وجه البطريرك غريغوريوس الثالث لحام نداءً إلى العالم بأسره من قلب “كنيسة دمشق المتألِّمة المصلِّيِّة والصَّائمة، السَّائرة على درب صليب سورية مع جميع مواطني هذا البلد الحبيب، مهدِ المسيحيَّة والدِّيانات والحضارات”.
وخص البطريرك بالنداء، في هذا العيد الكبير، عيد القيامة، “الرئيس السوري ومعاونيه، وجميع الدُّول العربيَّة، وأميركا وروسيا، ودول الاتحاد الأوروبي، وجميع الدُّول في العالم، ونشطاءَ السَّلام وحاملي جائزة نوبل للسَّلام، وجميعَ ذوي الإرادة الصَّالحة وأنقياء القلب، وأصحابَ وسائلَ الإعلام، ورجالَ الفكر والأدب، ورجالَ الصِّناعة والتجارة، وتجّارَ الأسلحة”، داعيًا إياهم إلى عمل كلِّ ما يمكن عمله لأجل السَّلام في سورية لأن المأساة قد تفاقمت “وتكاد تنال بعواقبها ونتائجها وتأثيرها، تكاد تطال كلَّ مواطنٍ سوريّ!”.
وأضاف البطريرك: “كثُرَ الموت في سورية. ما عاد يجوز متابعة مسيرة الموت. علينا أن نجمع قوانا كلِّنا في الدَّاخل والخارج، معارضة، دولة، أحزاب، أصحاب النِّيَّات الطَّيِّبة من كلِّ حزبٍ وتوجُّه وطائفة… لكي نوقف الدَّم في سورية، ولكي نسير معًا مسيرة القيامة…كلُّنا أبناء سورية الذين أراهم الله نور هذا العالم بالولادة، مدعوُّون إلى الحياة وليس إلى الموت”.
وتابع النداء بالقول: “أناشد كبطريرك سوري، وكمواطن سوري، أناشد كلَّ سوريٍّ أن ينضمَّ إلى مسيرة القيامة والحياة… حتَّى تكون للناس كلِّ الناس، الحياة وتكون لهم أفضل. كفانا حربًا وعنفًا وقتلاً!”.
هذا ودعا “لمحاربة منطق الحرب” لأنه ليس منطقًا إنسانيًا، بل هو منطق “انتحار جماعي” وهو منطق “أناني قتّال”.
ووجه النداء باسم جميع المتألمين، المشردين، اليتامى والثكالى، وطلاب المدارس والجامعات سائلاً العالم العربي والغربي أن يشفقوا على مصير هذا الشعب: “إرحموا سورية يا دول العالم! أتركوا سورية للسُّوريين! أتركوا السُّوريين لشأنهم! كفاكم إرسال السِّلاح والمحاربين والمرتزقة والمجرمين والمسلَّحين والإرهابيين والجهاديين والتكفيريين”.
وتكلم البطريرك صراحة فقال: “الحرب لم تنجح! العنف لم ينجح! السِّلاح لم ينجح! تزويد المسلَّحين بالسِّلاح على أنواعه لم ينجح! نظريَّاتكم ونبؤاتكم بسقوط سورية رئيسًا وحكومة، منذ بداية الأزمة وفي أشهرها الأولى عام 2011، لم تنجح! والدِّعايات الإعلاميَّة المزوَّرة لم تنجح! والمشاريع التآمريَّة عربيًّا وغربيًّا لم تنجح! والعقوبات الاقتصاديَّة لم تنجح! والتهديدات بالحديد والنار لم تنجح! والتحالفات لم تنجح!”.
أمام فشل كل هذه التوقعات تساءل البطريرك: “أمام كلِّ هذه الإخفاقات أمَا حان الوقت لأن يقتنع العالم أنَّ الحرب لا أحد رابحٌ فيها! وأنَّ الحلَّ السِّلميّ هو سيِّد الأحكام! وأنَّ السُّوريين هم وحدهم الذين يُقرِّرون مصيرهم، ومَن يكون رئيسهم، ومَن تكون حكومتهم، وما هو دستورهم؟”
ووصف البطريرك الحرب الحالية بحرب إبادة ضد الشعب السوري. فالشعب البريء والطيب هو الضحية الأولى والحقيقية لهذه الأزمة الدامية. ولذا ناشد العالم لإيقاف آلة الحرب.
وكتب البطريرك في الرسالة: “لكِ يا سورية قيامة” شارحًا أن “سورية هي أرض القيامة!”.
ودعا الشعب السوري لتذكر تاريخه المجيد والعريق: “واليوم نريد أن نخاطب مواطنينا أبناء وبنات سورية الأحبَّاء بهذا اللقب التاريخي المجيد ونقول لهم: يا أبناء وبنات سورية! أنتم أبناء القيامة! أبناء الحياة! ولستم أبناء الموت وآلات الموت! لستم أبناء العنف والإرهاب والتعذيب والتشريد والقتل. كونوا دائمًا أبناء القيامة وأبناء الحياة!”.
وختم النداء بالقول: “لكِ يا سورية قيامة! لكَ يا أخي المسيحي قيامة! لكَ يا أخي المسلم السنّي قيامة! ولكَ يا أخي الشيعي قيامة! ولكَ يا أخي العلوي قيامة! ولكَ يا أخي الدرزي قيامة! لكَ يا أخي في الخندق قيامة! ولكَ يا أخي المحارب على أرض سورية والقادم من أي بلدٍ كان… لكَ قيامة!”.