حضر اللقاء سفراء وممثلي بعثات: الجامعة العربية، مصر، لبنان، العراق، البحرين، الامارات، الكويت، الجزائر، اليمن، السعودية، تونس، الاردن، فلسطين، عمان والسودان.
ثم كان نقاش حول القضايا العربية المشتركة وضرورة التضامن العربي في وجه ما يخطط للشرق الاوسط، والاحداث الجارية في المنطقة اضافة الى تداعيات الحرب في سوريا على لبنان ومسألة النازحين واللاجئين اليه.
فكان توافق على رفض الارهاب والعنف وضرورة التوصل الى حل سلمي للحروب والنزاعات الدائرة في عدد من الدول العربية، إيماناً من الجميع بان العنف يقود إلى مزيد من القتل والدمار والخسائر بدون جدوى. كما كان تأكيد على وجوب معالجة موضوع اللاجئين الفلسطنيين ومساعدتهم والعمل على تطبيق المقررات الدولية التي تضمن حقهم في العودة وفي حل قضاياهم.
وكان الكردينال الراعي قد ترأس مساء أمس الاربعاء القداس الالهي في كنيسة سان نيكولا دو فلو عاونه فيه السفير البابوي المطران توماسي والمطران بولس صياح وكاهن الرعية المارونية الخوري مارون طربيه، بحضور سفيرة لبنان نجلا رياشي عساكر واركان البعثة اللبنانية وممثلين عن الكنائس الشرقية وحشد من ابناء الجالية اللبنانية.
وفي عظته تحت عنوان:“أليس الذي صنع الظّاهر هو الذي صنعَ الباطن”، قال غبطته:
“نحتفل اليوم بفرح كبير في هذه الذّبيحة الإلهيّة لنرفع معاً إلى الربّ فعل المحبّة، هو الذي جمعنا خلال ثلاثة أيّام، إستطعنا خلالها أن نشدّد علاقات الشّركة والمحبّة، وكانت أيضاً مناسبة لنلتقي شخصيّات دبلوماسيّة من الأمم المتّحدة، وقد استطعنا أن نفكّر معاً حول الواقع اللّبنانيّ والعراقيّ والسّوريّ، وكافّة مناطق الشرق الأوسط بصورة خاصّة. واليوم نرفع صلاتنا على نيّة السّلام في شرقنا. نصلّي من أجل السّلام في سوريا والعراق ومصر والإستقرار في لبنان، ومن أجل السّلام في العالم أجمع. نرفع صلاتنا إلى جانب قداسة البابا فرنسيس من أجل إحلال السّلام في سوريا وفي الشّرق الأوسط، من خلال الحوارات والمفاوضات السّياسيّة.
أودّ أن أشكركم جميعاً لحضوركم معنا، وأخصّ بالشّكر إخوتي السّادة المطارنة لحضورهم معنا في الأمس واليوم. لكم جميعاً أتمنّى أسبوعاً مباركاً من العمل والتّحضيرات لمناسبة أحد الشّعانين، حيث نتذكّر دخول السيّد المسيح إلى أورشليم عملاً بإرادة اللّه الآب، وإتمام مشيئته بموته وقيامته. هذا الدّخول إلى أورشليم هو دخول ملكيّ، حيث أنّ المسيح هو الملك، والملك الأزليّ. هذه المناسبة تذكّرنا أنّه يجب أن نقبل دائماً يسوع الملك في حياتنا الشّخصيّة، ونستقبله في عائلاتنا، وفي مجتمعنا. نحن كمسيحيّين أصبحنا شركاء للّه في ألوهته من خلال المعموديّة، ما يعني أنّنا دُعينا إلى هذه الرّسالة، إلى بناء السّلام، في عائلاتنا أوّلاً، في مجتمعاتنا وفي دولنا. نحن رجال سلام ومحبّة وأخوّة وتفاهم بين الشّعوب. وفي إنجيل اليوم، يسوع يدعونا إلى بناء الوحدة الشّخصيّة بين الدّاخل والخارج، الوحدة بين الإيمان والحياة، الوحدة بين النوايا والأعمال، الوحدة بين الثّقافة والحياة الإجتماعيّة. يدعونا يسوع إلى أن لا نكون يوماً مزدوجي الشّخصيّة، فالإزدواجيّة لم تحلُ يوماً للسيّد المسيح. حتّى لو أنّنا نعاني اليوم من تعدّد الإزدواجيّات، غير أنّه يجب أن نكون كما يقول الإنجيل: “ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا، وما زاد على ذلك فهو من الشّيطان.”
نجدّد رجاءنا بالمسيح يسوع في مناسبة دخوله إلى أورشليم، وهي مناسبة لنحيّي شبابنا وأطفالنا، وهو عيدهم، وقد تمّت فيهم النّبوءة التي تقول: “بفم الأطفال والرّضع هيّأت لك عزّةً.” الأطفال والشّبيبة في أورشليم هم الذين أعلنوا “هوشعنا مبارك الآتي باسم الرب”، وعندما قال له الفرّيسيّون: “أسكت هؤلاء الأطفال”، أجابهم: “لو سكت هؤلاء الأطفال، تكلّمت الحجارة”. نصلّي معكم اليوم من أجل شبيبتنا وأطفالنا، الذين يعيشون اليوم خطر فقدان القيم الأخلاقيّة. أطفالنا وشبابنا هم أكبر ضحيّة لكلّ شيء يحدث اليوم، وخصوصاً في مجتمعاتنا الشّرق أوسطيّة الذين لا يبصرون أمامهم سوى القتل والدّمار. نصلّي معكم اليوم كي ينمو أطفالنا في عائلاتهم والرّعايا، كما نما الربّ يسوع بكامل إنسانيّته، بالقامة والحكمة والتّربية والمعرفة والنّعمة بقداسة حياته.
أتوقّف على إنجيل اليوم، الذي فيه يدعونا الربّ الإله، إلى الوحدة في شخصيّتنا، لأنّ الإزدواجيّة هي أبشع شيء في حياة الإنسان. وأنتم تعرفون أنّ العالم اليوم يعاني من الإزدواجيّة، إذ إنّنا نقول عكس ما نعمل، والإنجيل الذي نُعلنه ونؤمن به، كثير من النّاس لا يعيشونه في حياتهم اليوميّة. الإزدواجيّة جعلت الرب يسوع في معركة دائمة بينه وبين الفرّيسيّين، وإنجيل اليوم يُظهر لنا ذلك، إذ قال لهم: “تهتمّون بالأمور الخارجيّة وداخلكم مليئ بالشّر”. هذه هي معاناة اليوم. وإذا أخذنا ذلك على المستوى السّياسيّ، نرى أنّ كلّ الدّول تتكلّم عن حقوق الإنسان وكرامة الشّخص البشريّ، غير أنّه على الأرض قتلٌ ودمارٌ وحروب. والكذب هو أن تضمرَ شيئاً وتفعلَ شيئاً آخر، لذلك فالرب يسوع يدعونا إلى عيش الصّفاء، ووحدتنا الشّخصيّة. وقد عرّف عن نفسه بثلاثة تشابيه، ليقول لنا كم هو صافٍ بإنسانيّته، ويريدنا كذلك أن نكون صادقين في إنسانيتنا. شبّه نفسه قال: “أنا خبز الحياة” . لنكن إذاً الخبز، أي جماعة الإخلاص والصّفاء، جماعة الحقيقة. شبّه نفسه “بالماء”. لتكن إذاً علاقاتنا صافية
كالمياه. وأخيراً قال: “أنا الحياة”. ليس هناك إذاً موت، حتّى الإنسان عندما يدخل في غيبوبة، ولكن ليس هناك حيّ أو ميت، إمّا حيّ أو إمّا ميت.
نحن بأمسّ الحاجة إلى هذا الإنجيل، لأنّه يجب أن نتخلّص من الكذب، والإزدواجيّة، لأنّ الحياة لا تُبنى إلا على الحقيقة، والوضوح. نصلّي معكم اليوم على هذه النيّة، فتكون ثقافتنا التي نبنيها حيث وُجدنا. أشكركم جميعاً إخوتي الآتون من لبنان والشّرق الأوسط ومن كلّ مكان. أصلّي معكم من أجل سويسرا التي تستقبلنا، من أجل لبنان. وفي الوقت نفسه آسف أن أعلن لكم خبر وفاة البطريرك عمانوئيل الثّالث دلي. أرفع تعازيّ الحارّة إلى الطّائفة الكلدانيّة وإلى كلّ طوائفنا الشّرقيّة، ونصلّي لراحة نفسه. لكم جميعاً شكري الحار.