ألقت السيدة منى الشرافي تيم - في إطار الندوة الصحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام حول "العنف الاسري" -  كلمة بعنوان: "ذكرُ الغاب... والأنثى المقهورة!"

فقالت: "من المفجعِ في زمنِ العولمةِ والانترنت والتكنولوجيا والحضارةِ والتقدمِ، أن يَطُلَّ علينا مذيعُ نشرةِ الأخبارِ في لبنانَ، كي يخبرَنا عن ذكرٍ مجرمٍ جبانٍ من هنا أو هناك، قد قام بضربِ زوجتهِ حتى الموت. فكان من الطبيعيِّ أن تستنفرَ لهذا الخبرِ ناشطاتٌ في حقوقِ المرأة، كي يُطالبنَ الحكومةَ والمجتمعَ المدنيَّ، بالتضافرِ والتعاونِ من أجلِ إقرارِ قانونٍ لحمايةِ المرأةِ من العنفِ الأسريّ، الذي، وللأسفِ الشديدِ، ما زالت تتعرّضُ له نساءٌ كثيراتُ في الوطنِ العربيِّ، دونَ أن يجدنَ من يدافعُ عنهنّ، أو يحافظَ على حقوقهنَّ، على اعتبارِ أن المرأةَ العربيةَ، ما زالت مواطنةً من الدرجةِ الثانيةِ، في مواجهةٍ مع ذكورِ الدرجةِ الأولى."

ورأت :إن للعنفِ ضدَّ المرأةِ أشكالاً ووجوهاً كثيرةً، من أبرزِها الجسديةُ والمعنويّةُ! والمُعنِّفُ في معظمِ الأوقاتِ هو الذكرُ في الأسرةِ، سواءٌ أكانَ على هيئةِ زوجٍ أو أبٍ أو أخٍ، وذلك لأنهُ يشعرُ بأنَّ النساءَ في بيتهِ ملكيةُ خاصةٌ به...  يتحكّمُ بمصائرِهنّ، ومن حقِّهِ أن يفعلَ بهنَّ ما يحلو له. وهذا الأمرُ مستمرٌّ منذُ زمنٍ طويلٍ، وكُتب له البقاءُ بسببِ التخاذلِ والتراخي من قِبلِ الدولِ والمجتمعاتِ العربيةِ، التي تبدو بصمتِها، وعدمِ محاولاتِها إيجادَ حلولٍ جذريّةٍ له، وكأنّها تباركُ هذا الأمرَ، طالما أنَّ حصولَهُ سوفَ يستمرُّ خلفَ الجدرانِ والأبوابِ والنوافذِ، أما المعنّفةُ المسكينةُ، فتتربّعُ وراءَها ورأسُها متوّجٌ بالذلِّ، ونفسُها مكللةٌ بالهوانِ. "

تابعت: "إنّ الدولَ والحكوماتِ العربيّةَ، يغضّون النظرَ عن تلك الأفعالِ المشينةِ في حقِّ المرأةِ، ويجدونها ربما أمراً ثانوياً، أمام انشغالاتهم الأكثرَ أهميةً، وهم بذلك يتجاهلون المستقبلَ الحقيقيَّ، الذي يكمنُ في يدِ المرأةِ، فالمرأةُ هي التي تصنعُ المجتمعَ، وحينَ تكونُ معنّفةً صامتةً، ستنتجُ جيلاً من جنسِها يقبلنَ العنفَ بصمتٍ. والذكرُ الناقصُ سيعيدُ إنتاجَ نفسِه في أولادِهِ، وبذلك يستمرُّ هذا الوضعُ الشاذُّ ويبقى له وجودٌ وبقاءٌ في المجتمعات."

ورأت : "إن التنظيرَ بالحلولِ ليس بالأمرِ الهيّنِ، ولكن الإضاءةَ على هذه الآفة الاجتماعية، أمرٌ ضروريٌّ وجوهريٌّ، من أجلِ كشفِ تلك الستائرِ السّودِ التي بإمكانِها أن تخفِيَ وراءَها ما يحصلُ من شواذٍ لبعضِ الوقتِ، ولكنّها لن تُخفيَ الواقعَ المعاشَ وتبعاتِهِ، التي لا بدَّ أن تظهرَ نتائجُها على الأفرادِ، وبالتالي على المجتمعات."

تابعت: "والذكرُ المعنِّفُ للمرأةِ في بيتهِ، يجبُ أن يعلمَ أنّه يرتكبُ بتعنيفِها جريمةً إنسانيةً، سوفَ يُحاسَبُ عليها ويواجِهَ العقابَ المناسبَ كي يرتدعَ! والسؤال الذي يواجهُنا هنا، هو كيفَ يتمُّ ردعُ "ذكرِ الغابِ" إن لم تُخبِر المرأةُ المعنَّفةُ عن ما تتعرضُ لهُ من أذى وقهرٍ؟  لمن تتوجَّهُ؟ ومن يقومُ بحمايتِها بعدَ تقديِمها لتلك الشكوى، خصوصاً عندَ عودتِها إلى بيتِها؟"

أضافت:  "لذلك يجبُ أن تسنُّ القوانينُ الصارمةُ، التي من شأنِها، أن تحميَ المرأةَ وتحفظَ كرامتَها، وذلك عن طريقِ إقامةِ مراكزَ حكوميةٍ تُعنى بالمرأةِ المعنَّفةِ، ويشرفُ عليها أخصّائيون نفسيّون واجتماعيون، كي تتمكنَ المرأةُ من التوجُّه إليهم لطلبِ المعونةِ والاستشارةِ والنصيحةِ، على أن تقومَ تلك المراكزُ بتنظيمِ برامجَ ومحاضراتٍ وندواتٍ توعويّةٍ، تُرشدُ المرأةَ إلى سُبلِ حمايةِ نفسِها، ومعرفةِ إلى من تتوجّهُ وأين؟ أما إذا لم ينفع هذا الأسلوبُ الإنسانيُّ في حلِّ هذه المشكلاتِ، عندئذٍ يجبُ أن يتدخلَ القضاءُ ليمنحَ المرأةَ هي وأولادَها حقَّهم بالعيشِ بسلامٍ وأمانٍ، ويمنعُ ذلكَ الذكرَ من دخولِ بيتِه واستبعادِهِ القسريِّ، إلى أن يتمَّ تأهيلُهُ للعيشِ بين البشرِ، والتصرّفِ بإنسانيةٍ، تماماً كما يحصلُ في الغرب."

وختمت بالقول: "أرجو أن لا يثيرَ كلامي هذا حفيظةَ الرجالِ، الذين احترمُ وأُجلُّ وأقدِّرُ، لأن كلامي موجّهٌ فقط لذكور الغابِ الذين يعرفون أنفسَهم، فهناك فرقُ شاسعٌ بين الذكرَ وبين الرجلِ!! مستشهدة بالقول:"ما أكرمَهنَّ إلا كريمٌ وما أهانَهُنَّ إلا لئيمٌ".