*في هذا اليوم الحزين … في هذا اليوم المظلم .. بماذا نفكر وعن ماذا نتكلم؟ وبمن نتأمل؟ فنحن كيفما أتجهنا بنظرنا ويقلبنا لا نرى أمامنا سوى وجه المسيح المصلوب، وجه الإله المكلل بالشوك الملطخ بالدماء …وأمام هذا المنظر نخلد إلى الصمت والخشوع علنا نفهم ذرة من محبة هذا العملاق المعلق بين السماء والأرض.
*ماذا فعل المسيح لينال كل هذا العذاب؟
*ماذا عمل المسيح للعالم ؟
*ماذا قدم المسيح للعــالم؟
*ماذا عمل العالم للمسيح ؟
*ماذا قدم العــالم للمسيح؟
قدم العالم للمسيح ثالوثاً جهنمياً، ثالوث العداء ، ونكران الجميل ، والخيانة.
العداء :
فقد عاداه الفريسيون منذ بدء رسالته عاداه رؤساء الشعب والحكام عداء مستفحلاً
عادوه عداء البغض والكراهية والحسد عادوه لأنهم لم يروا فيه صفات المكر والخداع والغش..
عادوه لأنه كشفهم على حقيقتهم مرائين قاده عمياه، قبوراً مجصصه.. ومع عدائهم لشخص المسيح عادوا الحق والنور.. رأوا الأعاجيب الباهرة فنسبوها إلى الشيطان.. رأوا لعازر قائماً من بين الأموات فعزموا على قتله لئلا يؤمن الناس به، رأوا قبر المسيح فارغاً فرشوا الحرس وأذاعوا أن التلاميذ سرقوه. وعادوه حتى وشوا به وقبضوا عليه وحاكموه وصلبوه وقتلوه
* ماذا قدم العالم للمسيح العداء ونكران الجميل …
خذوا الأنجيل المقدس أيها الأخوة وطالعوه صفحة صفحة وسطراً سطراً فلن تجدوا المسيح أبداً يرفض نعمة لأنسان أو شفاء لمريض أو اعجوبة لمحتاج .. كأن المسيح يطوف المدن والقرى .. يقول الأنجيل ..يشفي كل مرض وضعف في الشعب كان يزرع المحبة والرحمة ويبذر الأعاجيب بدون حساب .. وماذا لقي بعد كل هذا؟
ماذا قدم له العالم بعد كل هذا ؟
نكران للجميل : في أبشع صوره.
البرص العشرة .. المخلع .. الأعمى منذ مولده …. المرأة الزانية … قائد المئة … يائير … أرملة نائين … السامرية … لعازر ….. الخمسة آلاف الذين شبعوا خبزاً … المرضى … المخلعون .. المعذبون بالأرواح …. الجماهير التي صاحت قبل خمسة أيام ” مبارك الآتي بأسم الرب” أين هي؟ أين ذهبت؟ أين اختفت؟ كلمة شكر لم يسمع المسيح كلمة تأييد واحدة لم يسمع بل صراخاً يشق عنان السماء “أصلبه أصلبه أرفعه أرفعه”…
* ماذا قدم العالم للمسيح؟ العداء ونكران الجميل والخيانة.
الخيـــــــانة :
خيانة بيلاطس الملك الجبان …….” أنا بريء من دم هذا الصديق”
خيانة وخوف الرسل الأثنى عشر … ” فهربوا كلهم وتركوه”
خيانة واضطراب … بطرس المتنكر لسيده “فأخذ يلعن وحلف أني لا أعرف المسيح”.
خيانة يهوذا الكبرى … ” السلام يا معلم وقبله”..
* يا شعبي ماذا فعلت بك؟ وبم احزنتك؟ أجبني …….
* يا شعبي أي سوء صنعت بكم؟ لم هذا العداء؟ لم هذا النكران؟ لم هذه الخيانة؟
ألأني أبراءت مرضاكم، حملتوني كل مر وعله؟
ألأني أريتكم طريق النور، حجبتم النور عن عيني؟
ألأني فتحت لكم باب الملكوت، فتحتم لي أبواب العذاب والموت؟
هذا هو العالم أيها الأخوة، عداء وخيانة وشر وخطيئة ..
وهذا ما يقدمه العالم اليوم، عداء وخيانة وشر وخطيئة ..
فالعالم الشرير لا يقدم إلا الشر والعالم الخائن لا يقدم إلا الخيانة..
تأتينا الشرور من حيث لا نعلم .. تأتينا الحروب الواحدة تلو الأخرى .. تأتينا الخيانة والنكران من أعز ما نملك من اهلنا ومعارفنا وأصدقائنا.. نخلص لفلان فيطعننا من الخلف، نثق بفلان فيتنكر لنا.. نحب فلاناً فنفاجأ بخيانته … تماماً كما حدث مع المسيح المصلوب..
* قدم العالم للمسيح ثالوثاً جهنمياً، العداء والنكران الخيانة، فماذا قدم المسيح للعالم؟ قدم الصليب … الصليب مع المصلوب…
ومن منا لا يعرف الصليب؟ من منا لم يصادف الصليب؟ من منا لا يكره الصليب؟ من منا لا يمقت الصليب؟ فلماذا قدم لنا المسيح صليباً ؟
صليب هذا المساء ليس وحيداً أيها الأخوة فعليه مصلوب وأي مصلوب..
صليب هذا المساء ليس عارياً أيها الأخوة ، يكسوه مصلوب وأي مصلوب
لإذ لا قيمة للصليب بدون مصلوب
ولا أهميه للصليب بدون مصلوب..
ولا رفعة للصليب بدون مصلوب..
ولا نعمة للصليب بدون مصلوب..
ولا محبة للصليب بدون مصلوب..
الصليب عار والصليب مع المصلوب مجد..
الصليب نقمة والصليب من المصلوب نعمة
الصليب جريمة والصليب من المصلوب فضيلة.
الصليب معيار والصليب من المصلوب فخر واعتزاز .
الصليب شك وكفر والصليب من المصلوب ايمان ورجاء.
الصليب بغض وكراهية والصليب من المصلوب محبة وعطاء
فيا من تعلنون من صليب الفقر والحاجة إليكما بالمصلوب فيغني قلوبكم بمحبة الله ونعمته.
ويا من تعانون من صليب المرض والألم إليكم بالمصلوب فيشفي ويعيد إليكم الراحة والهناء.
ويا من تعانون من صليب الحقد والضغينة إليكم بالمصلوب فيغمر قلوبكم من ينبوع قلبه الإلهي .
ويا من تعانون من صليب الوحدة القاتلة، إليكم بالمصلوب فيغنيكم عن أية تعزية بشرية.
ويا من تعانون من صليب خطيئة، إلي
كم بالمصلوب فيغسل نفوسكم بدمه الثمين.
أيها الأخوة، خلق العالم من جديد في هذا المساء.
فالمسيح المصلوب هو أدم الجديد، ومريم القديسة هي حواء الجديدة.
اليوم تمت المصالحة بين السماء والأرض بين الأله والأنسان.
والمسيح الذي مد ذراعيه لتسمر على الخشبة ما يزال يمدهما ليحتضن الخروف الضال والأبن الشاطر.
لنقبل إليه أيها الأخوة، ولندخل إلى قلبه ، بالندامة والتوبة والمحبة
أجل لنقبل إليه ..لان. يسوع تألم ، وبصليبه انتصرنا
فماذا نريد منه بعد…..؟