خراب أورشليم ونهاية العالم .. ماذا سيحدُث ؟ (4)

لــ ” رومانو غوارديني ” .. معنى الإيمان غير معنى العالم !

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عندما يسمعُ الإنسان المعاصر كلامًا عن مثل هذه الأمور التي ذكرت في حول خراب الهيكل وخراب أورشليم ؛ فإنه  يبتسم ، أو ، على الأكثر ، يرى في ذلك ” خرافةٌ عميقة ” كما يسمّيها غوارديني. فعالمُ في نظره ( الإنسان المعاصر )، هو بكلّ بساطة عالم مُعطى ، فهو شرطُ الوجود للباقي كلّه ؛ إنه المضمون المطلق : كيف يمكنُ أن ينتهي ؟

يقول غوارديني : إنّ ” نهاية العالم ” لا تحتوي على أيّ معنى ، سواء نظر من وجهة العالم نفسه ، أو من وجهة نظر الله إن كان مؤمنـــًا . إننا نلمسُ هنا لمسَ اليدّ ، كيف أنّ إلهَ الضمير المُعاصِر وهميّ تجاه العالم ، وأنّ ضآلة إيمان وقتنا هو بمثابة ظلّ للإيمان . هذا الإله هو هذه المرّة هو نوع من التكريس الأخير للوجود ، سرّ قائمٌ وراءَ الأشياء، حقيقةٌ عليا مستوية على عرشها في العلى ، لكن عاجزة عن القيام بأيّ تدخّل في العالم . إنه العدم المقدّس الذي لا غناءَ عنه لإشباع بعض حاجات من المشاعر غامضة . لكنّها ليست بقادرة ٍ على تهديد العالم بأيّ من النوازل والفواجع.

 مع ذلك ، فإنّما هنا ، يقول لنا غوارديني ، يوجدُ معنى الوحي . فالعالمُ ليس المُعطى الصرف ، ولا الواقع بالذات ؛ لكنّه لا يوجد إلاّ لإن خالقه أراده في الوجود ، وهو بإمكانه أن يتخلّى عن الوجود إن كانت تلك إرادة ربّه . وأنّ ظهوره في الوجود لم يكن ظاهرة طبيعيّة ، إذ ليس من مادّة أبديّة ، أو من طاقة أوّليّة ، بل بفعل حرّ من الله قد تكوّن بدء العالم . وعليه ، فخالقه هو  أيضا سيّده . وفي داخل العالم تسودُ ، بإرادة من الله ، المقتضيات الطبيعيّة والتاريخيّة . ولكنّه ، كسائر الأشياء ، ليس طبيعة ً مستقلّة أو تاريخًا مستقلا. إنّ الله يمتلكه ، وهو لذلكَ يستطيعُ أن يتصرّف به على ما يرى ، حتى ولو صار ، في أثناء ذلك ، عالمًا عصريّا ، حتى ولو كفّ الناسُ عن أن يحسبوا له حسابًا .

لهذا ، يقول لنا غوارديني في كتابه الرائع هذا المذكور ، أنه علينا أن نُمارِس إيماننا في خوف الربّ ، وألاّ ننظر إلى نهاية العالم والدينونة على أنّهما بعيدتين عنّا كلّ البعد ، بل ننظر إليهما كإمكانيّة تسيرُ معنا في طريق الحياة جنبًا إلى جنبْ ؛ لا كحدث ٍ خرافيّ سابح في ضباب المستقبل ، بل كإنذار يسلطّه غضبُ الله علينا دونما إنقطاع .

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير