” تعود ذكرى الحرب الأهلية ونحن مجتمعون هنا اليوم، وفي جعبتنا عُملةٌ قلّت هذه الأيّام، نتمسّك بها بكلّ ما أوتينا من قوّة وننفخ فيها كلّ ما استطعنا من عزيمة، ففي يدينا نحمل أملاً لشبابنا ووطننا”، هذا ما أشارة له منسقة “مشروع التربية على المواطنة الحاضنة للتنوّع الديني”، السيدة هدى بركات في كلمتها خلال اطلاق المنهج التربوي الجديد.
وأشادت بركات بالعمل الدؤوب والجهد المتواصل للجنة التأليف ومنسّقها الأستاذ جوزيف يونس، ولجنة الخبراء المستشارين لمؤسّسة أديان، الذين أعدّوا هذا المنهج الذي يشكل مرجعًا لعمليّة تطوير البرامج في ما يخصّ مسألة التربية على الموطنة والتنوّع والعيش معًا، لتشكل المواطنة الإطار الجامع للتنوّع الثقافي والديني المكوّن للنسيج اللبناني.
بدوره، اعتبر رئيس مؤسسة أديان الأب البروفسور فادي ضو أن إطلاق هذا المنهج يأي في سياق البحث عن تجديد الأسس التربويّة للحياة الوطنيّة العامّة. وأكّد على أن المشروع سوف يستكمل بالعمل على إدخال مضامين هذا المنهج في المواد والكتب التربويّة من جهة، والمساهمة من جهة أخرى في تعزيز قدرات المعلّمين وتمكينهم من مقاربة هذا الموضوع عبر تدريبات خاصة تقدّم لهم.
وأضاف ضو في كلمته ” إنّ الحياة تعطى بملئها لمن يُعطي ذاته لخدمتها في نفوس الآخرين، فكيف إذا كانت هذه الخدمة موجّهة لأطفال وطننا وشبيبته. إنّنا نعتزّ ونفرح بأن نكون خدّامًا لهذه القضية الإنسانيّة والوطنيّة وحتى الروحيّة “.
بعد توقيع المنهج التربوي من قبل رئيس مؤسّسة أديان، الأب البروفسور فادي ضو، ومدير عام وزارة التربية، الأستاذ فادي يرق ممثلاً وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ الياس بو صعب، ورئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء، الدكتورة ليلى مليحة فياض، أشارت فياض في كلمتها إلى أنّ إطلاق هذا المنهج جاء بالتزامن مع عملية إعادة النظر بالمناهج والكتب المدرسيّة الوطنيّة التي يقوم بها المركز التربوي للبحوث والإنماء بورشة؛ مؤكدة على أنه “سيستفاد من هذا الانجاز الجبّار، لتدمج موارده في كلّ من كتب التربية الوطنيّة والتنشئة المدنيّة والفلسفة والحضارات والتاريخ والاجتماع”.
وأضافت فياض “إنّ مفهوم المواطنة لن يكون شعارًا مرحليًّا، فالوطنيّة ليست شيئًا جامدًا ومطلقًا، إنّما هي حالة ثقافيّة سياسيّة واجتماعيّة تاريخيّة.”
وبصفته سفير الدولة الشريكة والممولة للمشروع، عبَّر السفير البريطاني في لبنان طوم فلتشر عن افتخار الحكومة البريطانية بدعمها لهذا المشروع الرائد، ولمؤسسة أديان التي تعمل على ترسيخ قيم العيش المشترك، بالإضافة إلى التعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان والمركز التربوي للبحوث والإنماء. وقال فلتشر ” يشكل هذا المشروع أملاً لمستقبل لبنان وللتربية في هذا الوطن، حيث لطالما اعتبر التنوعّ تحدياً للسلم الاجتماعي؛ ليتحول اليومبفضل هذا المشروع إلى قوة ايجابية…وتابع فلتشر، ما يميز هذا المنهج هو امكانية اعتباره نموذجاً تحتذي به العديد من الدول.
ثم كانت كلمة لراعي الحفل وزير التربية والتعليم العالي، الأستاذ الياس بو صعب، ألقاها ممثله الأستاذ فادي يرق الذي قال ” في هذا الجو المفعم بالإنفتاح والتطلع نحو المستقبل إنطلاقاً من رسالة لبنان الحضارية والروحية والإجتماعية، يسعدني أن يلتئم شملنا للإحتفال بإطلاق “منهج التربية على المواطنة الحاضنة للتنوع الديني في التعليم العام ما قبل الجامعي”.
وتابع يرق، “إنني أقدر عالياً هذا الجهد الذي تبذله مؤسسة أديان وجميع شركائها في القطاعين الرسمي والخاص، وأؤكد لكم أن هذا العمل المؤسسي هو الذي يجعل الأفكار العظيمة قادرة على إحداث التغيير نحو الأفضل”.
ورأى يرق أنّ المناهج التربوية هي الوسيلة الأهم في تكوين أبناء الوطن فكرياً ووطنياً وعلمياً وتربوياً. معتبراً أنّ المقاربة التي قامت بها مؤسسة أديان بالتعاون مع الخبراء في فهم المواطنة وفي بناء السياسات التربوية، تغني المناهج وتعزز السياسات.
يذكر أنَّ إطلاق المنهج يأتي ضمن مشروع مؤسّسة أديان عن “التربية على المواطنة الحاضنة للتنوّع الديني”، الذي تنفذه بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء، وبتمويل من الحكومة البريطانيّة. وفي سياق الخطوات القادمة للمشروع، سوف يتم إدخال عناصر هذا المنهج في البرامج التدريبيّة للمعلمين والبرامج التربويّة ووضعها في متناول المدرّسين والتلامذة، على أن تكون مادة الفلسفة والحضارات أولى الكتب المدرسيّة المعدّلة.
كما ويستند هذا المنهج التربوي الذي يأتي بعد عام على توقيع “الشرعة الوطنية للتربية على العيش معاً” في 15 آذار 2013، على المفهوم الجديد للتربية على المواطنة الحاضنة للتنوّع والذي شكّل وضعه مع المعايير والمؤشّرات التربويّة المرتبطة به المحطة الأولى من هذا المشروع، والتي تمّت على أساسها مراجعة الكتب المدرسيّة الخاصّة بمواد اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﻮطﻨﻴّﺔ واﻟﺘﻨﺸﺌﺔ المدنيّة، والعلوم الاجتماعيّة والفلسفة والحضارات.