” (رؤيا3/21). وأيضا “الذي ولد من الله يغلب العالم وإيماننا انتصار على العالم: من ذا الذي يغلب العالم إلا الذي أمن بأن يسوع هو الابن الله” (1يوحنا5/4).
إذا أردنا أن نعاين الله يجب أن نشرك قلبنا وعقلنا وجسدنا في هذه المعرفة. ننشط أولا عطشنا اليه وهذا العطش يجب أن يكون مضطرما أي علينا أن نشعر بحنين إليه ونشعر بأن روحنا غارقة في القلق لأنها ما زالت بعيدة عن معرفة الله.
ولكن لا يمكن أن نعتمد فقط على خبرتنا فالرسل المعلمين الأول تركوا لنا معرفتهم وخبراتهم وكتاباتهم، ومن بعدهم آباء الكنيسة والكتاب .. وسلمونا تراثا عظيما وشهادات حق تساعدنا على معرفة الله.”
وختم درويش عظته بالقول ” لا يمكن أن نعرف الله بذكائنا ولا بشطارتنا لكننا نعرفه بالإيمان وهو يحل في قلوبنا بالإيمان ومحبتنا له تملأنا من كل معرفة. المسيحي مدعو ليكون عنده جرأة الإيمان وأن يقتنع بأنه قادر على امتلاك الحياة الإلهية التي لا يمكن لأحد أن ينزعها منه وأنها هبة مجانية من العلاء، معرفة الله مرتبطة بأن نرضي رغبات الله لا أن نشبع رغباتنا ونرضي شهواتنا. معرفة الله مرتبطة بمجيئه الى داخلنا، وعندما نصل الى عدم الشك بأنه في داخلنا وبأننا في حضرته، لانعود نتكل على ذواتنا بل عليه. نحن مدعوون لأن نحب، انها وصية الله لنا، فالله محبة. صحيح أن الحب ينحدر علينا من السماء، لكننا هذا الحب بجهدنا نتعلم كيف نحب وفي كل مرة نحب أكثر نخطو خطوة الى الأمام ندخل في مملكة الحب.”