صار مثلنا ليجعلنا مثله

بمناقشة شعوره حيال الله أو حول الدين ومناسباته “السخيفة” التي يطلق عليها “البسطاء” لقب الأعياد… لقد خاطب هذا الشاب السماء يوماً و لكن عندها بدت فارغة.. فأقفل سجل “الخرفات” المتعلق بالوهم الذي إسمه “الله، يسوع… لا يهم!!”
وتعرف كارلوس الى صبية فاتنة، بدت الزوجة المناسبة لولا هذا “التفصيل” الصغير : إيمانها الذي يطفو الى السطح في كل حين… ومع إقتراب عيد الميلاد تلقى دعوة من الصبية لقضاء ليلة العيد في بيتها الكائن في الريف و هي مناسبة للتعرف الى عائلتها.
تململ الشاب فهو كان ينتظر هذه الفرصة منذ وقت ولكن هل من الضروري أن تكون في إطار “العيد”؟! غير أنه إنتهى بقبول هذه الدعوة!! 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

كانت العشية مثلجة و باردة بعكس أجواء الداخل الدافئة… سار كل شيء على أحسن ما يرام حتى بدأ الحديث عن ولادة يسوع . 
لم يخفِ كارلوس شعوره ” هذه القصة هراء !و بأية حال لماذا على من هو “الله ” أن يخفض نفسه ليصبح بشرياً زائلا…هذا محض جنون لا بل مثير للسخرية! “

فيما خيّم صمت بارد حول الطاولة إشتدت رياح الخارج… حلّت العاصفة الثلجية. وإذ بصوت دوي عال : يبدو أن شيئا إرتطم بالنافذة… هب الجميع ليروا ما الأمر، و تبين أن قطيعاً من الاوز البري المحلّق جنوباً لفصل الشتاء حوصر في العاصفة الثلجية و ضاع مع عدم وجود طعام أو مأوى . كانت الرياح تضرب الطيور المسكينة التي تحلق حول الحقل في دوائر منخفضة، وهي عمياء و بلا هدف … وها اثنان منها إرتطما بنافذة المنزل.

كان كارلوس قد إختار دراسة الطب البيطري لفرط محبته لمجمل أنواع الحيوانات فهاله منظر الاوز وأراد المساعدة. وإقترح والد الصبية أن الحظيرة قد تكون مكانا رائعا بالنسبة للسرب للإختباء من وجه العاصفة الهوجاء تلك .

فهب كارلوس و مشى الى الحظيرة وفتح الأبواب الواسعة وانتظر ، على أمل أن تلاحظ الطيور الحظيرة المفتوحة و تدخل إليها . ولكن الأوز إستمرت ترفرف في كل الإتجاهات بلا هدف ، ولا يبدو أنها تلاحظ ذاك الملجأ أو تدرك أن به الخلاص… وحاول كارلوس لفت انتباهها ، ولكنه لم ينجح إلا بتخويف السرب الذي بدأ يبتعد عن المكان .
ثم حاول مع بعض الخبز ، وكسره في الدرب المؤدي إلى الحظيرة. ولكن بسبب الرياح توزعت فتات الخبز و توزعت معها الطيور في كل الإتجاهات ما عدا الحظيرة حيث سوف تكون دافئة وآمنة!! 
و في لحظة غضب صاح كارلوس “لم لا يمكنها أن ترى أن هذا هو المكان الوحيد الذي ينجيها من العاصفة؟ ليتني واحد من هذه الطيور لأتمكن من إنقاذها فواضح أنها لا تتبع البشر…” فهتف الوالد :” لنجرب أوزتنا علها ترشدهم الى الحظيرة”!!!
ولمعت عينا كارلوس حين رأى الأب يحمل طائره في العاصفة و يدور وراء القطيع البري و ها هو الطائر يجذب السرب الى الحظيرة!!! لقد نجح بنقلهم الى بر الأمان…

في دفء الداخل عاد الصمت ليخيم على الأجواء… ولكن في رأس كارلوس ضجة أفكار و في قلبه زحمة مشاعر: “لماذا يريد الله أن يصير مثلنا ؟ لم يعد الأمر مثير للسخرية! فجأة لبس المعنى حلة الإيمان : فالبشر تائهون تضربهم عواصف الحياة ولا يرون الحظيرة… فلبس الله طبيعتهم حتى يظهر الطريق و ينقذنهم .”
وبدأت دموعه تنهمر وسط عاطفة عائلته الجديدة …سنوات من الشك و عدم التصديق تلاشت مع مرور العاصفة . وفي الصباح أمسك كارلوس يد زوجته العتيدة و معها ركع على ركبتيه في الثلج ، وصلى أولى صلاواته :

” شكرا لك ، يارب، على قدومك الى حياتي فبفضلك خرجت من العاصفة الى أمان الحب.”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير