* كان يدخل الملك مدينة القدس بين صفين من الجنود وهو راكب عربةٍ حربية ولكن من خلفه صف من الأسرى مقيدين في السلاسل يصرخون من شدة الالم و الاهانة يصرخون من الرعب والخوف على حياتهم لان سيف الجنود كان فوق رؤوسهم يهددهم في كل لحظة ويضرب في كل لحظة بدون رحمة الاسير الضعيف والمسكين – كان في الواقع دخول الملوك احتفالاً للدم وللموت… أما احتفال المسيح في مدينة القدس كان يختلف كل الاختلاف: هو ملك السلام قبل كل شيء، حوله لا جيش ولا سيوف ولا صوت سلاسل الأسرى بل صفوف من الناس ومن الاطفال كانوا يصرخون بفرح هوشعنا لابن داود مبارك الآتي باسم الرب!”.. وفي صف الذين استقبلوا المسيح، الاعمى الذي اعاد المسيح البصر اليه، المشلول الذي شفاه المسيح، لعازر الذي اقامه من بين الاموات، جميع المرضى الذين شفاهم المسيح، والفقراء الذين بشرهم المسيح، والاطفال الذين احبهم المسيح وباركهم مراراً ومراراً. وأن كان الاستقبال للملوك احتفال للدم وللموت، كان الاستقبال للمسيح احتفال للحياة وللمحبة.
* ونحن أيضاً خرجنا قبل قليل في احتفال مماثل، أعطتك الكنيسة غصناً من الزيتون وحملته وما هو رمز الغصن؟ هو رمز السلام والوفاق – لماذا اخترنا غصن الزيتون؟ لأن المسيح هو ملك السلام، لأنه أتى ليقدم لنا السلام الحقيقي الذي لا يزول أبداً، هو سلام القلب والضمير كما قال المسيح في الإنجيل:” السلام استودعكم وسلامي امنحكم، لا كما يتممه العالم، ولا أحد يستطيع أن ينزعه منكم أبداً”. لماذا أعطتك الكنيسة غصناً من الزيتون؟ لأن الزيتون هو رمز السلام- مع من: مع الله أولاً ومع القريب.
* أولاً مع الله: أن الله يجد فرحه عندما يسكن في قلب الإنسان، في ضمير طاهر نقي، ولكننا نبتعد عن الله عندما نرتكب الخطيئة- وكما أن لا يستطيع النور أن يتساكن مع الظلام، كذلك المسيح، لا يستطيع أن يسكن مع الشيطان ومع الخطيئة يجب أن نختار: أما المسيح، أما الخطيئة وفي اختيارنا هذا راحة الضمير إذا فصلت المسيح أو التوبيخ القائل إذا فصلت الخطيئة – عبثاً ستبحث عن السلام والطمأنينة لنفسك بدون الله لأن الله خلقنا حتى نلتقي وأياه ولا يستطيع قلبنا ان يستريح سوى في الله. نرى اخوتي عالم اليوم الذي فقد انسانيته، واصبح عالم معولم، سلعة رخيصة، اصبح الانسان ذئب لاخيه الانسان؟ هل نحن نسير على خطى هذه المسيرة المعولمة اللاانسانية؟
* ثانياً: الزيتون هو رمز السلام القريب –المسيح يأتي ويريد أن يجد السلام في قلوبنا– الويل لذلك الإنسان الذي يقترب من الأعياد الفصحية والحقد وروح الانتقام في قلبه – كيف تجرؤ أن تطلب الغفران من الله لنفسك وأنت ترفضه لأخيك ولقريبك؟ كيف تجرؤ أن تفتخر بأنك مسيحياً وينقصك ما يميزك أنت المسيحي عن سائر الناس، كما قال المسيح: بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي إذا كنتم تحبون بعضكم بعضاً!” المحبة تميزك عن غيرك والا لست بمسيحي بل ممثل حقير باسم الديانة المسيحية.
* ظهر يوماً المسيح للقديسة مارغريت وكان قد أخذها اليأس لأنها كانت تظن أن من المستحيل أن تصل يوماً إلى القداسة – أجابها المسيح: لا شيء مستحيل يكفيك أن تقولي شيئاً: “أريد الكمال” ستنالين ذلك! أيها الأخوة، في بداية هذا الأسبوع المقدس يجب علينا أن نقول: أريد! أريد أن اقترب من الله أريد أن أزيل الحاجز الذي بيني وبين الله، وبين القريب- أريد أن أعيد الصداقة مع الله والقريب، قل أريد أن اعترف بخطاياي أنا الذي تركت الاعتراف من سنين كثيرة لأني أريد أن أكون مسيحياً حقيقياً وليس حقير مرذول باسم المسيح – قل: “أريد” لأن الله في انتظارك.
* حملت الزيتون وهو رمز السلام مع الله ومع القريب –وإذا ترفض السلام مع الله أو مع القريب– وإذا ترفض السلام مع الله أو مع القريب، فلا تحمل الزيتون إذاً، أرفضه، أمشي بدونه، والا أصبحت ممثلاً كاذباً. قل: أريد السلام مع الله والقريب، واحمل الزيتون، قل اريد أن اعود إلى الله، إلى الاعتراف والمناولة وأحمل بفخر الزيتون، وابدء هكذا الاسبوع المقدس، بمواعيد مقدسة!.